عزا أطباء واختصاصيون نفسيون، ارتفاع الحالات والأمراض النفسية، إلى متغيرات عدة، أبرزها «ظروف المعيشة، والتغيرات التي تحدث في العالم العربي». وقال الطبيب النفسي أحمد سليمان، الذي يعمل في أحد المستشفيات الأهلية في المنطقة الشرقية، ل «الحياة»: «إن عدد الاستشارات النفسية يصل شهرياً إلى 10 الاف استشارة، وهذا الأمر طبيعي، لأن غالبية الاستشارات حول كيفية الحد من الخلافات الزوجية، وتجاوز بعض العقبات، إضافة إلى أوهام ومعتقدات خاطئة ينجم عنها أرق وقلق ووساوس نفسية. إلا أن عدد المراجعين وصل في خلال شهر إلى أربعة آلاف مراجع. وقد يرتفع العدد إلى ستة آلاف أحياناً. وهذا الأمر يختلف اختلافاً كلياً عن الاستشارات، لأن الأخيرة تعتبر مسائل حياتية واعتيادية. أما المراجعون فيعانون من أمراض وحالات نفسية تتطلب علاجاً. ويعتبر العدد مرتفعاً، وهذا الأمر لا يحدث في كل شهور السنة». وأضاف سليمان، إن «بعض الحالات تعاني من وسواس قهري، وبعضها من اضطرابات في الشخصية، وربما يصل إلى انفصام. وقبل الوصول إلى الحالة المرضية، نبدأ بإدخال المريض في برنامج علاجي مُكثف، إذ يتم التخلص من المشاعر السلبية والتفكير السلبي كافة، الذي قد يقود إلى التفكير في الانتحار، أو ما شابه ذلك». وأوضح أن «ما يثير الغرابة أن حالات تم علاجها، أصيبت بحالات نفسية نتيجة الأرق والتفكير المستمر، بسبب الأوضاع في بلادهم، وهذا الأمر رفع من عدد المراجعين إلى المستشفى، تحديداً في شهر نيسان (ابريل)، ويليه أيار (مايو). كما لوحظ أن بعضهم يعتقد أنه مصاب بألم وما شابه ذلك، ويتبين لاحقاُ أنه خال من أي أعراض مرضية، وإنما الألم ناجم عن تفكير مستمر وأرق، ما يتطلب علاجاً نفسياً، أو استبدال الجلسات العلاجية بالأقراص الدوائية»، مردفاً «نلاحظ أن غالبية المراجعين من السيدات، على رغم أن نسبة المراجعين الرجال عالية، إلا أن السيدات أعلى. ونحن لا نعتبر الاستشارات حالات أو أمراض، وإنما ندخلها في إطار الاستشارات الاجتماعية، إذ يتم تحويل بعضها إلى اختصاصي نفسي واجتماعي، لأنها تتطلب مواعيد، والبعض لم يتمكن من العلاج لتأخر موعده، وهذا مؤشر أن عدد الحالات لا يستهان به». بدوره، أبان الاختصاصي النفسي محمود العمير، أن «ارتفاع مؤشر المراجعين للعيادات النفسية في المستشفيات الأهلية، دليل على ارتفاع مستوى الوعي بين الناس. كما يوضح أن لا فرق بين مراجعة الطبيب النفسي، والآخر العادي، وأن هذا الأمر ليس معيباً. علماً أن بعض المستشفيات لا زالت تتحفظ على افتتاح أقسام للعلاج النفسي، وتوفير الخدمات النفسية العلاجية». يُشار إلى أن مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام، قد أعلن عن ارتفاع حالات المراجعين من الجنسين للعيادات النفسية، وكذلك في علاج المتعافين من الإدمان وتأهيليهم، لتعرضهم إلى حالات وأمراض نفسية منوعة.