قرر النائب العام الفلسطيني، المستشار أحمد المغني، ليل أول من أمس، وقف بث حلقات كوميديا «وطن ع وتر» التي ينتجها ويبثها تلفزيون فلسطين للموسم الرمضاني الثالث. وجاء في كتاب النائب العام الموجه إلى رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية ياسر عبد ربه والذي تلقت «الحياة» نسخة عنه: «بناء على الشكوى المقدمة من رئيس هيئة مكافحة الفساد السابق رفيق النتشة والدكتور جواد عواد عن نقابة الأطباء والمدير العام للشرطة الفلسطينية اللواء حازم عطا الله، تتضمن ما جاء في الحلقات الخاصة ببرنامج «وطن ع وتر»، في إطار المهاترات اللفظية، والإسفاف بالأداء، والانتقاص من دور الأجهزة الأمنية والقضائية والمهن الطبية لإرضاء رغبات ونزعات شخصية لا تخدم المصلحة العامة، ولا ترقى إلى حد كفاية اعتبارها عملاً فنياً رفيع المستوى، كما أن المسلسل لا يوصل رسائل بناءة في جو صحي وديموقراطي، بل على العكس جاء بعبارات ركيكة ملغمة بالذم والقدح والتحقير، نأمل إجراءاتكم عاجلاً أولاً في ما يتعلق بوقف بث حلقات «وطن ع وتر» تحت طائلة المسؤولية، وثانياً تزويدنا بنسخة عن حلقة الخميس الموافق 4 آب (أغسطس) الجاري، وحلقتي 6 و16 آب، ليصار إلى إجراء المقتضى القانوني». ووصف عبد ربه القرار بأنه «سابقة خطيرة في تاريخ السلطة الوطنية الفلسطينية، فالنائب العام نصّب نفسه مسؤولاً عن الأعمال الفنية، وبات هو المرجعية الفنية في البلد، بل والمسؤول عن الذوق العام أيضاً، وبناء عليه اتخذ القرار، وهو ما يؤسس لمرحلة غاية في الخطورة تتعلق بالحريات العامة، بخاصة الأعمال الفنية والإبداعية». وأضاف: «ما حدث مع «وطن ع وتر» قد ينسحب في المستقبل على أي عمل تلفزيوني، أو مسرحية، او لوحة فنية، أو عمل راقص، أو أغنية، أو حتى مقال أو تحقيق صحافي. إذا بات النائب العام يملك صلاحية وقف أي عمل فني أو إبداعي فنحن أمام كارثة كبرى تمس أبسط الحريات». وقال عبد ربه في تصريحات أدلى بها أمس: «لا يوجد في قانون المطبوعات والنشر ما يخول النائب العام اتخاذ قرار كهذا، بهذه الحيثيات، بخاصة أنه لم يستمع إلينا كمشتكى علينا وفق الدعاوى المشار إليها في قرار النائب العام، كما لم يستمع إلى القائمين على العمل، بل اكتفى بما تقدمت به الشرطة، ونقابة الأطباء، وغيرها». وتابع عبد ربه: «من المؤسف أنه يجب أن نقول بكل جرأة أن هناك نخبة بيروقراطية لا تريد للنقد أن يطاولها، وتريد لوسائل الإعلام أن تكون أداة لتمجدها وحسب... هذا هو جوهر الموضوع». وقال المدير العام لتلفزيون فلسطين أحمد الحزوري ل «الحياة»: «هذه سابقة في تاريخ السلطة الفلسطينية، ننظر بخطورة إلى ما قد تؤسسه في المستقبل. سنمتثل للقرار، مع أننا نرى أنه جاء متأثراً بحملة التشويه الكبيرة ضد هذه الكوميديا». أما كاتب العمل وأحد المشاركين فيه الفنان عماد فراجين، فوصف القرار ب «العار على الديموقراطية الفلسطينية». وقال في بيان له، تلقت «الحياة» نسخة عنه: «سنحول الموضوع إلى قضية رأي عام، وسنجعل من القضاء حكماً بيننا وبين قرار النائب العام، ولن نسكت. سنتحدث إلى كل وسائل الإعلام في العالم حول هذه السابقة الخطيرة، ولن نقف مكتوفي الأيدي»، مناشداً كل محبي «وطن ع وتر» في الضفة والقطاع وفي الشتات وداخل زنزانات الاحتلال بعدم الوقوف موقف المتفرج على قرار إعدام البرنامج الذي يستلهم أفكاره من مشاكلهم ومعاناتهم. فضلاً عن «كل مريض تناولنا معاناته من الأخطاء الطبية، ولكل من يعاني من المحسوبية والفساد والغلاء، وللثوار العرب الذين كان البرنامج سباقاً في دعمهم قبل سقوط نظام مبارك في مصر، وضد البطش في سورية، والذي طاول الفلسطينيين أخيراً». وأضاف فراجين: «على السلطة الفلسطينية أن تسعى بكل جهدها لوقف الاستيطان والفساد والمحسوبية لا وقف «وطن ع وتر». وقالت الفنانة منال عوض، الممثلة الرئيسية في «وطن ع وتر» ل «الحياة»: «القرار سابقة من الناحية القانونية أيضاً. ذلك أن عدداً من خبراء القانون أكدوا أنه مخالف للقوانين ذات العلاقة في فلسطين، كما أنه يؤسس لمرحلة جديدة وخطيرة سنشهد فيها ما يسمى بجرائم الرأي. فوجئنا بالقرار وهو ضد الفن والحريات في آن، وكأنهم يراقبون أصوات الناس، ويحددون لنا ما الذي يسمح بقوله من عدمه. نحن أكثر شعب يناضل في العالم من أجل الحرية ونقوم بقمع الحريات بهذا الشكل الصارخ»!