الخطوط السعودية تلغي رحلاتها من وإلى لندن حتى إشعار آخر    الإعلام الصيني: المنتخب السعودي أظهر وجهه الحقيقي    جمعية أصدقاء البيئة تحتفي بمجلس إدارتها وداعميها بغبقة رمضانية بالخبر    وقاء عسير ينظم "مسامرة رمضانية" ضمن مبادرة اجاويد3    تدشين أول تطبيق لتوثيق ملكية العقارات البلدية رقميًا في الشرقية    محافظ بيش يرعى حفل أضخم مشروع لتفطير الصائمين في المحافظة    تكريم الفائزين في ختام مسابقتي "رتل " و"بلال" بالأحساء    مستشفى النعيرية يعزز الصحة في رمضان بحملة "صم بصحة"    ألمانيا تقلب الطاولة على إيطاليا بثنائية وتقترب من قبل نهائي دوري أمم أوروبا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة لأحدث منظومة صاروخية مضادة للطائرات    طيران الأمن في رئاسة أمن الدولة في أول ليلة من العشر الأواخر لشهر رمضان    منصة "إحسان" تبدأ استقبال زكاة الفطر    إقامة صلاة القيام في أول ليلة من العشر الأواخر بالمسجد النبوي    إقامة صلاتي التراويح والتهجد في أول ليلة من العشر الأواخر بالمسجد الحرام    جندلة بطلا لبطولة تنمية الشقيق الرمضانية    محافظ الرس يرعى "رمضانيات" لنادي الرس الرياضي لذوي الإعاقة    كأس آسيا .. أخضر الشاطئية يتغلّب على الصين بخماسية    محافظ الطائف يستقبل رئيس وأعضاء جمعية أدبي الطائف    حرب السياسة    سلمان بن سلطان يدشّن المركز الكشفي للمهارات والهوايات الطلابية    رينارد: نحتاج لاستغلال الفرص    تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر فبراير    المملكة توزّع سلالًا غذائية بمختلف محافظات سوريا    السعودية تعود للانتصارات بالفوز على الصين    قطر تحيي أمالها في تصفيات كأس العالم بالفوز على كوريا الشمالية    ترمب يوقع أمراً تنفيذياً لإغلاق وزارة التعليم بأميركا    الذكاء الاصطناعي والحرب النووية: هل يمكن أن يصبح القرار بيد الآلة    حسن كادش يغادر لقاء الأخضر والصين مصابًا    مخيّم التفطير الدعوي لجمعية الدعوة بالصناعية القديمة يواصل عطاءه حتى ال 20 من رمضان 1446ه ،واستفادة أكثر من (18,443 صائمًا)    الجوازات تستقبل (693) طالبًا في دورة الفرد الأساسي ال (48)    «الصحة» تقيم النسخة الخامسة من «امش 30» في المسار الرياضي    مستشفيات وعيادات دلّه تعلن عن مواعيد العمل خلال أيام عيد الفطر المبارك    مستشفى الإمام عبدالرحمن الفيصل يطلق حملة "صم بصحة" لتعزيز الوقاية خلال رمضان    جامعة أم القرى تستقبل القنصل لبوركينا فاسو لبحث التعاون الأكاديمي    العمارة السعودية.. تنوّع ثري وهوية متجذّرة    ثماني سنوات من الطموح والإنجاز ذكرى البيعة لولي العهد محمد بن سلمان    فريق جمعية أضواء الخير التطوعي يواصل جهوده في الحرم المكي خلال شهر رمضان    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تناقش السياحة الثقافية وتستعرض إنجازاتها    روائع العمارة الإسلامية في أماكن غير متوقعة.. مساجد تبهر العالم    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب وزير التجارة تشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمتها بالمرتبة الممتازة    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    دخل رسميًا أولى مراحل المجاعة .. القطاع بين الموت والجوع.. المساعدات سلاح بيد إسرائيل    الذهب يرتفع والنفط يتراجع    مركز الملك سلمان يوزع سلالًا غذائية بسوريا وطاجيكستان    ضبط 4 مخالفين لتهريبهم 80 كيلوجرامًا من نبات القات    سحور عواجي يجمع أهل الفن والثقافة    بعد اتصالات ترامب مع زيلينسكي وبوتين.. العالم يترقب النتائج.. محادثات أمريكية – روسية بالسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    مستشار خادم الحرمين يزور المعرض الرمضاني الأول بمدينة الرياض    كيف أفسد ترمب صفقة المقاتلات على الولايات المتحدة    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    نائب أمير جازان يقلّد مساعد قائد حرس الحدود بالمنطقة رتبته الجديدة    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضتان الصربية والكوسوفية تقودان الى مواجهة في متروفيتسا
