بقيت أمس، المواقف السياسية عالقة بين تمني إنجاز الاستحقاق الرئاسي وبين التحذير من تداعيات ما يدور في المنطقة على لبنان، ووصف وزير الصحة وائل أبو فاعور لقاءه أخيراً زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري (في الدار البيضاء) بأنه «كان ممتازاً والعلاقة بين رئيس اللقاء الديموقراطي النيابي وليد جنبلاط والرئيس الحريري كما في كل المراحل جيدة وراسخة، وإذا ما تباينا فذلك من موقع الاحترام والصداقة والشراكة، ونقدر للحريري كل الجهود من أجل إخراج الحكومة من عنق الزجاجة، كما نقدر كل الجهود الكبيرة لإخراج رئاسة الجمهورية من المأزق الذي تعلق فيه، ونحن والرئيسان الحريري ونبيه بري والبطريرك (بشارة) الراعي وكل القوى السياسية سنستمر بالعمل للوصول إلى ما يحفظ الرئاسة والمؤسسات والدولة». وقال أبو فاعور: «آن الأوان لهذا الرقص فوق حافة الهاوية أن يتوقف، وآن الأوان قبل أن تأتينا صدمات أخرى كصدمة داعش أن نسلك المسار الصحيح في الملف الإرهابي، وآن الأوان لتجاوز الخيارات الحادة والوصول إلى رئيس توافقي، ولهذا كان لكتلتنا مرشح نعتقد أنه يستوفي كل الشروط، ونأمل بأن ينال قبول كل الفرقاء». وأمل ب «أن تكون الرياح السياسية مواتية لتنصرف الدولة بكل وزاراتها ومؤسساتها، إلى الاهتمام بمصالح المواطنين، وتدركون أن محطات الرصد السياسية لا تزال مشوشة، في ظل استمرار الشغور ورياح التعطيل وكادر سياسي لا يزال بعضه ينأى عن مصلحة وطنية ومصالح المواطنين، على رغم إنذارات لا تخفى على أحد، بعواصف تتخطى حدود القلق، لتضرب في المنطقة حروباً نعرف متى بدأت ومن الصعب معرفة متى تنتهي وكيف». ودعا «القوى السياسية إلى رصد الخطر وإدراكه والانخراط في تسوية تبعد لبنان عن خطوط النار، التي يبدو أنها تستبق رسم خطوط دويلات الفتن والمذاهب». لتسيير اعمال الدولة وطمأن وزير العدل أشرف ريفي من طرابلس إلى «عدم الخوف من تداعيات التطورات التي تحيط بلبنان»، آملاً من كل اللبنانيين «أن يكونوا على قدر المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة»، لكنه نبه إلى أن «أي تقاعس يعرض لبنان لانتكاسة كبيرة». وقال: «منذ ثلاثة أشهر ننعم بهدوء واستقرار وإنتاج على مستوى مجلس الوزراء، سنستمر في هذه الطريقة وفي هذا التوجه، لا خوف، كرجل أمني، من المستقبل القريب والبعيد، أعتقد أن الجميع أخذ درساً مما جرى». وأضاف قائلاً: «كان من المفترض انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، احتراماً للدستور ولحياتنا السياسية والعيش المشترك، واليوم وصلنا إلى ما وصلنا إليه، علينا جميعاً العمل والسعي الجدي للإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وبالمقابل علينا أيضاً واجب تسيير أعمال الدولة في مجلس النواب والحكومة. في المجلس النيابي ثمة رأي دستوري يقول إن المجلس يتحول فور شغور موقع الرئاسة إلى هيئة ناخبة فقط، وثمة رأي آخر يقول إن على النواب إقرار المشاريع الملحة للمواطنين، ونحن من هذا الرأي، وعبر عن موقفنا بهذا الخصوص الرئيس فؤاد السنيورة، أما في مجلس الوزراء فثمة إرادة إيجابية من الوزراء كافة، ولكن بصراحة أقول حتى الساعة لم نتوصل إلى وضع المنهجية المطلوبة لترجمة التفويض المعطى لمجلس الوزراء عند شغور مركز رئاسة الجمهورية، ونأمل