على رغم أن قضية قيادة المرأة السيارة توصف بأنها «قضية كل المواسم» عند الكثيرين، إلا أن شهر رمضان شهد نشاطاً ملحوظاً للنساء والرجال الداعمين لأمر القيادة، عبر إطلاق مبادرتين في مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، ومن خلال ممارسة القيادة من فتيات سعوديات في بعض المدن خصوصاً منطقتي جدة والدمام، إذ أكدت العديد من السعوديات أن وجهات نظر العديد من الرافضين لقيادة المرأة باتوا الآن في صفهن. الزميلة الإعلامية تهاني الجهني، تشير إلى أن العديد من السعوديات أصبحن يقُدن سيارتهن في المدن دون تعرضهن للمضايقة أو الإيقاف، كاشفة أنها قادت سيارتها في مدينة جدة أكثر من مرة ولم يعترضها احد «على رغم مرور سيارات رجال الأمن من جانبها». واعتبرت الجهني في حديث ل«الحياة»، أن الوقت حان للمرأة السعودية أن تقود السيارة بنفسها، وألا يبقى قرار السماح لهن بالقيادة حبيساً لدى وجهات نظر متشددة، خصوصاً أن العديد من فئات المجتمع السعودي، رجالاً ونساءً، باتوا على قناعة ووعي كبير في حق المرأة بالقيادة، داعية إلى «إصدار قانون واضح في حال إن كان ذلك الحق قاصراً على الرجال فقط». وأوضحت الجهني، التي وضعت شعار حملة «من حقي أسوق» مرافقاً لصورتها على موقع تويتر، أن المبادرات التي تطلق على شبكات التواصل الاجتماعي جاءت للتوعية بأهمية منح المرأة حقها في القيادة مثل حملة «من حقي أسوق»، إذ إن لها الحق في القيادة أولاً قبل أي مبرر آخر، كونها مواطنة يجب أن تتمتع بكل الحقوق. من جهتها، قالت منال الشريف (احدى السعوديات اللاتي قدن السيارة في مدينتي الخبر والدمام)، إن العديد من معارضي قيادة المرأة السيارة أصبحوا اليوم يقفون في صف المؤيدين للقيادة، بعد أن أدركوا حق المرأة في ذلك، موضحة أن «كثيرين تجاوزوا صدمة البدايات خصوصاً من الذين يتملكهم الخوف والفزع من كل جديد»، موضحة أن «معارضي القيادة في البداية كانوا يعارضوننا بشدة، حيث كانت تصلنا رسائل على الايميل ترفض ذلك بلهجة حادة، ولكن هناك من تراجع عن معارضته، وأصبح مؤيداً». وضربت مثلاً بأحدهم، من الذين شاركوا في حملة «العقال» (الحملة التي هددت النساء في حال قيادتهن بالضرب بالعقال)، أنه تراجع بعد أن أوضحنا له أن كل الحجج التي كان يستند عليها المعارضون هي فرضيات وحجج ضعيفة، خصوصاً أنه «لا يوجد قانون يمنع قيادة المرأة، كما أن هناك العديد من المشايخ والدعاة أيدوا أمر القيادة»، مبينة أن «عدداً من السيدات لهن تواصل مع رجال الدين لتبادل الآراء حول مسائل قيادة المرأة وتقريب وجهات النظر». وأوضحت الشريف في حديث ل«الحياة»، أن عدداً من السعوديات والسعوديين أطلقوا مبادرتين لتوعية المجتمع بحق القيادة للنساء على مواقع التواصل الاجتماعي، المبادرة الأولى نسائية بعنوان: «من حقي أسوق»، والأخرى رجالية بعنوان: «أنا رجل مؤيد»، لتسليط الضوء على بعض المفاهيم الخاطئة حول القيادة، والتوعية بأضرار وجود السائقين الاجتماعية والأمنية والسلوكية والاقتصادية، كما أن هناك خطوات عملية على أرض الواقع من خلال تدريب بعض النساء على القيادة، مبينة: «أننا من خلال مبادرتنا نشجع الرجل أن يعطي المقود لزوجته أو ابنته أو أمه أو أخته ليعلمها القيادة حتى تستطيع التعامل مع السيارة في أوقات الطوارئ» موضحة: «أننا وضعنا شرطاً للانضمام للعمل التطوعي في مبادرتنا أن تتعلم المتطوعة القيادة وتعلم غيرها»، واصفة تجارب العديد من السيدات اللاتي قدن سيارتهن في المدن ب«العمل الايجابي». في الإطار ذاته، أطلق عبدالمحسن العجمي (أحد مؤيدي قيادة المرأة) مبادرة على موقع الفيس بوك تحمل عنوان «أنا رجل مؤيد... الشباب السعودي ليسوا ذئاباً بشرية»، لينضم لها نحو 730 شخصاً. ويقول يزيد عبدالعزيز الحربي (أحد أعضاء المبادرة)، إن من «أسباب مشاركته في مبادرة (أنا رجل مؤيد)، لإعطاء المرأة حقها أولاً»، مبيناً أن من أسباب دعمه لقيادة المرأة «تعود لشؤون اقتصادية، حيث إن قيادتها السيارة فيها نفع لبعض الأسر، من ناحية توفير المال الذي يصرفونه للسائق المتعاقد معه أو التاكسي، ومن الناحية الأخرى توفير فرص عمل للسعوديات من خلال إصدار رخص السيارات وغيرها من الفرص التي ستوفرها قيادة المرأة». ورفض الحربي في حديث ل«الحياة»، الأسلوب الذي يتبعه بعض المعارضين للقيادة، حين يصفون الشباب السعودي ب«الذئاب البشرية أو يسعون خلف شهوات جنسية»، متسائلاً: «كيف نقول عن شبابنا هذه الصفات وهم معرفون ب«فزعتهم» مع المرأة في جميع الأحوال، فتربية السعوديين تفرض احترام ومساعدة المرأة ضد أي شخص يحاول مضايقتها، وهنا يمكن التذكير بشباب حائل حينما أنقذوا المرأة وزوجها، وكذلك شباب جدة الذي عملوا متطوعين نهاراً وليلاً، وأنقذوا العديد من الفتيات«، معتبراً أن «حدوث أمر التحرشات أو المضايقات إن حدث سيكون على نطاق ضيق جداً، كما يمكن استحداث تشريعات صارمة تردع أي شخص يحاول مضايقة النساء». وحول رفض المجتمع للقيادة، يشير أعضاء المبادرة محمد الشهري، إلى أن «المجتمع سبق أن رفض مدارس البنات، ورفض اللاقط الفضائي، ورفض جوال الكاميرا، لأن طبيعته رفض كل جديد، لذلك فأمر رفض قيادة المرأة أمر طبيعي في البداية، لكن يجب ألا يستمر أمر الرفض طويلاً»، موضحاً ل«الحياة»، أن «المضايقات التي ربما يتحدث عنها البعض في حال قادت المرأة من الشباب لن تحدث للفتاة لمجرد أنها فتاة، فهناك شباب يتصيدون أنواعاً معينة منهن، ولكن النساء المحترمات هن من يفرضن احترام أنفسهن في أي مكان وزمان»، مضيفاً: «الرافضون للقيادة سيعلمون في النهاية ومع مرور الوقت أن قيادتها السيارة أفضل وأرحم وأستر لكرامتها من الركوب مع رجل غريب عنها».