نشر في الحياة يوم 09 - 08 - 2011

بعد الاعلان مطلع تموز(يوليو) المنصرم عن التوصل لأولى الاتفاقات بين صربيا وكوسوفو نتيجة للمباحثات المكثفة التي يجريها الطرفان في بروكسيل تحت رعاية الاتحاد الاوروبي، وبعد الاعلان عن استعداد الطرفين للتوجه الى الجولة السادسة خلال شهر آب(أغسطس) الحالي لبلورة الاتفاقات الاخرى ( الجمارك والاتصالات الخ...)، جاء التدهور المفاجىء في العلاقات بين صربيا وكوسوفو وصولاً الى اندلاع «الحرب الجمركية» وقيام قوات «كفور» (ناتو) بالسيطرة على المراكز الحدودية بين الطرفين للحد من اندلاع العنف بعد أن قتل شرطي كوسوفي من قبل الاقلية الصربية الرافضة للاجراءات الجديدة التي اتخذنها الحكومة الكوسوفية في 25 تموز وأدت الى تفاقم الوضع بين الطرفين.
ومن هنا كانت الاسئلة: ما الذي حدث وراء الكواليس، وكيف تحول التفاؤل باستمرار المباحثات والتوصل الى اتفاقات جديدة الى تشاؤم، ومن هي القوى التي لا يناسبها الوئام بين الطرفين ولعبت دورها في تفجير الوضع؟
لا بد من التوضيح أولاً أن الاتحاد الاوروبي في رعايته المباحثات بين بلغراد وبريشتينا كان يراهن على تقريب الطرفين في الملفات المحددة ( تنقل رعايا الدولتين والطاقة والجمارك واعتماد الشهادات الخ...) وصولاً الى الملف الكبير: مصير جيب متروفيتسا والعلاقات بين الدولتين. ولكن بعدما حدث الآن يمكن القول ان الاوراق قد خُلطت وأصبحت تسمح باحتمالات جديدة.
وتجدر الاشارة الى أن القوات الفرنسية التي دخلت مع قوات الناتو الى كوسوفو خلال حزيران (يونيو) 1999 وضعت حاجزاً عند نهر إيبار الذي يفصل مدينة متروفيتسا بشمال كوسوفو لحماية المنطقة ذات الغالبية الصربية من أي انتقام محتمل للغالبية الالبانية رداً على ما لحق بها خلال الحرب من مجازر. ولكن هذا الحاجز سرعان ما تحول الى حدود جديدة لا تفصل فقط بين متروفيتسا الشمالية ومتروفيتسا الجنوبية بل تفصل بين «جيب متروفيتسا» ذي الغالبية الصربية ( 17% من مساحة كوسوفو و 100 ألف من سكانها ) عن بقية كوسوفو ذات الغالبية الالبانية. وبقي هذا الجيب يمثل امتداداً لصربيا المجاورة في المجال الحزبي (الاحزاب) والادارة (التعليم والصحة والتقاعد الخ...) والنقد (استمرار التعامل بالدينار الصربي) والاقتصاد (تدفق البضائع الصربية الخ...) وغير ذلك.
وتعقد هذا الوضع بعد اعلان كوسوفو الاستقلال في 17 شباط ( فبراير) 2008 ، اذ أن الصرب في «جيب متروفيتسا» لم يعترفوا بهذا الاستقلال وأبقوا على علاقتهم بصربيا كما لو كانوا جزءاً منها في كل المجالات. ونظراً لغنى هذا الجزء بالموارد الطبيعية والثروات المعدنية (الذهب والفضة والرصاص الخ...) ، ونظراً لوضعه الخاص بين الدولتين (بعد ان أصبح دولة ضمن دولة في كوسوفو) فقد تحول الى مرتع للتهريب (من صربيا الى كوسوفو) ومجالاً لكسب الاصوات في الانتخابات الصربية لصالح الاحزاب القومية التي تعد سكانه بأن يبقوا جزءاً من صربيا وورقة مساومة لبلغراد في مباحثاتها الحالية والمستقبلية مع بريشتينا. ومن هنا لم تكن كل الاطراف تتابع بارتياح المباحثات الجديدة بين بلغراد وبريشتينا والاتفاقيات الاولى التي تم التوصل اليها.
