يظهر قمع بكين قوم الايغور في محافظة شينغيانغ، شأن قمعها سكان التيبيت قبل أشهر، أن عصبية قوم الهان الصينيين ايديولوجية تبعث الاضطراب والنزاع في الصين، وتعجز عن ارساء السلام والاستقرار. وأعمال العنف في أورمتشي هي الاعنف في مناطق الشمال الغربي الصيني منذ أعوام. وأعلنت وسائل الاعلام الصينية الرسمية خبر انفجار الاضطرابات بعد 12 ساعة على اندلاعها. واضطرت الى اذاعة الخبر اثر تسرب معلومات عن اشتباكات بين متظاهرين ايغور وبين الشرطة الى مواقع الشبكة الالكترونية. ولم تخرج تفاصيل الاضطرابات الى العلن بَعد. وأغلب الظن أن تكون حصيلة الضحايا من المدنيين الاكبر منذ عشرين عاماً. وبدأت تظاهرات الاحتجاج في اقليم شينغيانغ، غداة حادثة وقعت في مصنع جنوب الصين، قتل فيها اثنان من الايغور في عراك مع صينيين من عرق الهان. وعلى ما حصل في التيبيت قبل 18 شهراً، أجج رد الشرطة الصينية، العنيف والمسلح، وقمعها المتظاهرين الايغور الاضطرابات. فهاجم الايغور ممتلكات الهان. ومرد الاضطرابات في شينغيانغ الى وطأة سياسة توطين الهان في الاقليم، والى شعور المسلمين الايغور أن السلطات الصينية تسيء معاملتهم. وشكوى الايغور شبيهة بشكوى التيبيتيين. ووقعت الاضطرابات الاخيرة في مرحلة حساسة. فالصين تُعد للاحتفال بمرور 60 عاماً على الانتصار الشيوعي في 1949. ويرغب الحزب الشيوعي في عرض صورة بلد مستقر ومزدهر وموحد وراء قيادة الحزب. ولكن الانتفاضتين في التيبيت وشينغيانغ، هما صورة عن حكم استعماري مستبد يصادر حقوق أقليتين في حرية التعبير وحرية تقرير المصير. وفي الحالين، لجأت السلطات الصينية الى العنف في قمع الاحتجاجات، قمعاً عنيفاً، والى نشر الشرطة والجيش، وقطع الاتصالات الهاتفية والانترنتية، وتوقيف من تشتبه في تعاطفه مع الانفصاليين، والقاء لائمة المشكلات على جهات خارجية، سواء كانت الدالاي لاما أو ربيعة قدير، رئيسة حركة «مؤتمر الايغور العالمي». وتعاني السلطات الصينية مشكلات في إحكام قبضتها على الاقاليم، بينما هي تدعو الى الانفتاح الاقتصادي. ويصيب رقابة حزب السلطة على وسائل الاعلام ضعف ظاهر. فهي مضطرة الى بث الاخبار وقت حدوثها، ومنافسة مصادر المعلومات الجديدة على الانترنت، خشية فقدان صدقيتها وجمهورها. وإثر زلزال سيشوان، بادرت وكالة «شينخوا»، وكالة الانباء الرسمية، الى نقل أخبار القتلى والاضرار والحوادث من دون انتظار اذن الجهات الرسمية. وتطعن انتفاضة الايغور في شرعية ايديولوجيا قومية الهان التي ينفخ الحزب الحاكم فيها، علّها تشد عرى وحدة الصين بعد انفراط اللحمة الشيوعية. وتزعم هذه الايديولوجيا اقناع الاقليات الاثنية بأنهم جزء من عائلة اثنية واحدة، حين هي تمحو التنوع الانساني الثقافي الصيني. وانتفاضة الايغور حركة اعتراض على هيمنة الهان فوق ما هي حركة تمرد على سلطة الحزب الشيوعي. وأغلب الظن ألا تبادر الصين الى اقرار حقوق الاقليات، على رغم توالي الاضطرابات القومية. * عن افتتاحية «تايمز» البريطانية، 7/7/2009، اعداد منال نحاس