انتهت عملية الاقتراع في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في أفغانستان، وهو ما سيعتبر أول انتقال سلمي للسلطة في تاريخ البلاد. ويتوقّع إعلان النتائج الأولية في 2 تموز (يوليو) المقبل، والنهائية في 20 منه بعد النظر في الطعون والاعتراضات. وعلى رغم حشد الحكومة عشرات الآلاف من أفراد الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية للمحافظة على سلمية الاقتراع وتشجيع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، إلا أن مراكز شهدت إقبالاً أقل بكثير ما كان عليه في الدورة الأولى. وساهمت تهديدات حركة «طالبان» بالتصدي للعملية الانتخابية، وحرارة الطقس في ضعف الإقبال في مختلف المناطق، فضلاً عن أن الدورة الأولى تضمنت الاقتراع على مجالس الولايات، ما زاد من نسبة المشاركة. وعكرت الاقتراع في مراكز بكابول اتهامات للجيش بمحاولة المساس بحرية العملية الانتخابية والتأثير لصالح مرشح معيّن، وهو ما حاولت الحكومة نفيه مؤكدة إن أجهزة الدولة تقف على الحياد. وقد تبادل أنصار المرشحيَن الاتهامات بالتزوير ومحاولة تبديل صناديق اقتراع، ما يثير مخاوف من إمكان حدوث فوضى وأعمال شغب بعد إعلان النتائج، ويخشى بالتالي من تعقيد الوضع في عام انسحاب قوات «إيساف» من البلاد. وأعلنت وزارة الداخلية بعد انتهاء التصويت أن «طالبان» شنت أكثر من 150 هجوماً صاروخياً أو غيره في مناطق عدة أمس، ما تسبب في مقتل 10 أشخاص بينهم 5 أطفال في خوست إثر سقوط صاروخ على منزلهم، وجرح أكثر من 90 شخصاً إصابات غالبيتهم طفيفة. وينحصر التنافس على منصب الرئيس بين كل من الدكتور عبدالله عبدالله وزير الخارجية السابق المرشح المدعوم من تحالف الأقليات العرقية الأفغانية الشمالية والمقرب من طهران ودلهي وموسكو، وبين الدكتور أشرف غني وزير المالية السابق ذي الخبرة الأكاديمية والميدانية المدعوم من قومية البشتون وصاحب العلاقات الحسنة مع البلدان الغربية. وحظي عبدالله بتأييد بعض قادة الأحزاب البشتونية ذات الخلفية الجهادية نظراً لانتمائه التنظيمي للجمعية الإسلامية بزعامة الرئيس السابق برهان الدين رباني، وكونه أحد أبرز المقربين من القائد السابق أحمد شاه مسعود، فضلاً عن نسجه علاقات جيدة مع بلدان غربية في مقدمها الولاياتالمتحدة. في المقابل، أحجم قادة الأحزاب البشتونية الجهادية عن دعم غني نظراً لعلاقته بالشيوعيين السابقين واختيار الجنرال عبد الرشيد دوستم نائباً له، وإقامته أكثر من 25 عاماً من حياته في الغرب ما جعله بعيداً من المشاكل الداخلية. وشهدت العاصمة كابول إطلاق صواريخ وانفجارات في نواح متفرقة. ولم تتحدث الحكومة عن خسائر بشرية جراء هذه ذلك، لكنها اعترفت بحصول اشتباكات متفرقة بين قواتها ومقاتلي «طالبان»، كما تحدثت عن اشتباكات بين قوى الأمن وعناصر من الحركة في ولايات غزني وزابول وبكتيا وخوست ومناطق أخرى، فيما تحدّث سكان محليون عن مراكز اقتراع خلت من الناخبين لأسباب أمنية غالباً في مناطق جنوبية حيث ينشط مقاتلو «طالبان». وكان التصويت علّق خلال الدورة الأولى من الانتخابات في أكثر من ألف مركز اقتراع من أصل 6 آلاف بسبب تهديدات «طالبان»، وبالتلي لم تتخطّ نسبة المقترعين ال40 في المئة، بحسب المصادر الرسمية.