وفي حين أن الاتحاد الاوروبي رحّب بالاتفاقات الاولى («الحياة» 10/7/2011 ) إلا أن المعارضة القومية كانت بالمرصاد هنا وهناك للفريق الحكومي الذي عاد من بروكسيل بصورة متفائلة عن الايام المقبلة. وشنّ «الحزب الديموقراطي الصربي» برئاسة فويسلاف كوشتونيتسا هجوماً عنيفاً على الحكومة، اذ أعلن أن «سلطات صربيا الحالية أيدت انفصال جزء من أراضينا (كوسوفو) ولعبت بثقة كل الدول التي رفضت الاعتراف باستقلال كوسوفو ووجهت ضربة قوية لمصالح صربيا» . ومن ناحية أخرى وجّه وزير الخارجية الكوسوفي السابق اسكندر حسيني، والنائب في البرلمان عن حزب الرابطة الديموقراطية، انتقاداً قوياً للاتفاقات المعلنة لكونها لا تمثل اتفاقات بين دولتين. وفي هذا السياق انتقد بشدة هذه الاتفاقات الحزبان الآخران المعارضان ( «حركة تقرير المصير» و»التحالف لأجل مستقبل كوسوفو» ) لكون الحكومة الكوسوفية لم تكن تتمتع بتفويض كامل من البرلمان الكوسوفي.
وجاءت المفاجأة الاولى من بلغراد لاحتواء المعارضة القومية التي بدأت بذلك عملياً الحملة المبكرة للانتخابات البرلمانية في مطلع 2012 ، حيث أبلغت الطرف الكوسوفي عن تأجيل الجولة السادسة من المباحثات التي كان من المفترض أن تعقد في بروكسيل خلال شهر آب (أغسطس) الحالي والتي كان يجب أن يتم التوصل فيها الى اتفاق حول الجمارك، وبالتحديد حول الاعتراف بأختام الجمارك، لأن ختم الطرف الكوسوفي يحمل اسم الدولة (جمهورية كوسوفو) التي لا تعترف بها بلغراد.
وفي ظل تصاعد المعارضة الكوسوفية التي تمثل الاحزاب الرئيسية ( الرابطة الديموقراطية والتحالف لمستقبل كوسوفو وحركة تقرير المصير) وجد رئيس الحكومة هاشم ثاتشي في هذه الحركة فرصة لكسب شعبية له فقرّر التصعيد من جانب واحد لاقرار وضع جديد على الارض يرغم بلغراد على الاعتراف به لاحقاً. وهكذا قررت الحكومة الكوسوفية «التعامل بالمثل» مع بلغراد في ما يتعلق بانتقال البضائع ومنعت دخول الشاحنات التي تحمل البضائع الصربية الى كوسوفو رداً على منع بلغراد دخول الشاحنات الكوسوفية لاراضيها التي تحمل لوحات كوسوفية وأختاماً جمركية كوسوفية.
ولكن هذه الخطوة المفاجئة لبلغراد لم تحمل تهديداً لمصالحها في الايام الاولى لأن البضائع الصربية تتدفق بشكل عادي الى «جيب متروفيتسا» باعتباره جزءاً من صربيا ومن هناك تتدفق الى كوسوفو باعتبار أنه جزء من كوسوفو كما تعتبره بريشتينا. وذهبت بريشينا في خطوة مفاجئة في 25 تموز حين أرسلت القوات الخاصة بالشرطة الكوسوفية بطائرات مروحية لتسيطر على المركزين الحدودين ( رقم 1 و 31 ) اللذين يفصلان بين صربيا وكوسوفو، وبالتحديد جيب متروفيتسا، لتطبق هناك القرار الجديد وتمنع الشاحنات الصربية من دخول «الاراضي الكوسوفية» .
