اكتشِف أول حقل نفطي في ليبيا عام 1956 وكانت الشركات النفطية الأميركية من أولى الشركات التي حصلت على حقوق الامتياز في إنتاج النفط الليبي الخفيف وتصديره، تلتها الشركات الأوروبية مثل «بي بي» البريطانية و «رويال داتش شل» الهولندية - البريطانية و «توتال» الفرنسية و «إيني» الإيطالية. وحصلت الشركات الأميركية المستقلة للمرة الأولى على امتيازات وحصص كبيرة في البحث والتنقيب، تنافست عليها الشركات المعروفة ب «الأخوات السبع» في تاريخ الصناعة النفطية، ومنها «أوكسيدنتال» و «كونوكو فيليبس». ولا تزال هذه الشركات تعمل هناك وفي صورة مستمرة كشركات مستقلة أو كأجزاء من شركات نفطية كبرى. ويعتبَر النفط الليبي من النوع الممتاز والمطلوب في الأسواق النفطية العالمية لجودته فهو خفيف ويحتوي على نسبة قليلة من الكبريت ويسمّى «النفط الحلو». وتعتبَر الأسواق الأوروبية الأقرب جغرافياً وتمثّل أكثر من 70 في المئة من الأسواق الآمنة والواعدة لليبيا. وبلغ معدل الإنتاج اليومي للنفط الخام في ليبيا في فترة من الفترات نحو ثلاثة ملايين برميل ويتوقَّع أن يعود إنتاج ليبيا إلى معدلة السابق البالغ 1.7 مليون برميل يومياً إذا استتب الأمن في هذه الدولة النفطية. ويبلغ إجمالي احتياط النفط الليبي نحو 40 بليون برميل. ومع وجود احتياط كبير من النفط يضع ليبيا في المرتبة الرابعة بين الدول العربية، إضافة إلى وفور مالية تقدَّر بما بين 150 بليون دولار و200 بليون، مؤكداً أن دول التحالف الأوروبي - الأميركي تتطلع إلى الحصول على حصص كبيرة من «الكعكة» أو «الحلاوة» مع ميزات نتيجة لمشاركتها الفاعلة في التخلص من نظام العقيد معمر القذافي. وثمة حاجة ملحة عند هذه الدول إلى فرص عمل واستثمار لتسويق منتجاتها وبضائعها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها، تحفزها للدخول في مشاريع إعادة الإعمار وفي مجالات البنية التحتية كبناء منشآت النفط والطاقة والماء والكهرباء، وتعبيد الطرق، وتشييد المدارس والمستشفيات. ومؤكداً أن هذه الدول تضع نصب أعينها الوفور المالية وما في باطن الأرض من نفط وغاز. وستسارع شركات هذه الدول إلى المشاركة في إعادة تأهيل الصناعة النفطية في ليبيا والإسراع في زيادة إنتاج النفط الليبي لضمان استمرارية التدفق المالي وضمان بقاء أعمالها ومشاريعها. لكن الأهم هو الاستقرار السياسي والأمني لضمان سلامة السرعة في إعادة إعمار ليبيا وإلا سيكون الوضع مثلما هو الآن في العراق الذي يعاني صعوبات وتأخيرات في تنفيذ مشاريع حيوية. ويصعب القول إن دولاً مثل فرنسا أو بريطانيا ستحصل على نصيب الأسد أو نسب تفضيلية مقارنة ببقية الشركات العالمية التي ستدخل في تنافس شديد مثلما حدث في العراق حيث خسرت معظم الشركات الأميركية وفازت شركات نفطية بريطانية وفرنسية وروسية وصينية. وستدخل الشركات النفطية العالمية والمحلية في مزادات، ومن يدفع أكثر سيكون هو الفائز أمام الملأ وعلى شاشات التلفزيون، فهذا سيكون نمط الدولة الديموقراطية الجديدة. إن حجم «الكعكة الليبية كبير، والدول التي دخلت أولاً المعركة سيكون لها نصيب أكبر من البقية. ولا يعني هذا أبداً أن روسيا والصين لن يكون لهما نصيب في النهاية، فهما من الدول الكبرى، وللصين اقتصاد ناشئ يصعب تجاهله وغيره من الاقتصادات الناشئة في الأجل البعيد. ويصعب كذلك إلغاء العقود النفطية من طرف واحد ومن المتوقع أن تلتزم الحكومة الليبية بالاتفاقات القائمة كلها. وفي الوقت ذاته يجب تذكر الدور التركي وفرص فوز الشركات التجارية التركية في مشاريع إعادة الإعمار في هذه البلاد الغنية بثرواتها الطبيعية والمادية والمالية. وسيكون للدول العربية أيضاً نصيب في تشغيل اليد العاملة بأنواعها كلها، خصوصاً المدرسيين والمهندسين والأطباء، لكن في النهاية سيكون نصيبها الأقل مقارنة بالبقية وليس ببلايين الدولارات. ومع ذلك ثمة رضا عام لتغير النظام وشم الليبيين رائحة الديموقراطية. * كاتب متخصص في شؤون النفط - الكويت