يومان أو ثلاثة ويأتي العيد، والعيد معناه الاحتفال بالفرح، سرور النفس وبهجتها بإكمال صيامها وتقربها إلى الله وبتجدد آمالها وأحلامها المستقبلية، لكن العيد يأتي هذا العام مختلف عن كل عام ، يأتي والعالم العربي كله مهموم بقضاياه العالقة منذ عقود لم تفكك فيها عقدها المحبوكة والمقيدة بفعل الأنظمة الجاثمة على حكمها وعلى إنسانها بالظلم والاستبداد والسيطرة التي أدت إلى حرمانه من حرياته وحقوقه في سبل الحياة الكريمة وتوفر أبسطها من استقرار، وطمأنينة، وأمن، وتوظيف، وعمل. لاشك أن العيد في كل من تونس، ومصر، يأتي هذا العام ممزوجاً بطعم الحرية التي طالما حلموا بها، وكانت حلماً يبدو مستحيلاً لولا قوة الإرادة، وقوة التصميم على التحرر من آليات الحكم الجائر، المتمثل في النظام الفردي باسم الرئيس وباسم زبانيته المحتكرة للسلطة والمتفردة بقرارها، والمتلاعبة بمصائر الناس وأحوالهم، أصبح المواطن الآن يعيش عيد الفرحة باقتلاع النظام وعيد الأمل الذي يترقب قدومه بوطن ديمقراطي يتعايش فيه الجميع بكل طوائفه ومذاهبه في حضن سلام حقيقي، وعدالة المساواة بين المواطنين في كل الحقوق والواجبات، وبالتأكيد من صنع الثورة يستطيع أن يحقق الإنجاز ببعد النظر وحسن التخطيط، أما ليبيا التي هي الآن على مشارف أبواب الحرية بعد أن أصبحت نهاية العقيد وشيكة الحدوث ونتمنى أن تكون هذه النهاية قبل العيد ليتمكن الشعب الليبي من تذوق طعم الانتصار، وطعم الحرية، ليصبح عيدهم عيدين. أما في اليمن وسورية فسيبقى الشعب يردد مع المتنبي قوله المشهور: «عيد بأية حال عدت يا عيد»، وربما تتخلص اليمن قريباً من نظامها، لكن الوضع في سورية لا يبشر بالخير؛ فرئيسها وعلى كل المستويات أثبت للعالم كله أنه ليس مجرم حرب فقط بقدر ما هو مجرم في حق الإنسانية وفي حق شعبه الأعزل الذي تُحصد أرواحه كل يوم، لم يراع حرمة النفوس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، ولم يراع حتى حرمة المساجد بضربها وقتل من فيها، لم يترك شاباً ولا طفلاً لا شيخاً ولا امرأة إلا وأنشب فيها أظافره المتوحشة بكل ما تعنيه كلمة وحشية، بل حتى الحيوانات المتوحشة في الغابة لا تفعل ما يفعله هذا النظام الدموي المغتر بصولته وقواته التي تمص دماء الشعب امتصاصاً حقيقياً لا استنزافاً بل استهدافاً مدرعاً بكل آليات الإبادة تسانده من الخلف إيران صاحبة الطموح في السيطرة على البلدان العربية واسترجاع الإمبراطورية الفارسية، وحزب الله المأجور في المشاركة في سفك الدماء البريئة التي مارسها في لبنان بالاغتيال وتصفية الخصوم ويمارسها في سورية بالممارسة والصمت والتغاضي عن المجازر المستباحة في حق السوريين الأبرياء، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم يطالبون بحرياتهم وحقوقهم المشروعة التي المغتصبة من بشار وزمرته الباغية، التي ينتظر العالم موعد سقوطها الحتمي. لا أعرف لماذا يطالب المجتمع الدولي بالإصلاح من بشار الأسد وهو أصلاً بؤرة الخلل، وبؤرة الفساد، وبؤرة القتل والتدمير، ثم كيف يمكن له أن يحكم هذا الشعب بعد أن أباد مواطنيه؟ وبأي وجه سيواجه هذا الشعب؟ ثم بأي وجه سيقابل الله بعد هذا الجرم وما قبله وما هي أعذاره؟ هل سيعتذر ب»الشبيحة» الذين هم من صنع يده؟ أم سيعتذر بنظرية المؤامرة الخارجية، عفواً الداخلية التي هي من تخطيطه وتنفيذه ضد شعبه؟ بشار الأسد لا تجدي معه العقوبات، ولا تجدي معه المطالبات بالتنحي، ولا تجدي معه المناورات، فهو أكبر مناور يراهن على الدماء البريئة وعلى العالم أن يستخدم معه طريقة تتناسب مع وسائله المكشوفة. [email protected]