خرج ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سري عن صمته، وطالب الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، والأخيرة ب «ضبط النفس». كما عبر عن قلقه من احتمال انهيار التهدئة تماماً وعودة دوامة العنف واتساع دائرتها، قائلاً إن «التهدئة الجديدة في غزة وإسرائيل في خطر في ضوء التصعيد أخيراً». وكان سري توصل بالشراكة مع مصر إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لوضع حد للتصعيد الذي بدأ الخميس الماضي بعد اغتيال قوات الاحتلال خمسة من قادة لجان المقاومة الشعبية، من بينهم أمينها العام كمال النيرب وقائدها العسكري عماد حماد بعد قليل على عملية ايلات التي لم تتبنها أي جهة حتى الآن. وبدأ سريان التهدئة الهشة ليل الأحد - الاثنين، إلا أن إسرائيل أعلنت أنها «ستواصل عمليات الاغتيال المركزة» حتى في ظل التهدئة، لتتحول المعادلة من «هدنة في مقابل تهدئة» إلى «تهدئة في مقابل القتل». وعلى رغم أن سري لم يحّمل أياً من الطرفين المسؤولية عن خرق التهدئة واستمرار التصعيد، إلا أن السفير المصري لدى السلطة ياسر عثمان حمّل إسرائيل هذه المسؤولية. وطالب سري في بيان وصلت نسخة منه إلى «الحياة» ب «وقف الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة»، على أن «يمارس الجيش الإسرائيلي أقصى درجات ضبط النفس من أجل الحفاظ على حياة المدنيين والهدوء»، كما طالب الأطراف كافة ب «اتخاذ خطوات فورية وسريعة لمنع أي تصعيد جديد». وقالت مصادر مقربة منه انه يشعر بالغضب من خرق التهدئة، وأنه فضل إصدار تصريح علني بدلاً من العودة إلى إجراء اتصالات جديدة لتثبيت التهدئة. وحمّل السفير عثمان إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن التصعيد الجاري» في القطاع الآن، ودعا عثمان إسرائيل إلى «وقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة فوراً حتى تستجيب الفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق الصواريخ». وشدد على أن «مصر تبذل جهوداً مكثفة مع الأطراف كافة لتثبيت التهدئة انطلاقاً من الحرص على الحقوق الفلسطينية». وأشار إلى أن «قناة الحوار مستمرة بين مصر وإسرائيل من أجل وقف العدوان الإسرائيلي اليومي على قطاع غزة، ووقف الوتيرة التي تتبعها إسرائيل كونها تحافظ على وتيرة معينة في عدوانها اليومي، ومصر تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إنهاء العدوان لتثبيت التهدئة». وعلى رغم المحاولات المصرية لتثبيت التهدئة، إلا أنه كان لحركة «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» رأي آخر، إذ شددت الحركة على أنها لن تقبل معادلة القتل في مقابل عدم الرد، وأن التزامها الوحيد هو الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني، والرد على أي عدوان بغض النظر عن التهدئة. ودعا الناطق باسم «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، الذراع العسكرية ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» الملقب ب «أبو جمال» فصائل المقاومة إلى «إعادة النظر في التهدئة مع الاحتلال الصهيوني المجرم وتوجيه أشد الضربات له». وجدد موقف الكتائب بأنها «لم تكن في أي فترة سابقة أو حالية ولن تكون في المستقبل طرفاً في أي تهدئة مزعومة مع هذا الاحتلال المجرم». واعتبر أن «هذا التصعيد الصهيوني المتواصل والغاشم والغادر على أبناء شعبنا ومقاومينا، يؤكد صوابية موقفنا برفض أي تهدئة مع هذا العدو المجرم الذي يستغلها للانقضاض على أبناء شعبنا ومقاومينا». وتوعد «أبو جمال» بأن «لا تمر هذه الجرائم والمجازر الصهيونية المتواصلة من دون عقاب»، معتبراً أن «الوحدة الميدانية لكل الأذرع العسكرية ستعزز هذه القدرة»، في إشارة إلى «حماس» التي لم تشارك في الرد، بل عمدت إلى الطلب من الفصائل التزام التهدئة «حفاظاً على المصلحة الوطنية». ميدانياً، انتشلت قوات الدفاع المدني عصر أمس ثلاث جثث لشهداء سقطوا في قصف إسرائيلي لنفق للتهريب في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع. وقال الناطق باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ أدهم أبو سلمية إن الشهداء هم عماد أبو حرب (23 سنة)، ومحمد رجاء السباخي (19 سنة)، ومحمد طافش، وهم من مخيم الشابورة للاجئين في المدينة. وباستشهادهم يرتفع عدد الشهداء خلال ال 24 ساعة الماضية إلى سبعة، والجرحى إلى نحو 35 آخرين. وكانت طائرات حربية شنت ليل الأربعاء - الخميس سلسلة غارات على مبان مدنية وأنفاق. وقصفت طائرة نادياً رياضياً في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، ما أسفر عن استشهاد الشابين سلامة المصري (17 سنة)، وعلاء عدنان الجخبير (22 سنة)، وإصابة أكثر من 20 آخرين، من بينهم 7 أطفال وأربع نساء. وسبق ذلك، استشهاد عطية مقاط (20 سنة) وإصابة آخر في عملية اغتيال بصاروخ من طائرة استطلاع. وأوضحت مصادر طبية أن مقاط وصل إلى مستشفى الشفاء عبارة عن أشلاء مقطعة. ونعته «سرايا القدس»، الذراع العسكرية ل «الجهاد»، وقالت إنه أحد عناصرها، متوعدة بالرد على اغتياله. كما عثر طاقم طبي على جثمان الشهيد إسماعيل أموم (65 سنة) بعد ساعات على استشهاده في قصف مدفعي تعرض له صباح الأربعاء شرق مخيم البريج للاجئين وسط القطاع. وردت «سرايا القدس» و«أبو علي مصطفى» بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية وبلدات. وقالت مصادر إسرائيلية إن أكثر من 16 صاروخاً وقذيفة سقطت في محيط مدينتي بئر السبع «عسقلان» وبلدة «أوفوكيم» والمجلس الإقليمي «أشكول». وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن صاروخ «غراد» سقط على منزل قرب ساحل عسقلان، ما أدى إلى إصابة طفل بجروح طفيفة، فيما أصيب عدد من الإسرائيليين نتيجة سقوط صاروخ مماثل. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إن القبة الحديد اعترضت أحد الصواريخ في بئر السبع، فيما سمعت أصوات صفارات الإنذار في مناطق مختلفة في جنوب الدولة العبرية.