قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس تشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت خلال قمع النظام السوري الانتفاضة الشعبية المطالبة بإنهاء حكم الرئيس بشار الأسد، فيما أعلن معارضون «مجلساً وطنياً» لتنسيق جهود المعارضة في الداخل والخارج. وأسفرت الحملة الأمنية أمس عن اعتقال مئات في دير الزور ومقتل خمسة في ريف حماة، فيما قام السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة إلى مدينة جاسم في جنوب البلاد. وأصدر الرئيس السوري أمس مرسوماً تشريعياً يتضمن قانون الإدارة المحلية بعد يوم على تشكيل لجنة لشؤون الأحزاب، ضمن سلسلة قرارات «إصلاحية». وأبدى مجلس حقوق الإنسان أمس رغبته في «وضع نظام الأسد أمام مسؤولياته» من خلال قراره إرسال لجنة تحقيق «في شكل عاجل» إلى سورية، لتحديد الوقائع والظروف التي أدت إلى الانتهاكات «وكشف مرتكبيها للتأكد» من إمكان محاسبتهم على أفعالهم. ووافق المجلس بغالبية 33 صوتاً مقابل اعتراض 4 أصوات وامتناع 9 أعضاء، على قرار «يدين في شدة الانتهاكات المستمرة الخطيرة والمنهجية مثل الإعدام التعسفي والاستخدام المفرط للقوة والقتل واضطهاد المحتجين والمدافعين عن حقوق الإنسان» في سورية. ويطلب القرار الذي صاغته الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية الأربع في المجلس، السعودية والأردن وقطر والكويت، من السلطات السورية «التعاون كلياً مع لجنة التحقيق» التي يفترض أن ترفع تقريرها قبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل إلى الأمين العام للأمم المتحدة والهيئات المختصة. ورأت مندوبة الولاياتالمتحدة في المجلس ايلين دوناهوي أن القرار يدل على أن «هناك توافقاً متنامياً في المجتمع الدولي على أن نظام الأسد فقد شرعيته»، فيما اعتبرت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس أن القرار «وسع الإدانة الدولية ضد النظام السوري في شكل أكبر وأكثر اتحاداً». وشددت على أن الهجمات في سورية ضد المتظاهرين بعد زيارة وفد الأممالمتحدة الإنساني «يجب أن توحد العالم ضد القمع الوقح للنظام». وأكدت أن واشنطن ستتابع التحرك في مجلس الأمن لزيادة الضغط على النظام. ودعت دمشق الى السماح لبعثة تقصي الحقائق بتنفيذ مهمتها. إلا أن روسيا والصين وكوبا أعربت عن أسفها من جهتها لفشل المشاورات من أجل التوصل إلى توافق. وقال مندوب روسيا إن القرار ليس متوازناً ولا يأخذ في الاعتبار الخطوة الايجابية التي اتخذتها الحكومة السورية لاستقرار البلاد ورغبتها في الحوار»، في حين اعتبر المندوب الصيني أن اعتماد المجلس لهذا القرار «لن يؤدي سوى إلى تعقيد الوضع». وشدد مندوب سورية فيصل خباز الحموي على أن القرار «دوافعه سياسية 100 في المئة». وأضاف أن سورية ستسمح بزيارة بعثة المفوضية العليا «عندما ينتهي التحقيق السوري المستقل». وكانت الدول الغربية الاعضاء في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال) استعدت أمس لتقديم مشروع قرار الى المجلس يتضمن عقوبات على سورية، وعقدت الدول الخمس الدائمة العضوية اجتماعاً بعد الظهر لمناقشة مسودة القرار الذي وصفته مصادر غربية بأنه «قوي جداً». واوضحت مصادر ديبلوماسية في نيويورك ان القرار لا يشمل عقوبات اقتصادية قد تضر بالمواطنين السوريين، بل عقوبات على افراد بمن فيهم مسؤولون في النظام السوري، وحظراً لتوريد السلاح إلى سورية وعقوبات اخرى ذات طابع «أمني»، إضافة إلى إحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية. وأضافت ان الدول الغربية تحركت بعد حادث اطلاق القوات السورية النار على متظاهرين في حمص اثناء زيارة بعثة انسانية تابعة للامم المتحدة للمدينة. وقالت: «انهم (السوريون) لا يأخذون الاممالمتحدة على محمل الجد، وحان الوقت لتبني قرار ذي اسنان». إلى ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي تبنيه رسمياً أمس حزمة جديدة من العقوبات ضد سورية تنص على تجميد الأرصدة ومنع الحصول على تأشيرات دخول بحق 15 شخصاً إضافياً و5 شركات مقربة من النظام ستُنشر أسماؤهم اليوم، لكنه لم يصل إلى قرار بعد في شأن فرض حظر نفطي. وقال ديبلوماسي إن «المحادثات تتقدم بشكل جيد» في شأن هذه النقطة. وفي اسطنبول، أعلنت شخصيات من المعارضة السورية أمس في ختام اجتماعات استمرت اربعة أيام أنها شكلت «مجلساً وطنياً» يهدف إلى تنسيق تحركها ضد نظام دمشق. وقال المعارض احمد رمضان خلال مؤتمر صحافي: «سقط لنا شهداء وبعضنا أصيب... لكن هذه الجهود والتضحيات سمحت بالتوصل إلى وحدة». وشدد المشاركون في الاجتماعات على أن المجلس الذي تم تشكيله يضم ممثلين من كل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج، في ما بدا رداً على الانتقادات التي وجهتها مجموعات معارضة في سورية لتشكيل المجلس. واعتبر البيان الختامي الذي تم تبنيه في ختام المناقشات أن «وحدة كل مجموعات المعارضة تشكل ضرورة رغم الأخطار... ومؤسسو هذا المجلس ينتمون إلى اتجاهات سياسية متعارضة». وأشار الناشط المقيم في الولاياتالمتحدة لؤي صافي إلى أن «المجلس سيجتمع في غضون أسبوعين بهدف انتخاب أعضاء قيادته وأمينه العام». وقال المحامي ياسر طبارة المقيم في الولاياتالمتحدة أيضاً: «يمكنكم اعتبار هذا المجلس بمثابة مرحلة نحو تشكيل هيئة تمثيلية للثورة».