تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس، قراراً يدعو مرة أخرى الحكومة السورية الى وقف انتهاكات حقوق الإنسان ويحض نظام الرئيس بشار الاسد على السماح للأمم المتحدة وللوكالات الإنسانية ب «الدخول بلا عوائق» الى البلاد. ويدين القرار «بشدة الانتهاكات المستمرة الواسعة والمنهجية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية من قبل السلطات السورية». وقامت الدول ال47 الاعضاء في مجلس حقوق الانسان، بطلب من روسيا، بالتصويت على مشروع القرار الذي تم تبنيه بتأييد 37 صوتاً ومعارضة ثلاثة (الصين وروسيا وكوبا) وامتناع ثلاث دول، هي الإكوادور والهند والفيليبين. وهي المرة الرابعة التي يدين فيها مجلس حقوق الإنسان انتهاكات حقوق الانسان من قبل النظام السوري. وسبق ان نظم ثلاث جلسات خاصة اخرى حول سورية منذ بدء قمع الحركة الاحتجاجية في آذار (مارس) 2011، التي قالت الاممالمتحدة إنها أدت الى مقتل اكثر من 7500 شخص. وقاطع المندوب السوري النقاش في المجلس بشان وضع حقوق الانسان في بلاده اول من امس. وقال المندوب التركي اوغوز ديميرالب، إنه «بتبني هذا القرار، فقد وقف المجلس مرة اخرى الى جانب الضحايا». اما المندوب الروسي فلاديمير زيغلوف، فقال إن «هذا القرار المطروح أمامنا هو مثال آخر على النهج السياسي المنحاز الذي يضغط بعض الدول لإصداره ضد سورية»، موضحاً ان النص ليس «متوازناً»، لانه «يلقي بكل المسؤولية على الحكومة السورية ولا يقترح إشارات بناءة حتمية لإيجاد حل سياسي ودبلوماسي للأزمة». واكتفى المندوب الصيني من جهته بالقول إنه يشاطر موسكو وجهات نظرها. وكانت الصين وروسيا استخدمتا حق النقض ضد مشروعي قرار يدينان سورية الشهر الماضي. وقالت السفيرة الاميركية ايلين تشامبرلاين دوناهوي، إن تبني القرار يبعث برسالة إلى نظام الأسد «بأنهم أصبحوا معزولين، وأن المجتمع الدولي موحد». وقالت: «إن القرار ربما يرسل رسالة أكثر أهمية إلى الدول الثلاث التي صوتت ضد القرار بأنها تصبح أكثر عزلة». وأضافت أن «المجتمع الدولي يعتبر الأزمة الإنسانية سببها الانتهاكات المنهجية لحقوق الانسان من قبل حكومة الاسد، ولهذا السبب فإن الجميع يتّحدون... ليقولوا إنه يجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية فوراً». وقال دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس: «هناك غالبية معنوية وسياسية تندد بتصرفات النظام السوري. ومن المستحسن ان يسمع نظام دمشق هذه الرسالة القوية والتي تحظى باجماع». والقرار الذي يحمل عنوان «انتهاكات تتزايد خطورة لحقوق الانسان وتفاقم الوضع الانساني في سورية»، كانت عرضته في مطلع الاسبوع قطر وتركيا ثم وقّعته حوالى 60 دولة بينها دول غير اعضاء في المجلس. ويدعو القرار النظام السوري إلى السماح «بالدخول الحر ومن دون عائق للأمم المتحدة والوكالات الإنسانية للقيام بتقييم كامل لاحتياجات حمص ومناطق أخرى». وهذا الأمر من شانه أيضاً ان «يتيح للوكالات الإنسانية تسليم مواد ذات احتياجات أولية وتقديم خدمات لكل المدنيين المتضررين من جراء العنف، لا سيما في حمص ودرعا والزبداني ومناطق اخرى محاصرة من قبل قوات الامن السورية». ويؤكد القرار «ضرورة تلبية الاحتياجات الانسانية للشعب بشكل عاجل»، ويندد «بعدم وصول المواد الغذائية والأدوية الاساسية والمحروقات، وكذلك التهديدات وأعمال العنف التي تطاول الطواقم الطبية والمرضى والمنشآت» الصحية. وكانت دمشق رفضت اول من امس، السماحَ لمسؤولة الشؤون الانسانية في الأممالمتحدة فاليري اموس بالدخول الى سورية لتقييم الازمة المتفاقمة في البلاد. الا ان وزارة الخارجية السورية أعلنت امس استعدادها «للتشاور حول موعد» لزيارة آموس. ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن الناطق باسم وزارة الخارجية والمغتربين جهاد مقدسي، أن «وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، طلبت القدوم في موعد لم يكن مناسباً لنا، ومستعدون لمتابعة التشاور معها حول موعد مناسب للطرفين لبدء الزيارة». وأوضح مقدسي أن الوزارة «اطلعت بكل أسف على الادعاءات التي جاءت في بيان صحفي أصدرته آموس... من أن سورية رفضت استقبالها والتعاون مع مهمتها». واوضح ان الوزارة «تود أن توضح في هذا المجال أنها كانت قد رحبت بزيارة آموس واستقبالها في دمشق واستعدادها لمناقشة مهمتها والتعاون معها، على أن يتم الاتفاق على موعد مناسب للطرفين لزيارتها، لكن فوجئنا بوصولها إلى المنطقة وطلبها القدوم إلى سورية في موعد لم يكن مناسباً لنا». وتابع: «لوضع الأمور في نصابها، فإن الجانب السوري على استعداد لمتابعة التشاور مع آموس حول الموعد المناسب للطرفين لبدء زيارتها إلى دمشق». في موازاة ذلك، نقلت وكالة ايتار تاس الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية جينادي جاتيلوف، قوله في جنيف امس إن بلاده تأمل في أن تسمح الحكومة السورية بدخول آموس «في أقرب وقت».