في الجلسة المقبلة بوضع آلية عملية بعد التوافق عليها من الأطراف كافة». وجدد تأييد «إقرار سلسلة الرتب والرواتب من دون إرباك الوضعين الاقتصادي والمالي». وقال وزير السياحة ميشال فرعون إنه «لن تكون فرحة كاملة إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ونأمل بأن ينجز هذا الاستحقاق بأقرب وقت ممكن، ونستغل المناعة الموجودة اليوم على رغم بعض المشاكل السياسية الموجودة في الجسر الوطني، لكي نستطيع إنجاح موسم السياحة في طرابلس وفي كل لبنان». وتمنى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية علي بزي أن يكون الأسبوع الحالي «أسبوعاً حاسماً لإقرار سلسلة الرتب والرواتب»، داعياً النواب المقاطعين للجلسات إلى «تحمل مسؤولياتهم في هذا الإطار، وخصوصاً أن الجهود التي بذلت لإنجاز الامتحانات الرسمية عززت شبكة الأمان التربوية والاجتماعية، ما يستدعي من النواب تحملاً للمسؤولية لإنجاز السلسلة». ودعا بزي جميع القوى السياسية إلى «قراءة موضوعية لما يجري في المنطقة من سورية إلى العراق واليمن»، مشدداً على «ضرورة استحضار كل عناوين الوحدة وتقديم مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح والعمل بجدية مطلقة لإنجاز الحلول وعدم التفنن في صناعة الأزمات». وسأل عن «المصلحة في تعطيل المؤسسات الدستورية في البلد وفي مقدمها المؤسسة التشريعية»، قائلاً: «هل سر تعطيل جلسات التشريع يكمن في طربوش ما». واعتبر عضو الكتلة أيوب حميد «أن الخطر الإرهابي والتكفيري لن يستثني أحداً، لأن هذه الجرثومة كسرت الحدود لتتجاوز كل وطن ولتصيب كل الأوطان، حتى أن الذين اصطنعوا هذه الظاهرة باتوا اليوم يحذرون من تفشيها ومن أخطارها». وقال: «كنا من دعاة الحوار والوحدة بين اللبنانيين، لذلك كنا في وقت الانقطاع بين أطياف الواقع اللبناني نقطة الوصل والالتقاء، لأننا في ظل احتفاظنا بثوابتنا لم نفرط بأي طيف من أطياف الوطن، ولا بأي توجه يحفظ لبنان واللبنانيين، وبهذا الاتجاه كانت طاولة الحوار إبان مرحلة سابقة واستمررنا في السعي لتكون طاولة الحوار فرصة للتلاقي حتى لا يكون الحوار في الشارع». وقال حميد: «لبنان وطننا النهائي، ونحرص على كل المكونات فيه، ولا نريد أن يستشعر بعضهم بمهانة أو بضعف في هذا الوطن، لكن في الوقت نفسه الذي نحرص فيه على الاستحقاق الرئاسي، نحرص أيضاً على كل المؤسسات، ولا يجوز إطلاقاً أن تغيب بقية المؤسسات عن القيام بدورها، أكان المؤسسة الأم التشريعية أم المؤسسة التنفيذية التي تدير أمور الناس وتحرص على شؤونهم، سمعنا بعضهم يريد للمؤسسات أن تعمل بما يسمى بالقطعة والاختيار ويعطل المسار الطبيعي الذي يجب أن تسير به الأمور قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، كيف يعقل أن يكون هناك التقاء على نقاط معينة ليكون التشريع حولها؟ كيف يمكن أن نعطل هذه المؤسسة وكيف يمكن للحكومة أن تستمر في عملها الدستوري من دون رقابة وحساب والتوازن قائم والتعاون يجب أن يكون دائماً بين السلطات جميعاً». ورأى أن «هذه الانتقائية اليوم لا يمكن أن تستقيم ولا يمكن القبول بمثل هذا المسار وهذه العقلية بالتعاطي، أكان مع الحكومة أم مع المؤسسة التشريعية، وننذر بأن الاستحقاق المقبل قد لا يكون في موعده من خلال ما نشهده من ممارسات، من هذه الزاوية نجدد حرصنا على استقرارنا الداخلي». