تمكن مسلحو تنظيم «القاعدة» والمتشددون المتحالفون معه تحت مسمى «انصار الشريعة» من إستعادة مواقع وتحصينات لهم في ضواحي مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين (جنوب اليمن) ومهاجمة وحدات الجيش المتمركزة بالقرب من هذه المناطق، بعد إنسحاب مجموعات كبيرة من رجال القبائل المتعاونين مع الجيش بسبب أخطاء الضربات الجوية التي قتلت وجرحت العشرات منهم، وبدأوا في التمدد الى محافظة شبوة المجاورة، ما تسبب في مخاوف من سيطرتهم على آبار النفط هناك. وأكدت مصادر محلية في أبين ل «الحياة» ان «أنصار الشريعة» شنوا هجمات على وحدات الجيش في الأيام الأخيرة وقتلوا أكثر من 9 عسكريين بينهم ضابط، وأحرقوا 3 آليات بالقرب من منطقة دوفس ونقطتي شقرة والبساتين، في حين تمكنت وحدات الجيش من قتل 4 مسلحين في مواجهات متفرقة آخرها أمس بالقرب من معسكر اللواء 25 ميكانيكي وملعب الوحدة. وكانت حدة المواجهات بين القوات الحكومية والمقاتلين المتشدين تراجعت في زنجبار وضواحيها مع حلول شهر رمضان، وأفادت الأنباء الواردة من أبين ان «أنصار الشريعة» الذين يسيطرون على معظم أجزاء المحافظة، نفذوا عملية إعادة انتشار في المدينة وضواحيها، بعد وصول عشرات المسلحين من محافظات شبوة ومأرب والبيضاء والجوف للانضمام إلى صفوفهم. وقالت مصادر قبلية وشهود ل «الحياة» ان المسلحين ما زالوا يصدون أي محاولات تقدم للقوات الحكومية نحو وسط المدينة. وأضافت ان وادي دوفس شهد اشتباكات متقطعة بين المسلحين والألوية العسكرية أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، في حين شارك الطيران الحربي في قصف المسلحين في وادي حسان شرق زنجبار، إضافة إلى غارات على جبل خنفر والمعهد الصحي وبالقرب من مستشفى الرازي في جعار، ما أسفر عن تدمير خزان مياه جعار وإصابة بعض المنازل. وحسب الشهود، نفذ الطيران الحربي غارات عدة إستهدفت مواقع المتشددين، وبينها إدارة الأبحاث ومحلج القطن والمعهد المهني في منطقة الكود بأبين. وأغلقت القوات الحكومية المتمركزة في الجزء الجنوبي من دوفس، الطريق الرابط بين زنجبار وعدن تماماً، وأقامت حاجزاً ترابياً ضخماً. وكان المسلحون المتشددون تفادوا الدخول في مواجهات مع رجال القبائل المساندين للجيش، عندما قاموا بتسليمهم نقطة تفتيش أنشأوها في وقت سابق في منطقة شقرة، متراجعين كيلومترات عدة إلى منطقة وادي حسان، وهو ما أغرى القبائل بالهجوم على المسلحين، غير أنهم وقعوا في كمين نصبه هؤلاء أسفر عن مقتل وجرح العشرات من القبليين. وقال ل «الحياة» مصدر مقرب من «أنصار الشريعة» إن مقاتليهم يفضلون تحاشي القتال مع القبائل الى حين حسم المواجهة مع اللواء 25 ميكانيكي المحاصر في محيط زنجبار والألوية العسكرية المنتشرة على مشارف المدينة. واعلنت السلطات اليمنية القبض على شخصين يشتبه بانتمائهما الى «القاعدة» في عمليتين منفصلتين في عدن (جنوب البلاد)، وعن قتل 3 مسلحين آخرين وجرح 5 في اشتباكات في أبين. وقال مصدر أمني إن المتشددين «يواصلون التغلغل في عدد من المدن جنوب البلاد للدعوة إلى تطبيق الشريعة»، مشيراً إلى وصول «انصار الشريعة» إلى منطقة عزان بمحافظة شبوة (جنوب شرق البلاد) التي توصف اصلاً بأنها أحد معاقل «القاعدة» في اليمن، ونجاح المتشددين في حل عدد من القضايا العالقة بين قبائل المنطقة. ويثير اتساع نفوذ «أنصار الشريعة» في شبوة مخاوف الحكومة والشركات النفطية العاملة هناك، وهو ما يفسر تحذيرات مصادر عسكرية نهاية الأسبوع الماضي من تعاظم خطر «القاعدة» على مشروع تصدير الغاز اليمني عبر محطة بلحاف. وعزت مصادر عسكرية في اللواء الثاني البحري للمشاة، الذي يتولى حماية المحطة بلحاف هذه المخاوف إلى اقتراب عناصر «القاعدة» من مقر المشروع في المنطقة الساحلية.