طهران، أنقرة، موسكو – «الحياة»، أ ف ب - أعربت روسيا عن «دهشتها» أمس، بعدما باشرت إيران مقاضاتها أمام محكمة دولية لإرغامها على تنفيذ صفقة لتسليم طهران أنظمة صواريخ من طراز «أس-300» المضادة للطائرات. لكنها أبدت ثقتها بفشل مسعى طهران، معتبرة أن العقوبات الدولية «أنهكتها في شكل كامل». في غضون ذلك، اعتقلت السلطات التركية سائحَين إيرانيَين ومرافقهما التركي، في محافظة إغضر شرق البلاد، وذلك بتهمة التجسس والحصول على «وثائق سرية تمس الأمن القومي» التركي، لتسليمها إلى دولة أجنبية. وأفادت التحقيقات بأن الايرانيَين محمد رضا عثمان جيل وسيهاران سيرغام خويي، التقطا صوراً لمبانٍ حكومية تركية في إغضر، بينها مبنى المحافظة والمحاكم المدنية وفرع الاستخبارات. وبعد تحقيق أولي مع الموقوفين الثلاثة، قررت المحكمة اتهامهم بالتجسس وحبسهم على ذمة القضية. وأفيد بأن اعتقال هؤلاء نفذه مواطنون أتراك، بعد اشتباههم في تحركاتهم وتصرفاتهم، وسلموهم الى الشرطة. وأتى توقيفهم بعدما شنّ هاشمي شاهرودي، الرئيس السابق للقضاء في إيران، هجوماً على تركيا، إذ اتهمها ب»استغلال أحداث المنطقة للترويج لإسلام ليبيرالي»، فيما قال رجل الدين الإيراني ناصر مكارم شيرازي: «لم نتوقع أن تستجيب تركيا قوى الاستكبار، وتضع نفسها بتصرفها في شكل كامل». «نهاية» صفقة؟ على صعيد صفقة «أس-300»، قال الناطق باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش: «نية شركائنا الإيرانيين مقاضاة روسيا، تثير دهشتنا، نظراً إلى العلاقات الودية بين البلدين. نؤثر فضّ النزاعات من خلال حوار مباشر مع إيران». وشدد على أن صفقة تسليم طهران تلك الصواريخ، والمبرمة عام 2007 بكلفة 800 مليون دولار، «انتهت العام الماضي بالنسبة إلى روسيا»، بعدما أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 1929 بفرض عقوبات على إيران، وبعد مرسوم من الرئيس ديمتري مدفيديف بإلغاء العقد، استجابة للقرار 1929 الذي يحظر تصدير السلاح والعتاد العسكري إلى إيران. وكان السفير الإيراني في موسكو محمود رضا سجادي أعلن لجوء بلاده إلى التحكيم الدولي لرفض روسيا تسليمها صواريخ «أس-30»، مشيراً إلى أن طهران «رفعت الدعوى ليمنح قرار المحكمة روسيا مسوّغاً قانونياً لتنفيذ العقد المبرم». وانتقد شركة «غازبروم» الروسية، لتأخرها في إنجاز عقود مبرمة عام 2009 لتطوير حقول نفطية إيرانية، معتبراً أن ذلك «أضرّ بمصالح الشعب الإيراني». وقال: «الشركات الروسية كبّدتنا خسائر ضخمة». لكن أناتولي إيسايكن، مدير شركة «روس أوبورون إكسبورت» التي تدير صادرات السلاح الروسي، أعلن أن استئناف المحادثات مع إيران لتنفيذ صفقة الصواريخ غير ممكن، إلا عندما يرفع مجلس الأمن حظره على بيعها سلاحاً. ونقلت صحيفة «فيدوموستي» الروسية عن مصدر قريب من الشركة، تأكيده فسخ العقد وإعادة مبلغ 166 مليون دولار سدّدته طهران مقدماً. وقال: «لذلك لا يمكن أن تنجح إيران في مقاضاة روسيا». إلى ذلك، اعتبر لوكاشيفيتش أن العقوبات الدولية على إيران «أنهكتها في شكل كامل، والضغط عليها استنفد إمكاناته». وتطرّق إلى اقتراح موسكو تسوية الملف النووي لطهران، من خلال سياسة «الخطوة خطوة»، قائلاً: «عرضنا على الإيرانيين حلولاً روسية، وليس موقفاً اتفقت عليه الدول الست (المعنية بالملف النووي الإيراني)، ونعوّل على أن تهتم إيران بها وتردّ عليها». في الإطار ذاته، جدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ترحيبه باقتراح موسكو، قائلاً لقناة «المنار» التابعة ل «حزب الله» اللبناني: «نحن أصدقاء روسيا. نرحّب، لكن حدودنا هي حقوقنا الأساسية واستقلالنا».