خلال شهر رمضان الفائت أطلّ الممثل اللبناني بيار داغر يمن خلال ثلاثة مسلسلات، واحد على المحطات العربية هو «الحسن والحسين»، واثنين على محطتين لبنانيتين: «الغالبون» على قناة «المنار»، و «أوتيل باراديسو» على «تلفزيون لبنان». نبدأ الكلام على دوره في «الغالبون»، الذي حصد نسبة مشاهدين لا بأس بها، لنسأل داغر عن رأيه بالمسلسل أولاً وبأدائه ثانياً، فيجيب: «الذي يكون داخل العمل ثم يشاهد المسلسل لاحقاً، يستطيع أن يرى أكثر نقاط الضعف فيه، وذلك يضايقني، لهذا السبب أدير وجهي أحياناً». وعندما نستفسر إن كانت نقاط الضعف هذه يراها في العمل ككل أو في أدائه؟ يوضح أنّ الأمور متعلقٌ بعضها ببعض، «فحين يكون الممثل تحت ضغط عامل الوقت ويكون مجبراً أن يؤدي 15 مشهداً في اليوم، لن يكون أداؤه بالمستوى نفسه كما لو انه لعب فقط خمسة مشاهد في اليوم». بيار يرى أنّه كان يستطيع أن يقدّم أداء أفضل، لكنّه بشكل عام راضٍ عن نفسه، «كنت أتمنى لو استطعت صقل لغتي العبرية أكثر، فهذه اللغة صعبة جداً وتحتاج الكثير من الوقت، ولا أخفي عنك أنّها كانت بمثابة أشغال شاقة بالنسبة إلي». تبادر إلى مسامعنا أنّ الممثلين الذين تكلّموا باللغة العبرية في مسلسل «الغالبون» كانوا يقرأون نصوصهم، فما هي صحة هذا الكلام؟ يبتسم داغر قائلاً: «أنا أتحدّث عن نفسي وليس عن الآخرين». ويخبرنا أنّه حين عُرِض عليه دور الضابط الإسرائيلي «شلومو»، كان يصوّر فيلماً إيرانياً عنوانه «33 يوماً»، وكان يلعب فيه أيضاً دور كولونيل إسرائيلي، ولاحظ أنّ دور «شلومو» ليس فيه تطورات درامية كثيرة، ولكن رغم ذلك قَبِلَه، لأنّه أراد خوض تحدّي التمثيل باللغة العبرية في عدد مشاهد كبير. أمّا في ما يتعلّق بالنص العبري، فيفصح أنّه اعترض على الحوارات الطويلة، واشترط أن يتم اختصارها كي يبدو الأداء مقنعاً، وهكذا كان، «فاستطعت أن أحفظ معظمها، ولم أضع على ورقة كبيرة أمامي إلاّ بعض الجمل الصعبة، فحاولت قراءتها بشكلٍ لا يظهر فيه أنّني أقرأ». مسلسل «الغالبون» يمكن أن يُعَد، على حد قول بيار، إنجازاً من ناحيتين: ناحية الإنتاج الضخم، وناحية موضوعه، الذي ينتمي إلى بيئةٍ لبنانية حقيقية، «فالدراما اللبنانية ستزدهر كثيراً حين يتأمّن لها الإنتاج الكافي ومواضيع تعكس بيئتنا بعيداً من الأجواء المكسيكية والتركية...». وهل يمكن اعتبار أنّ الدراما عندنا بدأت تحظى بالإنتاج الضخم؟ «هذا المسلسل يمكن اعتبار إنتاجه سياسياً، لذلك آمل أن نشاهد في أقرب وقت مسلسلات لبنانية بإنتاجٍ فني ضخم». كوميدي أول مرة في مسلسل «أوتيل باراديسو» ظهر بيار داغر للمرة الأولى بدور كوميدي بعدما اعتاد عليه الناس في أدوار جدية، فهل استظرف نفسه؟ «وجدت أدائي مقبولاً، فالمسلسل صحيح أنّ فيه بعض الثغرات ولكنّه على الأقل صادق ولا يسخر من عقول الناس». هل وجد نفسه في الأدوار الكوميدية؟ وهل يتمنّى اليوم أن يُعرَض عليه دور كوميدي؟ «أنا أحب الكوميديا، وخاصة تلك الساخرة التي تجيد انتقاد الأمور بذكاء، وأحب أن يُعرَض عليّ هذا النوع من الأدوار، ولكني لا أخفي عنك مدى حذري من هذا الأمر، لأنّي لا أستطيع أن أسلّم نفسي لأي شخص في الأعمال الكوميدية، لأنها دقيقة جداً». ويشير بيار إلى أنّه يحب التنوّع في أدواره التمثيلية، فهو حاول تفادي وضع نفسه في إطار واحد، فلعب أدواراً ميلودرامية وكوميدية في مسلسلات تاريخية وبدوية ومعاصرة في لغات عديدة، مثل العربية والفرنسية والإنكليزية والعبرية، «وكنت على وشك أن ألعب دوراً باللغة الفارسية»! منذ سنين تمكّن بيار داغر من أن يفتح خطّاً في التمثيل مع الدراما السورية والخليجية والإيرانية، فابتعد عن أجواء الدراما اللبنانية. ولا بد من أنّه بات يضع شروطاً عديدة كي يشارك في عملٍ لبناني، فما هي المعايير التي يستند إليها قبل اتخاذ قرار بقبول أو برفض مسلسل لبناني؟ «المعيار الأول الذي أعتمده هو النص، فإن كان ركيكاً وغير محبوك بإتقان لا أسأل حتّى عن الناحية المادية» يوضح بيار، ثمّ يضيف: «يظنّ البعض أنّ أجري صار مرتفعاً جداً، بما أنني أعمل في الخارج بإنتاجات ضخمة، ولكن هذا الأمر غير صحيح، فأنا حين أقتنع تماماً بالدور أقدّم كل التسهيلات الممكنة من قِبَلي كي ألعبه». وهل يعتمد على معايير أخرى، مثل اسم المخرج والمنتج وأسماء أبطال العمل؟ يفصح أنّه قد يوقف مشاركته في عملٍ ما إذا عرف أن مخرجه أو منتجه لا يملك الإمكانات الكافية لتقديم مستوى لائق، «فهناك بعض الأشخاص لا يمكن أن أتعامل معهم، لأنهم ولو أرادوا بصدقٍ تقديم عملٍ جيد، لا يملكون المؤهلات التي تخوّلهم بلوغ هدفهم». في المقابل يعلن بيار أنّ هنالك الكثير من الأشخاص العاملين في حقل الدراما الذين يملكون موهبة فنية لافتة، «لذلك أتمنى في أسرع وقت أن نصل في لبنان إلى المستوى الذي يليق بنا».