ربما يوحي كتاب « د. محمد عبده يماني... الإنسان» لمؤلفه عبدالله عمر خياط، مع ما يضمه من مقالات سطرها عدد كبير ممن تقاطع مع يماني أو تعرف عليه، بأنه جمع كل ما قيل عن الراحل الذي فقدناه أواخر العام الماضي، إلا أن ما جاء في الكتاب من قصص إنسانية وأعمال بر ومواقف خيرية وشفاعات قام يماني لأصحاب حاجات، لا يمكن لها أن تختصر الرجل وحنكته الإدارية ودوره الإعلامي المميز، ناهيك أن تحيط بسمو علاقاته الاجتماعية وإنسانيته وحسن خلقه والمكانة المحترمة التي يحظى بها عند أولياء الأمر. جاء الكتاب في 456 صفحة من القطع الكبير، وقدم تمهيده أحد أصحاب الحاجات، ولعله الاستهلال المثالي لجانب من مآثر يماني. وفي مقدم الكتاب المطولة سرد لجانب كبير من مواقف يماني الخيرية في محاولة لإعطاء الرجل حقه، وبعدها تتهاطل كتابات ليست عزاء وإن جاءت في خانته، وإنما شهادات كتبها سياسيون ورجالات دولة من داخل المملكة ومن الوطن العربي، ومن شخصيات إسلامية عالمية، وعلماء، ومشايخ، وطلاب علم، وأدباء، وإعلاميين، وصحافيين من بينهم كتاب ورؤساء تحرير، وجمع من المثقفين رجالاً ونساء، تحدثوا فيها، كل بشهادته. يبدأ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان في صفحات أكاديمية مطوية عن يماني من 1392-1395ه عدّ فيها إنجازاته وذكريات معه، مع فصول أخرى عنه كإداري متفتح، وخطيب مفوه. أما الشيخ الدكتور صالح بن حميد فيكفي ما انتقاه المؤلف ليزين به غلاف كتابه، وجاء فيه: «لقد كان رحمه الله ملء السمع والبصر حضوراً ونشاطاً وعملاً، تقلد مناصب وتقلب في أعمال رسمية وغير رسمية، تقلب في الوظيفة العامة، في الجامعات أستاذاً، وفي الإدارة مديراً، وفي الوزارة وكيلاً ووزيراً. تقلد مناصب رسمية قيادية عليا، وحين ترك المكان، بقيت له المكانة، لأن الله وهبه نفساً كريمة مخلصة صادقة كسب بها علماً وخبرة وتجربة وزن بها الحياة وسبر دروبها. صاحب حضور اجتماعي مميز، لم يحتجب عن طالب حاجة، ورافع مظلمة لا يبخل بجاهه، مسارع إلى رفع الظلم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، بعمله أو شفاعته، أبو الفقراء والمساكين والمعوزين، ما قصده قاصد، أو طرق بابه طارق، إلا خرج مبتهجاً مملوء القلب أو مملوء اليدين. وختم المقدمة بسرد البحوث والدراسات التي قدمها». وعبر أكثر من 140 مقالاً سبق نشرها في صحف وملاحق سعودية بعد رحيل يماني، يقلب القارئ صفحات كثيرة في تطواف مملوء بالعبر والمواقف والحكايات. مما ضم الكتاب ما كتبه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه الذي كتب رسالة افتراضية ليماني بعد رحيله، قال فيها: أغلب من رثاك من الشباب ولم يعاصروك، تخيّل لو عاصروك؟ كما كتب عدد من رجالات الدولة والإداريين والشخصيات الإسلامية، شهادات، فنجد مقالات للدكتور عبدالعزيز الخويطر، والدكتور عبدالرحمن الشبيلي، وعبدالله النعيم، وعبدالله عمر نصيف، وأكمل الدين إحسان أوغلو. أما من جانب الأدباء فشارك الدكتور عبدالعزيز السبيل، ومحمد سعيد طيب، وعبدالمقصود خوجه، وحمد القاضي، وزهير كتبي، والدكتور عبدالفتاح أبو مدين، وعبدالله مناع، وعابد خزندار، والدكتور عائض الردادي، والدكتور حمود أبو طالب، ومحمد زايد الألمعي، وعاصم حمدان، وعبده خال، ومحمد المشوح، يوسف العارف، وآخرين. فيما شارك من الإعلاميين والصحافيين كل من وليد الإبراهيم، وصالح كامل، وتركي الدخيل، وداوود الشريان، وسليمان العيسى، وسعود المصيبيح، كما نقرأ لتركي السديري، وطارق الحميد، وقينان الغامدي، وخالد المالك، ومحمد الوعيل، وجهير المساعد، ونوره السعد، ومحمد المختار فال من موريتانيا، وآخرين. الكتاب الضخم والجامع لكثير من مآثر الدكتور الراحل يختم بسرد وصيته التي كتبها عام 1423ه ونشرتها «المدينة» لتكون نبراساً لكيف تكتب الوصية بحق، وسبقها كتابات من بعض أبناؤه وبناته وزوجته.