ياسر حماية، واحد من جيل الكتاب الصحافيين الشباب في مصر، ساخر بطبعه وفي رؤيته وقراءته للأحداث من حوله، له العديد من المؤلفات التي تحظى بانتشار كبير بدأها ب«قاموس روش طحن» الذي رصد فيه لغة خاصة سرية يتواصل بها الشباب. وانتهى بكتابيه «اضحكي يا ثورة، و معمر الطاسة ... القذافي سابقاً» إضافة إلى عمله كرئيس تحرير ومستشار صحافي لمجموعة إعلامية عربية. في الحوار المقتضب التالي يقدم ياسر قراءة مختلفة لما عليه الشارع المصري الآن. كيف تستقبل مصر رمضان هذا العام؟ - رمضان في مصر هذا العام رمضان الثورة، إذ ستتأسلم جميع القوى السياسية، التي ستحول ميدان التحرير إلى أكبر مائدة رحمن في العالم، بخاصة وأنهم مصرون على المكوث فيه إلى أن تتحقق مطالبهم، وستتحول خيامهم فيه إلي خيام رمضانية. هل سينقسم الشعور برمضان بين المصريين بمعنى أن رمضان التحرير سيختلف عن رمضان القرى والحارات المصرية؟ - سيكون رمضان الحارات والشوارع مثل كل عام، لكن ستكثر فيه الألعاب النارية والمفرقعات، لتعزيز الإحساس بالخوف داخل المصريين، أما في الميدان فسوف يكون منبر ثقافي رمضاني، مليء بالشعر والتواشيح، وسيأخذ الميدان الطابع الإسلامي إلى حد ما، خصوصاً بعد قرار الجامعات الإسلامية النزول إليه مرة أخرى. في كتابك (قاموس الروشنة) جمعت مفردات كثيرة غريبة على اللهجة المصرية ... ما هي فكرة هذا القاموس وكيف جاءتك؟ - فكرة القاموس قائمة على جمع مفردات اللغات السرية والمصطلحات الشبابية، التي انتشرت في المجتمع المصري بين الشباب، وقد جاءتني عندما كنت في المرحلة الجامعية ووجدت نفسي أتأثر بهذه اللغة، وأتحدث بها مع أصدقائي في حضور من لا أرغب إطلاعهم على ما نتحدث فيه، لأنتقل بعد ذلك إلى مرحلة العمل، فأتحدث بها أيضاً خوفاً من أن يسمع أو يفهم مديرنا في العمل تعليقاتنا الساخرة عليه، أو تعبيرنا عن شعورنا بالملل من العمل، هذه اللغة الجديدة، التي قدمتها هي مخرج وتنفيس لرغبات الشباب ورغباتي، وهي متداولة بين الشباب يتكلموا بها بحرية، ولا يفهم المحيطين بهم مضمونها. هل هي مفردة وليدة الخوف؟ - نعم ... وليدة القهر والحرمان من الحرية والخوف من الاعتراف بالحقائق. ما هو أكثر مالفت انتباهك في هذه المفردات؟ - أكثر ما لفت انتباهي بها، هو حرص أطرافها وبحثهم عن الحرية، حتى ولو بلغة سرية، يبحث فيها الشباب عن مخرج من الحصار العائلي ومن قيود المجتمع الذي يعيشون داخله، هؤلاء الشباب هم من صرخ في الثورة، وقرروا أن يعيشوا بوجههم الحقيقي، بعد أن عاشوا طويلاً يعبرون عن آرائهم وأحلامهم من خلال «اسم مستعار» في الجروبات والمنتديات العامة. أصدرت عدد من المؤلفات الأخرى مثل «اسطوانات الحب ... معمر الطاسة القذافي سابقاً - اضحكي يا ثورة عن الثورة المصرية» ماالذي تريد قوله في هذه الكتب؟ - أحاول أن اكتب عن جيلي، في كتاب «اسطوانات الحب» مثلاً رصدت حيل الشباب والبنات في المجتمع المصري في الوصول إلى غايتهم من بعضهم البعض تحت مسمى (الحب) فكشفت تجارب الشباب والبنات الذين ينظر كل منهم للآخر باعتباره فريسة، سواء للاستغلال الجسدي من الشاب أو لصيد عريس من الفتاة، وفي كتب الثورة رصدت تجارب الشباب الكوميدية، التي صنعت من فكاهاتهم وتعليقاتهم وحشودهم ثروة كوميدية جداً، وعلى النقيض تماماً كانت فكرة كتاب (القذافي) وكيف تحول من رئيس إلى نكتة أضحكت شعوب الأرض، لكنها أبكت شعبه فقط. ما هي أبرز المواقف الكوميدية التي رصدتها في ميدان التحرير؟ - في ميدان التحرير كانت النكتة نابعة من القهر، وهناك رصدت شباب قهرتهم الظروف فصنعوا منها «منلوج» يتغنوا به في الميدان، كما ظهرت سخريتهم في شكل اللافتات، ونصوص المسرحيات ذات الفصل الواحد التي يمثلونها على مسرح صغير في قلب الميدان، أو في الطرقات، لكن أبرز ما علق بذهني هو جمع الشباب لغنائم «موقعة الجمل» من سرج الأحصنة والأسلحة البيضاء وعرضها كنصب تذكاري يزوره الآن كل زائر للتحرير. في كتابك عن القذافي كيف قدمت شخصيته؟ أنا متابع جيد لحياته ومواقفه، وذلك بحكم قربي في بعض الأوقات من الرئيس السابق حسني مبارك أثناء وجودي في الاتحادات الطلابية، وقد التقيته مع عدد من الطلاب عدة مرات ومن خلال تعليقاته الكوميدية على الرئيس القذافي تعلقت به وبجنونه الذي تحول بعد ذلك إلى كارثة حقيقية، فبحثت من خلال بعض الأصدقاء في «مركز الدراسات الإستراتيجية» وبعض مواقع النت والكتب، واكتشفت أنه كان مريضاً عقلياً يعالج في مصر، وأنه استغل ذلك في الوصول إلى غاياته، وللعلم فالقذافي صادق جداً في جميع تصرفاته، وأقواله لأنها نابعة من جنونه وإصابته بعشرات الأمراض النفسية، أبرزها حب الذات وجنون العظمة. ما هي أبرز تعليقات مبارك عليه التي مازلت تذكرها حتى الآن؟ - قال مبارك في إحدى لقاءاته بنا، وبعد سؤاله عن القذافي: الأخير قرر فتح الحدود بين مصر وليبيا، وإلغاء جوازات السفر، واستعان بمجموعة من رجال الجيش الليبي، إذ قام بتحطيم السلك الشائك بيننا وبينهم، وعندما تم إبلاغي بالأمر، ضحكت جداً وقلت: «هاتولي المجنون ده»، وبالفعل جاء القذافي إلى مصر واقنع مبارك بضرورة إلغاء الحدود وأن يكون العبور إلى لبيا ومصر والعكس بالبطاقة الشخصية ...، وأضاف مبارك: «مكنتش قادر أمسك نفسي من الضحك وهو قاعد قدامي ومش فاهم بيقول أيه بس وافقته عشان دماغي متتعبش منه».