دبي، الرياض - رويترز، يو بي آي – انسحب التراجع الذي شهدته الأسواق العالمية على أسواق الأسهم الخليجية أمس، وسجلت البورصات الرئيسة في دبي وقطر انخفاضاً تجاوز خمسة في المئة، متأثرة بمخاوف من تفجر موجة أخرى من الركود العالمي بعد خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وأزمة الديون الأوروبية. وساعد استقرار المؤشر السعودي عند افتتاح أمس على تقليص خسائر الأسهم في الأسواق الخليجية الأخرى (افتتح مرتفعاً 0.2 في المئة)، إذ تفتح السوق السعودية بعد ساعتين من بدء التداول في أولى أسواق الخليج. لكن الأسواق كانت تضررت في التعاملات المبكرة، وتكبد مؤشر دبي أكبر خسائره منذ 30 كانون الثاني (يناير) وهبط سهم «إعمار العقارية» 5.26 في المئة. فيما أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية أمس مرتفعاً 4.61 نقطة عند مستوى 6078.05 نقطة بتداولات تجاوزت قيمتها 3.3 بليون ريال. وفي سلطنة عُمان تراجع المؤشر إلى أدنى مستوى في خلال سنتين، وكذلك المؤشر القطري إلى أدنى مستوياته منذ 17 آذار (مارس)، حين دفعت الاضطرابات السياسية الإقليمية المؤشر إلى التراجع. وأعلن مدير صندوق في السعودية، أن «اليوم هو وقف للنزيف لكن لا تزال الأمور غامضة»، لافتاً إلى «أسئلة كثيرة حول تأثير خفض التصنيف الأميركي على خطة التنمية السعودية». وأوضح أن «الأصول الأجنبية السعودية عند مستويات قياسية ومعظمها في أذون الخزانة الأميركية». وقال: «نحن الأكثر تأثراً في المنطقة بخفض التصنيف الأميركي، ولا ندري ما ستكون حال العائدات». واستبعد محللون، أن تشهد السوق السعودية «مزيداً من التراجع الحاد بعد موجة البيع، التي هوت بالمؤشر مطلع الأسبوع». ورأوا أن أكبر سوق للأسهم في العالم العربي «استوعبت بالفعل الأخبار السلبية لخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة». نبأ سيء وإحباط وأعلن رئيس إدارة الأصول لدى مجموعة «بخيت الاستثمارية» هشام تفاحة، أن «المستثمرين خصموا الأخبار السلبية قبل ظهورها، ولا شيء جديداً يجعلهم يبنون عليه عمليات بيع كما حدث». وتوقع «تراجع الأسواق العالمية في نطاق محدود اليوم إلى حين وضوح صورة ما ستفعله الحكومات في الفترة المقبلة». ورجح رئيس الأبحاث في شركة «البلاد للاستثمار» تركي فدعق، أن «تكون انعكاسات تحركات الأسواق الأميركية الثلثاء، إذ ستكون السوق السعودية بدءاً من هذا اليوم حساسة لأي بيانات تظهر من السوق الأميركية». ويُتوقع أن يتراجع الدولار وأن ترتفع عائدات أدوات الخزانة الأميركية لدى استئناف التعاملات في الأسواق الآسيوية اليوم، من غير استبعاد أن يحد تفاقم أزمة الديون الأوروبية من أي عمليات بيع ناجمة عن خفض التصنيف الأميركي. ورأى كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري في الرياض جارمو كوتيلاين، أن «خفض التصنيف خبر سيء وسيصيب الناس بالإحباط ويؤدي إلى قلق في السوق». ورجّح أن «يحجم الناس عن الاستثمار». وأغلق مؤشر دبي «DFMGI» منخفضاً 3.7 بالمئة عند 1484.3 نقطة، بينما انحدر مؤشر أبوظبي «ADI» إلى أدنى مستوى في ستة شهور، قبل أن يتعافى في شكل طفيف ليغلق منخفضاً 2.53 في المئة عند 2603 نقاط. وتراجعت أسهم «الدار العقارية» 6.25 في المئة و «بنك الخليج الأول» 5.88 في المئة. وأقفل المؤشر القطري منخفضاً 2.5 في المئة عند 8277 نقطة، بعدما فتح متراجعاً 5.2 في المئة مسجلاً أدنى مستوى منذ منتصف آذار الماضي. وفي الكويت البلد الخليجي الوحيد الذي لا يربط عملته بالدولار، أغلق المؤشر الرئيس «KWSE» منخفضاً 1.6 في المئة عند 5968.3 نقطة. وأعلن محمد علي ياسين من «كاب أم»، أن السوق الأميركية «ستظل جاذبة للسيولة، فهي سوق أكثر تطوراً واعتماداً على التكنولوجيا، وليست الحال كذلك في أسواقنا وستكون الأوضاع صعبة مستقبلاً». ورداً على تأثير خفض تصنيف الدين الأميركي على الدولار، أكد مسؤولون، أن الإمارات «ستبقي على ربط عملتها بالدولا، فيما لا ترى سلطنة عُمان أي مخاطرة في الاستثمار في أذون الخزانة الأميركية. واستبعد نائب المدير التنفيذي للمركزي الإماراتي محمد التميمي، «انهيار الدولار لأن المشكلة ليست في الولاياتالمتحدة وحدها بل في الأسواق الأوروبية أيضاً». ورأى أن «خفض (التصنيف) لم يكن مفاجئاً، لكن توقيته مبكر عن المتوقع». وأكد أن «لا بديل من الاستثمار في السوق الأميركية التي ما زالت السوق الأكثر سيولة وأماناً». وقال: «في حال ارتفعت العائدات إلى مستوى مقبول لن يكون هناك سبب لإحجامنا عن الاستثمار في أذون الخزانة الأميركية». وتمسّكت سلطنة عُمان بأدوات الخزانة الأميركية، ولن تتخذ قراراً متسرعاً بعد خفض التصنيف. وقال مسؤول كبير في الحكومة العمانية: «دعونا نراقب الوضع عن كثب ولا نريد اتخاذ أي قرار متسرع الآن». وسأل: «في ظل الاضطراب الاقتصادي الذي يشهده العالم، ما البديل المتاح لنا في الوقت الحالي سوى التمسك بأدوات الخزانة الحكومية الأميركية؟». وأعلن مدير صندوق في السعودية، أن المملكة «تستثمر 1.9 تريليون دولار في الولاياتالمتحدة معظمها في أذون الخزانة». وقال: «كيف ستتأثر هذه الاستثمارات؟ لا نعلم لكننا الأكثر تعرضاً للمخاطرة بين أسواق مجلس التعاون الخليجي». وأشار المحلل المالي وضاح الطاه أن قضية الدَين الأميركي ستمتد لفترة طويلة يسيطر عليها التوتر، ما سيؤثر في الأسهم الخليجية، لافتاً الى أنها ستظل في المنطقة الحمراء نتيجة عوامل خارجية.