جاءت هذه الخطوة مفاجئة لكل من بلغراد والقوى المستفيدة من الوضع الخاص لجيب متروفيتسا. فقد تبيّن بسرعة أن هذا الاجراء يضرّ بصربيا، التي تمر بضائقة اقتصادية، نظراً لأن بلغراد تخسر كل يوم مليون يورو من تكدس البضائع الصربية وراء الحدود . فقد اعترف وزير الاقتصاد الصربي في البرلمان أن قيمة البضائع الصربية التي تذهب الى كوسوفو تبلغ 350 مليون يورو في السنة، ولذلك فإن الوضع الحالي يضغط على حكومة صربيا من قبل أصحاب المصانع المهددة بهذه «الحرب الجمركية» . إلا أن الحكومة الحالية في بلغراد التي يقودها «الحزب الديموقراطي» وجدت نفسها أمام تحد سياسي أكبر لأن المعارضة القومية (الحزب الديموقراطي الصربي الخ) وجدت في ذلك فرصة لتصعيد نقدها للحكومة وتأييد الاقلية الصربية في كوسوفو التي تستمدّ منها أصواتها الانتخابية. ومن ناحية أخرى فقد كان المتضرر الاكبر القوى المستفيدة من الوضع السابق (المافيات)، التي حولت جيب متروفيتسا الى جنة لها باعتبارها فعلياً خارج القانون الصربي- الكوسوفي.
وفي هذه الظروف قام الصرب في جيب متروفيتسا، بتشجيع من قوى مختلفة، بإقامة حواجز على الطرق ثم الهجوم على المركز الحدودي في برنياك وإحراقه. وقد تبرأت بلغراد الرسمية على لسان رئيس الجمهورية بوريس تاديتش ورئيس الفريق الصربي للمفاوضات مع بريشتينا بركو ستيفانوفيتش من هذا العمل «الذي يضرّ بمصالح بلغراد ويصب لصالح بريشتينا». فمع هذا التصعيد تولت القوات الدولية (كفور) السيطرة على المركزين الحدودين، وطبقت بدورها قرار الحكومة الكوسوفية بعدم السماح للشاحنات الصربية بالدخول لأن القوات الدولية والاتحاد الاوروبي يعتبران جيب متروفيتسا جزءاً من كوسوفو.
ومع إن الاتحاد الاوروبي دان استخدام الحكومة الكوسوفية لما اتخذته من طرف واحد مشدداً على العودة الى طاولة المباحثات في بروكسيل، إلا أن قائد القوات الدولية عرض أيضا التوصل الى حل بين صربيا وكوسوفو على نمط اتفاقية أميركا الوسطى للتجارة الحرة، وليس ضمن المباحثات الصربية الكوسوفية في بروكسيل التي دخلت الآن في المجهول. فقد صرحت رئيسة الفريق الكوسوفي اديتا طاهري أنها ليست متأكدة مما اذا كانت ستوافق بعد الان على العودة الى المباحثات مع زميلها الصربي بركو ستيفانوفيتش، الذي اشترط للعودة الى المباحثات عودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل 25 تموز المنصرم.
ونظراً لأن البرلمان في كل من بلغراد وبريشتينا أقرّ تحت تأثير الشارع الموقف المتشدد هنا (العودة الى ما قبل 25 تموز) وهناك (لا عودة الى ما قبل 25 تموز)، فإن الاتحاد الاوروبي ما زال يأمل بعودة الطرفين الى طاولة المفاوضات في بروكسيل والتوصل الى حل ما، وهو ما سيتضح خلال زيارة الوسيط روبرت كوبر الى بلغراد وبريشتيا في هذه الايام. وكانت بلغراد قد حاولت عقد جلسة علنية لمجلس الامن حول ذلك، ولكن المجلس بضغط من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اكتفى بجلسة تداول غير علنية على أساس أن المجلس سيناقش الوضع الكوسوفي في الشهر المقبل ضمن الموعد الدوري.
الايام المقبلة ستوضح من المستفيد ومن المتضرر من هذا التصعيد الذي زاد كثيراً من سخونة الاجواء التي تعاني أصلاً من صيف ساخن غير مألوف، والذي قد يفرض تغييراً في جدول الاعمال ليعطي الأولوية للقضايا الصعبة لأن لم يعد في الإمكان التقدم الى أمام من دون معالجة الأهم (جيب متروفيتسا) في الوقت الذي تحسب كل حكومة حساباً للمعارضة القومية هنا وهناك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.