بينما تسرع لجنة رباعية مكونة من إمارة منطقة مكةالمكرمة، ووزارة النقل، وإدارة المرور، وغرفة مكة الخطى نحو إيجاد حلول سريعة لمشكلة الاختناقات المرورية التي يتوقع لها أن تستفحل خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الجاري، بدا أن الأزمة لم تنتظر طويلاً حتى حلول ذلك الموعد، وباتت فعلياً تفتك بشوارع وأحياء مكةالمكرمة الرئيسة والتي أصبح عبورها يحتاج إلى ساعات طوال تصل في أحيان كثيرة إلى خمس أو ست ساعات. وخلال جولة نفذتها «الحياة» مساء أمس على بعض الشوارع والطرقات المؤدية إلى المسجد الحرام والمنطقة المركزية، لوحظ أن الازدحامات والاختناقات المرورية لم تعد تنحصر في الشوارع الرئيسة المؤدية إلى المسجد الحرام فقط، كشارع الحفاير من جهة الغرب، وشارع المسفلة من جهة الجنوب، وشارع الغزة من جهة الشمال، وشارع العزيزية من جهة الشرق، بل تعدتها لتشمل أيضاً الشوارع الفرعية الصغيرة التي اكتظت هي الأخرى بأرتال السيارات الهاربة من لظى الازدحامات التي اكتوت بنارها الشوارع الرئيسة. ولفت خبير النقل وإدارة الطرق الدكتور محمد الزهراني في حديث مع «الحياة» إلى أن سبب هذه الازدحامات المرورية يعود إلى حركة الإنشاء والتعمير التي تشهدها العاصمة المقدسة حالياً، التي أدت بدورها إلى شغل مساحات كبيرة من الشوارع والطرقات والأحياء، خصوصاً تلك التي تقع بالقرب من المنطقة المركزية أو التي تدور حول نسيج الحرم المكي، وقال:« إن وجود السيارات الكبيرة والشاحنات الناقلة للمعدات التي تحتاجها تلك الشركات المنفذة للمشاريع أسهمت في ارتفاع مستوى الازدحامات المرورية في مكة خلال هذه الفترة. وأوضح أن مشروع أو مشروعين عملاقين تجري أعمالهما في أي مدينة كفيلان بشل حركة المدينة تماماً، فما بالك بأكثر من خمسة مشاريع ضخمة تدور رحاها هذه الأيام في مكة، وتعد من مشاريع البنية التحتية التي تحتاج إلى حركة ناقلات ومعدات كثر»، مشدداً على أن هذا أمر طبيعي ويحدث لأي مدينة تشهد مثل هذه المشاريع الكبيرة. وتشهد مكةالمكرمة حالياً أكثر من خمسة مشاريع ضخمة تنخر عبابها سماء المدينة، يأتي في مقدمها مشروع توسعة الساحات الشمالية بالقرب من المسجد الحرام وحول المنطقة المركزية، فضلاً عن مشروع توسعة الطرق الدائرية الضخم، التي تلتف حول المدينة المقدسة من جهاتها الأربع، إضافةً إلى مشروع إزالة الأحياء العشوائية والمتهالكة التي تعيش حركة عمل لا تنقطع ليل نهار حالياً. من جانبه، أكد مالك إحدى مؤسسات النقل الخاصة بنقل الشاحنات والمعدات في مكةالمكرمة محمد السواط أن طبيعة مكةالمكرمة الجبلية وغير المنبسطة أسهمت في ظهور حركة الازدحامات بشكل واضح وكبير، وقال ل «الحياة»: «لا يجب أن نغفل طبيعة مكة وصغر حجمها، خصوصاً تلك المنطقة التي يتمركز فيها السواد الأعظم من الناس وهي المنطقة المركزية بالقرب من الحرم المكي الشريف»، مشيراً إلى أن التوقيت أسهم أيضاً في نشوء مثل هذه الاختناقات كون أن هذه الأيام تعد إجازة رسمية لجميع العاملين في المملكة. وأضاف: «غالبية الناس من داخل البلاد وخارجها ينشدون المجيء إلى مكةالمكرمة خلال شهر رمضان المبارك، وهذا بدوره يشكل ضغطاً إضافياً على المدينة ورقعتها الصغيرة، والتي تشهد أيضاً حركة إعمار وإنشاء متواصلة»، مؤكداً أن أزمة النقل مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات حتى الآن، لكنها ستجد طريقها للحل، خصوصاً بعد الانتهاء من مشاريع الطرق الدائرية والتي ستفك لا محالة الازدحامات المرورية. يشار إلى هناك لجنة رباعية مكونة من إمارة مكةالمكرمة، ووزارة النقل، إدارة المرور، والغرفة التجارية، تدرس حالياً ملف الاختناقات المرورية في مكة، وستتطرق لجميع جوانب الأمر سواءً من الناحية الإيجابية أو السلبية، وستعمل على رفع توصياتها، ونتائجها، لأمير منطقة مكةالمكرمة في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة.