أعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو امس ان تركيا ستبدأ الاسبوع المقبل إجراء قضائياً للاعتراض على قانونية الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة. من جانبها، اعربت الولاياتالمتحدة عن املها في ان تبادر اسرائيل وتركيا، وهما من ابرز حلفاء واشنطن، الى تحسين علاقاتهما على رغم الازمة الديبلوماسية الناشئة على خلفية الهجوم الاسرائيلي على الاسطول المتجه الى غزة عام 2010. كما حض الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس البلدين تركيا واسرائيل على تحسين علاقتهما وقبول توصيات تقرير للامم المتحدة في شأن مقتل تسعة اتراك في الهجوم الإسرائيلي على الاسطول. كما اعربت السلطة الفلسطينية عن قلقها من تقرير الاممالمتحدة في شأن حصار غزة. ويأتي ذلك غداة الكشف عن مضمون تقرير للامم المتحدة يعتبر ان الجيش الاسرائيلي استخدم قوة «مفرطة ومبالغاً فيها» ضد اسطول مساعدات انسانية كان يحاول كسر الحصار البحري الاسرائيلي لقطاع غزة، لكن التقرير اعتبر ان الحصار البحري الاسرائيلي على غزة قانوني بنظر القانون الدولي. واستقبلت اسرائيل هذا التقرير بإيجابية مع تسجيلها «تحفظات» على خلاصاته، لكنها رفضت مجدداً الاعتذار. ورداً على ذلك، عمدت تركيا اول من امس الى سلسلة تدابير عقابية، بينها طرد السفير الاسرائيلي في انقرة، وتعليق الاتفاقات العسكرية، وإحالة قضية حصار غزة على محكمة العدل الدولية لتنظر في «مشروعيته». داود أوغلو ونقلت وكالة انباء الاناضول عن داود اوغلو قوله في مقابلة مع شبكة «تي آر تي» التركية الاخبارية ان أنقرة ستتقدم بطلب امام محكمة العدل الدولية في لاهاي خلال الاسبوع المقبل، مضيفا ان «الامر ليس قضية بين تركيا واسرائيل، انه قضية بين اسرائيل والمجتمع الدولي والقانون الدولي والضمير العالمي». وحذر ايضا من ان موقف السلطات الاسرائيلية سيؤدي الى اثارة استياء القوى السياسية الجديدة الناشئة من «الربيع العربي»، وقال: «اذا استمرت اسرائيل على مواقفها الحالية، فإنها تكون تعمل على إثارة شعور قوي مناهض لها لدى من يقاتلون أنظمتهم التسلطية في حركة الربيع العربي». والتقدم من محكمة العدل الدولية هو أحد خمسة اجراءات للرد على اسرائيل كانت اعلنتها انقرة الجمعة لفرض عقوبات مقابل رفض الدولة العبرية تقديم اعتذارها على مقتل الاتراك التسعة في الهجوم. وكانت الادارة الاميركية اوضحت اول من امس انها تواصل درس تقرير الاممالمتحدة، الا انها لم تعلق على مضمون التقرير. وذكرت الناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند في بيان، ان «الولاياتالمتحدة ترتبط بعلاقة صداقة قديمة إنْ مع اسرائيل او مع تركيا»، مضيفة: «نأسف لانهما عجزتا عن التوصل الى اتفاق على تدابير كانت لتحل خلافهما قبل نشر التقرير»، كما «نأسف بشدة للخسائر في الارواح وللإصابات». وتابعت: «نأمل في ان يواصل (البلدان) البحث عن طريقة لتحسين علاقتهما القديمة، وسنشجع الطرفين على المضي قدماً في هذا الاتجاه». الاممالمتحدة من جانبه، قال مون إن العلاقات القوية بين تركيا واسرائيل اللتين تتقاسم كلاهما حدوداً مع سورية، مهمة للشرق الاوسط ومستقبل عملية