في وقت تتفشى الاضطرابات الاجتماعية في أوساط أقلية الإيغور بالصين، يبدو أن علاقات الحكومة الصينية الوطيدة مع حليفتها باكستان بدأت تتدهور. فالسلطات الصينية في محافظة شينغيانغ أعلنت أنها ألقت القبض على انفصاليين إيغور تلقوا في باكستان تدريبات عسكرية. وأحرجت التهمة هذه باكستان لتزامن صدورها مع زيارة قائد الاستخبارات الباكستانية، الجنرال أحمد جوبا باشا، بكين للبحث في توطيد الدعم الصيني لمواجهة الضغط الأميركي المتعاظم على إسلام آباد. والحق أن الصين بذلت الكثير لمساعدة الدولة الباكستانية، فهي مولت عمليات نقل الصواريخ والتكنولوجيا النووية. وتوسلت بكين قضية إقليم كشمير للتصدي للهند، ونشرت وحدات من «جيش التحرير الشعبي» في الجانب الذي تحتله باكستان من كشمير. فالصين لم تتستر على سعيها في توسل حلفها مع باكستان للتضييق على الهند. ولكن تهمة باكستان بدعم الإرهاب الإيغوري، ولو ساق التهمة مسؤولون محليون صينيون عوض كبار المسؤولين، تظهر انزعاج بكين من عجز إسلام آباد عن ضبط حركة الانفصاليين الإيغور على الحدود المشتركة. والصين لا تواجه حرباً بالوكالة على أراضيها أو تدخلاً أجنبياً بل تمرد أقليات منها الإيغور الصينيون على المستوطنين الهان. وتقطف الصين اليوم ثمار سياسة مصادرة هويات الأقليات وثقافتها ولغاتها وحرمانها من عائدات موارد مناطقها الطبيعية. وهي ثمار مرّة. ففي 2008، اندلعت ثورة في التيبيت، وتمرد الإيغور في 2009، ونظمت إتنية المغول في عمق منغوليا حركة احتجاجات واسعة. فاستراتيجية الاستيطان السكانية والاقتصادية انقلبت على الصين. وسقط عشرات القتلى في إقليم شينغيانغ جراء الاشتباكات بين الإيغور والهان. ومنذ ضُم إقليم شينجيانغ الى الصين قبل 6 عقود، نزح ملايين الهان الصينيين إليه (الإقليم هذا). فتفاقم التنافس الإتني على الأرض والمياه، وتعاظم نزاع السيطرة على موارد الطاقة الكبيرة. وفي عهد امبراطورية المينغ (1369 – 1644)، شيّد سور الصين العظيم لرسم حدود امبراطورية الهان السياسية. ولكن مساحة الصين اليوم تفوق ثلاثة أضعاف مساحتها في عهد المينغ. فتوسع الهان اليوم بلغ ذروته. ولكن عاصمة شينجيانغ الثقافية، كشغر، هي أقرب الى بغداد منها الى بكين. والمسافة بين لاسا، عاصمة التيبيت، وبكين هي ضعف المسافة بينها (بين لاسا) ونيودلهي. وتبلغ مساحة مناطق الأقليات الاتنية بالصين 60 في المئة من مساحة جمهورية الصين الشعبية. والاضطرابات الاجتماعية تتعاظم على وقع اضطراد نمو الناتج المحلي الصيني. فمناطق الأقليات هي كعب أخيل بكين. *أستاذ دراسات استراتيجية، عن موقع «بروجيكت سانديكايت» الدولي، 8/8/2011، إعداد منال نحاس