أبرزت مجلة ساينس الأميركية الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لتعزيز قطاع العلوم والتقنية، مشيرة إلى أن هذا القطاع الراسخ يتمتع بمواطن قوة في مجالات بحثية عدة. وأوضحت مجلة ساينس واسعة الانتشار في عددها الأخير أن المملكة العربية السعودية تمضي قدماً بدعم من خادم الحرمين الشريفين في جهودها المكثفة الموجهة، نحو التركيز على العلوم والمشاريع البحثية، لافتة الاهتمام إلى تنامي الشراكة المنعقدة بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والرابطة الأميركية لتقدم العلوم لتشمل مجالات جديدة مهمة. وقالت إن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهي وكالة العلوم السعودية الوطنية، بادرت بخطة طموحة للبحث والتعليم، تهدف إلى أن تصبح المملكة العربية السعودية قوة بحثية عالمية بحلول عام 2025، وكان من مكونات هذه الخطة، أن استعانت المدينة ببرنامج القدرة التنافسية البحثية لدى الرابطة الأميركية لتقدم العلوم، لمساعدتها على تشكيل منافسة للحصول على منح بحثية قائمة على المعايير الدولية والصارمة وآلية حازمة مستقلة لتحكيم الأبحاث. ونقلت ساينس الأميركية تصريحاً لنائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد، قال فيه: «قررنا منذ البداية أنه يجب الارتقاء بمستوى البحث العلمي إلى درجة مرتفعة لتعويد باحثينا على المنافسات المحتدمة وآليات التقويم القوية. وقد وقع اختيارنا على الرابطة الأميركية لتقدم العلوم لما تتمتع به من خبرة فضلاً عن كونها منظمة علمية رائدة، وقد أجرت آليات تقويم من هذا القبيل في الولاياتالمتحدة وأماكن أخرى. وهي في رأينا المنظمة المناسبة لكي نعمل معها». وأوضحت المجلة أن علاقة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرابطة الأميركية لتقدم العلوم تعكس طموحات المملكة العظيمة في العلوم، والتقدير الدولي المتنامي لمشروعها، وتعاونت مع شركات ضخمة وجامعات رائدة وأبرز الباحثين في العالم، كما قامت المملكة بإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وهي مركز علمي بحثي مزود بأرقى وأحدث الوسائل العصرية، ليكون محركاً دافعاً للابتكار. وتطرقت إلى تأسيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عام 1977، ومصادقة مجلس الوزراء على السياسة الوطنية للعلوم والتقنية في عام 2002، قبل أن تتبنى المدينة خطتها الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار عام 2007 التي تسعى القيادة السعودية من خلالها إلى الاستثمارات والشراكات والمبادرات الرامية لتطوير قدرات الشعب السعودي، من أجل تحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد قائم على المعرفة، إذ تتناول الخطة الوطنية أكثر من 12 مجالاً من مجالات البحث والتقنية المتقدمة، بدءاً من تحلية المياه إلى الطاقة الشمسية والتقنية المتناهية الصغر (تقنية النانو) وحتى التقنية الحيوية وعلوم الفضاء. وذكرت مجلة ساينس الأميركية أن دور برنامج القدرة التنافسية البحثية الخاص بالرابطة الأميركية لتقدم العلوم، في المملكة العربية السعودية، يعد امتداداً طبيعياً لعمله في 30 ولاية أميركية وعدة دول أجنبية منذ 1996، إذ يجمع فرقاً من العلماء والمهندسين وصناع السياسة والمبتكرين، قبل أن يتيح لعملاء البرنامج، تحكيم الخبراء للأبحاث والتوجيه، والإرشاد في مجال التخطيط الاستراتيجي والبنية التحتية البحثية والتطوير الاقتصادي القائم على التقنية ومجالات أخرى ذات صلة. ونقلت عن إدوارد ديريك، الرئيس السابق لبرنامج القدرة التنافسية البحثية، والمدير الراهن لمركز برامج العلوم والسياسة والمجتمع لدى الرابطة الأميركية لتقدم العلوم قوله: «إن شراكة المدينة والرابطة تعود لعام 2008، إذ قام مسؤول إداري نافذ سابق في جامعة ميشيغان، كان على علاقة وثيقة برواد العلوم السعودية الذين كانوا آنذاك مبادرين بتفعيل خطتهم، وكان أيضاً على اطلاع بعمل الرابطة الأميركية لتقدم العلوم في ولاية ميشيغان، بتنظيم اجتماع بين الطرفين. وأضاف ديريك: «كانوا قد قرروا تخصيص هذه الاستثمارات في المشاريع البحثية، وكانوا بحاجة لآلية لاستقبال هذه المقترحات البحثية وإجراء تحكيم خارجي بأسلوب غير متحيز»، مضيفاً: «وهذا ما نستطيع القيام به». يذكر أن المنح البحثية تصل قيمة كل منها إلى حوالى 500 الف دولار أميركي وفق النظام الذي وضعته المدينة، وقد وصلت الدفعة الأولى من المقترحات البحثية، التي اشتملت إجمالي 200 مقترح بحثي، إلى الرابطة في خريف عام 2008. وبحلول عامين منذ ذلك الحين، كان فريق ديريك قد طرح 1000 مقترح بحثي من أكثر من 12 جامعة سعودية لعملية التحكيم، وقد تلقت الرابطة في الخريف الماضي 300 مقترح إضافي، ومن ثم 500 مقترح آخر في الربيع الماضي، وعلى رغم كون العديد من مقترحات المرحلة الأولى جديرة بالتمويل، على حد قول ديريك، إلا أن المقترحات باتت اليوم أكثر تميزاً وتطوراً. وقد استعانت المدينة العام الماضي بالرابطة الأميركية لتقدم العلوم لتقويم مرافق البرنامج الرئيسية لدى المملكة، سعياً من المملكة لإيجاد سبل لتحقيق الاتساق بين مكونات برنامجها من خلال جمع مختلف التخصصات ودعم المتاجرة بالاكتشافات وتعزيز الكفاءة. ووافقت الرابطة الأميركية لتقدم العلوم على إدارة تحكيم النظراء للمقترحات البحثية لحساب جمعية سعودية تقوم بدراسة مرض الزهايمر. أما الخطوة التالية بالنسبة للمدينة، من وجهة نظر مدير البرنامج مارك ميلوتينوفتش، فربما تنطوي على قيام المدينة بتقويم ما تنجزه هذه المنح، وثمة مباحثات جارية بشأن الدور الذي يمكن أن تضطلع به الرابطة الأميركية لتقدم العلوم في هذا الصدد. واختتمت المجلة تقريرها بوجهة نظر الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد من أن هذا التعاون أسفر عن نتائج جلية، موضحاً: «بلغنا مستوى معيناً من الجودة يقدره الجميع، يساعد في تعزيز القدرة البحثية التي تتميز بها المملكة العربية السعودية، ونحن راغبون في الحفاظ على هذه العلاقة وتعزيز سبل التعاون».