السلام. وأضاف للصحافيين في كانبيرا بعد محادثات مع رئيسة وزراء استراليا جوليا غيلارد: «آمل بصدق ان تحسن اسرائيل وتركيا علاقاتهما. كلا البلدين دولة مهمة للغاية في المنطقة. علاقاتهما المحسنة والطبيعية ستكون مهمة جداً في معالجة كل المواقف في الشرق الاوسط بما في ذلك عملية السلام بالشرق الاوسط». وتابع أنه لن يعلق على الامور المحددة التي وردت في التقرير الذي أعدته لجنة يرأسها جيفري بالمر رئيس وزراء نيوزيلندا سابقاً، وقال: «رغبتي فقط هي ضرورة ان يحاولوا تحسين علاقتهما وان يبذلا كل ما في وسعهما لتنفيذ توصيات تقرير هذه اللجنة». قلق فلسطيني وعلى الجانب الفلسطيني، عبّرت السلطة امس عن قلقها من اعتبار حصار غزة امراً قانونياً، وقال رئيس الوزراء سلام فياض في بيان: «بالرغم من أننا لم نطَّلع بعد على نص التقرير، الا أن احتمال إشارته الى أن الحصار الاسرائيلي على القطاع قانوني أمر مستهجن ويشجع اسرائيل على مواصلة الانتهاكات لحقوق شعبنا الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة». وأضاف: «أي تشريع للحصار يتناقض مع ما تجمع عليه هذه المؤسسات وتعتبره السببَ الاساس لمعاناة أبناء شعبنا الفلسطيني في القطاع». وناشد «المجتمع الدولي، خصوصاً الاممالمتحدة، أخذ كل الاجراءات اللازمة لإنهاء هذا الحصار الظالم لتتمكن سلطتنا الوطنية من القيام بواجبها تجاه أهلنا في القطاع من اعادة اعمار وتنمية وبناء المؤسسات». كما انتقد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ليل الجمعة-السبت تقرير الاممالمتحدة، وقال لوكالة «فرانس برس» انه «سياسي ولم يستند الى القانون الدولي، بل يخالفه، لأن قطاع غزة لا يزال تحت سلطة الاحتلال الاسرائيلي». وشدد على ان «التقرير أخذ منحًى سياسياً وليس قانونياً حسب القانون الدولي، لكن هذا لا يغير من حقيقة ان ما تمارسه اسرائيل من إغلاق وحصار وقتل يومي ضد مليون ونصف المليون انسان في قطاع غزة يخالف القانون الدولي واتفاقية لاهاي لعام 1907». الجامعة العربية من جانبه، انتقد الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح تقرير الأممالمتحدة، وقال انه «لم يحالفه الصواب وهو منحاز ويسيء إلى سمعة الأممالمتحدة ويشجع العدوان والحرب ويمكن أن تتخذه إسرائيل ذريعة لاستمرار حصار غزة». وأوضح أن فرض الحصار يجب أن يصدر بقرار من مجلس الأمن، واصفاً هذا التقرير بأنه مخالف للقانون الدولي، وكل من وقع على هذا التقرير سيتحمل المسؤولية. ولفت إلى أن حصار غزة والتعرض للسفن الحاملة لمواد الإغاثة، سواء كانت تركية أو غير تركية، انتهاك صارخ لقوانين البحار وحرية الملاحة. وحضّ جميع منظمات حقوق الإنسان في العالم على العمل لرفع الحصار عن قطاع غزة. وقال إن الجامعة والدول العربية وكل الدول المنصفة في العالم ترفض هذا التقرير المنحاز، مشيداً بقرار تركيا طرد السفير الإسرائيلي لديها. وقال إن «إسرائيل هاجمت السفن التركية في المياه الدولية، وهو عدوان على سيادة تركيا، ومن حقها أن ترد بالشكل الذي تراه مناسباً، خصوصاً أنها أعطت فرصة لإسرائيل ولم تطلب سوى الاعتذار، لكن إسرائيل واصلت سلوكها وتعاملت بصفاقة مع السفير التركي في إسرائيل».