أثار البرنامج الديني «صحّة شريبتكم» الذي يقدمه الوجه السياسي التونسي المعروف والمحسوب على «حركة النهضة» الشيخ عبد الفتاح مورو عبر قناة «حنبعل»، جدالاً منذ حلقته الأولى. إذ تعرَّض لانتقادات شديدة من أطراف سياسية واجتماعية، ورأى كثر أنّه يفتح الباب واسعاً أمام الدعاية السياسية المتسترة بالدين. وذكرت «الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال» في بيان، أنها تلقت من أعضاء في «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة» وأحزاب سياسية وممثلين عن المجتمع المدني وصحافيين، مراسَلات تنتقد برنامج الشيخ مورو. ورأت ان «البرنامج يخرق قاعدة الحياد والنزاهة، باعتبار أن مقدِّمه ناشط سياسي على علاقة وثيقة مع أحد الأحزاب السياسية المعروفة على الساحة التونسية، وكثيراً ما شارك إلى جانب قياديي ذلك الحزب في الاجتماعات العامة والحوارات التلفزيونية، إلى درجة شيوع خبر أنه سيقود حملته الانتخابية». ودعت الهيئة إدارة قناة «حنبعل» إلى «إعادة النظر في بث هذا البرنامج الذي قد تختلط فيه الدعاية السياسية بالدعوة الدينية، وإلى اختيار رجال دين مستقلين عن اللعبة السياسية لتقديم مثل هذه البرامج المحمودة». كما تضمن بيان الهيئة انتقادات حادة للقناة وصاحبها، إذ أشار إلى أن «حنبعل» تستعمل موارد عمومية، «بالتالي فهي مطالبة وفقاً للاتفاق المبرم بينها وبين السلطة العمومية باحترام التزاماتها التعاقدية والحياد في تناول قضايا الشأن العام». يذكر أنّ الانتقادات لم تصدر عن «الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال» فحسب، بل صدرت أيضاً عن أحزاب، من بينها الحزب الديموقراطي التقدمي والتكتل الديموقراطي من اجل العمل والحريات وحزب آفاق تونس وحركة التجديد. وانتقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ما اعتبره «تجاوزات خطيرة شوّهت المشهد الإعلامي العمومي والخاص والموضوع تحت تصرف الدولة في البلاد»، كما انتقد ما شهده الخط التحريري لعدد من المؤسسات الإعلامية من تذبذب وانحياز لخط سياسي. واستعرضت النقابة في بيان تجاوزات بعض وسائل الإعلام، ومنها عدد من الصحف ومحطة إذاعية، وعبّر المكتب التنفيذي للنقابة عن انزعاجه الشديد من «الاستعمال المتبادل للدعاية غير الشرعية بين جهة سياسية ومؤسسة إعلامية، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الاتفاق المبرم بين قناة «حنبعل» وعبد الفتاح مورو الناشط السياسي والوجه الإسلامي، ما من شانه أن يهدد شفافية وموضوعية الرسالة الإعلامية التي يجب أن تكون بمنأى عن أي تأثيرات. الشيخ عبد الفتاح مورو صرح أكثر من مرة بأنه ناشط سياسي مستقلّ ولا ينتمي إلى جبهة سياسية في شكل رسمي، مؤكداً أنّ برنامجه لا يصبّ في خانة التعبئة السياسية لأي طرف على الساحة التونسية. واعتبر أن الفترة الانتقالية التي تمرّ بها البلاد تدعو الى كثير من التركيز والبعد عن إثارة النعرات والفتن، علماً ان الشيخ راشد الغنوشي، مؤسس «حركة النهضة» صرّح خلال أيار (مايو) الماضي عبر إحدى المحطّات الإذاعية أن مورو سيقود الحملة الانتخابية للحركة. وفي تصريح الى «وكالة الأنباء التونسية»، اعتبر مورو ما يحدث مجرد هجمة تشنّها أطراف سياسية، موضحاً أن «تلك الأطراف لها حضور كبير في محطات إذاعية وتلفزيونية بما يفوق نسبة حضوره»، مؤكداً أنّه توخّى كل الحذر في برنامجه كي لا يكون فيه أي مجال للخلط بين الشأن الديني والسياسي، مشدداً على انه لن يتراجع عن تقديمه. أمّا صاحب قناة «حنبعل» أو «باعث القناة»، كما يسمّي نفسه، وكما تعود التونسيّون على موقع «فايسبوك» التهكّم منه، لإصرار قناته على إبرازه على أنه رجل المرحلة، كما يرى كثر من المتابعين للشأن الإعلامي والسياسي التونسي، رغم ما يحوم حول حياته الشخصية والعملية من شكوك في مصادر ثروته، «باعث القناة» صرح لإحدى المحطات الإذاعية أنه لن يوقف بثّ البرنامج، وعلى المعترضين اللجوء إلى القضاء. وفي سياق متصل امتنعت وزارة الشؤون الدينية عن إبداء أي موقف ممّا يحدث ومن البرنامج نفسه، معتبرة ذلك من قبيل السجال السياسي.