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية نضال طعمة إن «في ظل التطورات الدراماتيكية على الساحة العربية، وفورة داعش المفاجئة في العراق، لا بد من تحديد أولويات حماية البلد من المخاطر التي تلوح في الأفق. فالخطورة الحقيقية تكمن في تحول التيارات المتطرفة إلى حال وجدانية تشكل في ذهن هذا الجيل المخرج الوحيد من الأزمات المتعاقبة، في ظل غياب الدولة وخططها ورعايتها. ما يهدد الاستقرار في البلد ويضرب سلم القيم، ويفرض واقعاً غريباً عن هويتنا الروحية الغنية والمنفتحة». وشدد على «أن انتخاب رئيس للجمهورية يشكل قمة الهرم في تلك الأولويات، ليستقيم عمل المؤسسات، ولا بد للمعطلين من أن يعيدوا حساباتهم. وإذا كانوا اتهمونا من خلال ترشيحنا للدكتور جعجع باستفزازهم، نقول لهم أولاً ما ذنبنا إذا كانت الخيارات الواضحة تستفزكم؟ ثم إن الرجل أظهر كل مرونة وأعلن صراحة استعداده لطرح أسماء أخرى. فماذا كانت النتيجة؟» وقال: «راحوا يسوقون لإجراء الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وكأن قرارهم الضمني الإبقاء على الوضع كما هو. فالقفز من ملف إلى آخر، يولد أجواء ضبابية هدفها تمييع القصص. لذلك نرجو من الفريق الآخر الوضوح، ومصارحة اللبنانيين بنواياه الحقيقية ليبنى على الشيء مقتضاه». ورأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي وليد خوري «أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى توافق على رئيس جديد للجمهورية وإذا تعذر ذلك فالمطلوب إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون جديد على أن يتم بعدها انتخاب الرئيس». وأمل ب «أن تنتج الاتصالات واللقاءات الخارجية اتفاقاً على رئيس جديد للجمهورية»، مثمناً التحرك الذي يقوم به البطريرك الراعي، وشدد على «أن يد التكتل ممدودة للجميع»، معتبراً «أن حظوظ العماد ميشال عون في الوصول إلى قصر بعبدا مرتفعة جداً، لأنه الوحيد الذي يمكنه فتح قنوات تواصل مع الأفرقاء كافة». وأكد «أن التواصل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل قائم، وعون لا يستجدي الحريري ليصل إلى سدة الرئاسة». «حزب الله»: ما يحصل في العراق يعني الجميع ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «ما حصل في العراق نموذج لما كان سيحصل في لبنان لو بقي التكفيريون على حدود لبنانالشرقية»، قائلاً: «كان يراد أن ينطلق التكفيريون من حدود لبنان مع سورية إلى البقاع»، مضيفاً أن «ما يحصل في العراق يعني كل الأمة، وهو مؤشر إلى الطبيعة العدوانية الحاقدة للتكفيريين». ورأى أن «الذين يسلحون ويمولون ويدعمون التكفيريين في سورية هم أنفسهم الذين يمولون ويسلحون التكفيريين في العراقولبنان، فالمعركة واحدة ومتصلة من العراق إلى لبنان إلى سورية». وقال إن «هناك بعض اللبنانيين ينظرون إلى الفراغ الرئاسي أنه فرصة وليس تهديداً لتحقيق المزيد من المكاسب داخل السلطة والإمساك بها، وهذا لا يمت إلى المسؤولية الوطنية بشيء، وفريق 14 آذار يعطل سلسلة الرتب والرواتب والمؤسسات والمجلس النيابي وكل البلد لأنه يجد فرصة في تعزيز إمساكه بالسلطة، وبذلك بات شعارهم نريد السلطة أولا والسلسلة والرئاسة ومصالح الناس آخراً».