مع انعقاد اجتماع باريس اليوم ل «أصدقاء ليبيا» المخصص لمساعدة هذا البلد، بعد انتهاء الحرب الأهلية فيها وإنهاء حكم العقيد معمر القذافي الذي استمر 42 سنة، تُقدر تكاليف إعادة الإعمار بحوالى 500 بليون دولار. ليصل حجم التكاليف التي تحملتها ثلاث دول عربية، هي الكويت والعراق وليبيا، دُمرت بنياتها التحتية واقتصاداتها وخدماتها وقطاعات النفط فيها بفعل الحروب إلى حوالى 2.5 تريليون دولار. ومن المتوقع أن تحضر اجتماع باريس وفود من نحو ستين دولة لمواكبة السلطات الانتقالية الليبية ومساعدتها في مسيرة إعادة الإعمار وترسيخ الديموقراطية. ووفق هيئات مستقلة، بينها «معهد واشنطن» والبنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار، قد تراوح كلفة إعادة الإعمار والبناء والتأهيل في ليبيا بين 250 و500 بليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة يحتاج منها القطاع النفطي وحده إلى مبلغ 25 بليوناً، وفق حسن تاتاناكي رئيس شركة الحفر «تشالنجر ليميتد» لإعادة تأهيله ورفع الطاقة الإنتاجية إلى مليوني برميل يومياً من 1.6 مليون برميل قبل الحرب ومن نحو 100 ألف برميل حالياً. وتحتاج ليبيا، اضافة إلى بناء قطاعاتها الصحية والتربوية وشبكات الاتصالات والمواصلات والمرافئ والمصارف، إلى إعادة تأسيس جيشها وقواتها الأمنية، للسيطرة على مجموع البلاد البالغة مساحتها 1.8 مليون كلم مربع وطول شواطئها نحو 1.9 مليون كلم وسكانها حوالى سبعة ملايين نسمة، خصوصاً مع الأخطار التي تهددها من مختلف الأطراف والدول المجاورة في ظل عدم الاستقرار في شمال أفريقيا. وستتحمل الحكومات الليبية المقبلة كلفة الإنفاق على عائلات المتضررين بالحرب الذين قدر عدد القتلى منهم بنحو 50 ألف شخص اضافة إلى اكثر من 100 ألف جريح ومثلهم ممن شردوا. كما ستضطر الحكومات الليبية إلى تعويض من خسروا أموالهم وأعمالهم خلال العمليات الحربية. ويصل حجم الموجودات الخارجية الليبية إلى حوالى 160 بليون دولار. ولا احد يعرف حجم الأموال التي كانت في خزينة الدولة أو الاحتياط الذهبي في البلاد، إذ قد تكون عائلة القذافي نهبته أثناء العمليات العسكرية والفرار. ولن تتحمل الحكومة الليبية مبلغ النصف تريليون دولار وحدها إذ يُُقدر أن تلجأ إلى فتح اقتصادها أمام المستثمرين الأجانب الذين يمكن أن يضخوا ما قد يصل إلى 250 بليون دولار فيها إذا استطاعت حكومة ما بعد الثورة بسط الاستقرار في البلاد وتوحيدها في دولة مستقلة. وفي العام 2003 قدر البنك الدولي كلفة إعادة إعمار العراق بما يراوح بين 84 و500 بليون دولار لكن دراسة أصدرتها جامعة ييل الأميركية أفادت أن الكلفة ستصل إلى 1.6 تريليون بين 2003 و2013، ما يعني خسارة كبرى للاقتصاد العراقي وأرباحاً اكبر لاقتصادات الدول المساهمة في جهود إعادة اعماره. وكانت شركات النفط الدولية الكبرى الأولى بدأت ضخ استثمارات في العراق عبر عقود تشغيل الحقول النفطية. ولم يستطع العراق حتى الآن اجتذاب رؤوس أموال كبيرة للاستثمار في بناه التحتية بسبب عدم الاستقرار السياسي والعسكري فيه وبسبب الفساد المسيطر في إداراته والمحاصصة السائدة بين الأحزاب. وعجزت الحكومة حتى الآن عن بناء ميناء مطل على الخليج على رغم حيويته في أي عمليات لزيادة صادرات النفط ورفعها إلى نحو 10 ملايين برميل يومياً كما هو مستهدف في نهاية العقد الجاري. وكانت حكومة الكويت تحملت نحو 80 بليون دولار كلفة إعادة إعمار القطاع النفطي بعدما أشعلت القوات العراقية، المنسحبة تحت ضغوط التحالف الدولي في العام 1991، النار في حقول النفط الكويتية، كما قالت وزارة المال فيها. وقدر مكتب «الشال» للاستشارات الاقتصادية الكلفة النهائية لإعادة إعمار البلاد اثر الغزو العراقي بأكثر من 400 بليون دولار تشمل ما تحملته الحكومة لإعادة الكويتيين، الذين هجرهم صدام حسين، إلى البلاد وإعادة ما هدمته الحرب وبناء الجيش الكويتي وتسليحه ودفع التعويضات للمتضررين وتحسين البنى التحتية وتحديثها ودفع تعويضات للعرب والأجانب الذين تركوها اثر الغزو. وكانت الكويت طلبت تعويضات من العراق تصل إلى 170 بليون دولار قبضت منها 39 بليوناً فقط.