واشنطن، بكين – رويترز، أ ف ب، يو بي أي - تراجعت الولاياتالمتحدة من على شفا التأخر في تسديد مستحقات الديون، لكن موافقة الكونغرس في اللحظات الأخيرة على خطة لخفض العجز فشلت في تبديد المخاوف من خفض ائتماني ومشاحنات مستقبلية في شأن الضرائب والإنفاق. وعبّر الرئيس باراك اوباما والمشرعون من الحزبين الديموقراطي والجمهوري عن ارتياح، في شأن الحل الوسط لرفع سقف الاقتراض. وعلى رغم ذلك تراجعت الأسهم الأميركية بحدة مع قلق المستثمرين حيال استمرار ضغوط الشكوك الاقتصادية والسياسية على اكبر اقتصاد في العالم. ووقع أوباما مشروع القانون ليسري قانوناً، بعدما وافق مجلس الشيوخ بغالبية 74 صوتاً في مقابل 26 على خطة لخفض العجز بقيمة 2.1 تريليون دولار. واعتبرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، أن «الاتفاق خفّف من حال الغموض في الأسواق». ويُنتظر حكم الوكالات الثلاث الكبرى للتصنيف الائتماني على خطة خفض العجز في الموازنة الأميركية، بترقب وقلق في واشنطن و «وول ستريت»، خشية فقدان علامة «إيه إيه إيه» القصوى التي تحظى بها الولاياتالمتحدة. وكالات التصنيف وسيقرر محللو «ستاندرد أند بورز» و «موديز» و «فيتش» في الأيام أو الأسابيع المقبلة، في ضوء الإجراءات التي اقرها الكونغرس أول من أمس، اذا كانت الولاياتالمتحدة لا تزال تستحق البقاء بين المقترضين الأكثر صدقية في العالم. وأعطت «موديز» أول من أمس، مؤشراً أوّل غير مطمئن بخفض توقعاتها لعلامة «إيه إيه إيه» الممنوحة للدين الأميركي منذ عام 1917 من «مستقرة» الى «سلبية». وأوضحت الخبيرة الاقتصادية في معهد بيترسون في واشنطن كارمن راينهارت، أن الولاياتالمتحدة «لا تزال عرضة» لاحتمال فقدان علامتها القصوى. ورأت أن الاتفاق «هزيل جداً»، بالنسبة إلى ما كانت تدعو إليه وكالات التصنيف الائتماني، «ما يمكن أن يشكل عاملاً يدعو إلى خفض العلامة». وأوردت شبكة «سي أن بي سي» الإخبارية المالية على موقعها الإلكتروني، أن خفض علامة دين الولاياتالمتحدة «سيكون مثابة إذلال تترتب عنه أضرار نفسية». ورأى المحلل لدى شركة «براون براذرز هاريمان» وين ثين، أن وكالات التصنيف الائتماني «تبنت في الأسابيع الأخيرة نبرة حازمة جداً في موضوع خفض العلامة»، لكن لفت إلى أنها «تراجعت نوعاً ما في هذا الشأن، وبالتالي ربما تكون الولاياتالمتحدة تجنبت الأسوأ». ولم يخطر يوماً للولايات المتحدة قبل أزمة سقف الدين الخروج من نادي الدول ذات العلامة القصوى، إذ تُصنف حالياً إلى جانب كندا وفرنسا وألمانيا والنمسا والسويد. وفي حال فقدت العلامة القصوى، قد يؤدي ذلك إلى خفض علامة مقترضين كثر، بدءاً بالهيئات العامة وشبه العامة مثل عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و «فريدي ماك»، وصولاً إلى شركات التأمين فضلاً عن الولايات والحلفاء. وكانت «ستاندرد اند بورز» و «موديز» أعلنتا أول من أمس، عزمهما خفض العلامة الممنوحة لسندات الدين المضمونة من الولاياتالمتحدة والصادرة عن إسرائيل ومصر. ورحّب المصرف المركزي الصيني أمس، بالاتفاق الأميركي على رفع سقف الدين العام، مؤكداً الاستمرار في «تنويع الاستثمارات بالعملات الأجنبية وتعزيز إدارة الأخطار للتخفيف من تأثير تقلبات السوق المالية العالمية عليها». وتعهد محافظ المصرف تشو شياو تشوان، في بيان نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة، ببذل «الجهود للحفاظ على نمو اقتصادي سريع ومنتظم وحماية اقتصاد الصين واستقرارها المالي». واعتبر البيان، أن «التقلبات الكبيرة والغموض في سوق سندات الخزانة الأميركية سيؤثر في استقرار الأنظمة المالية والنقدية الدولية، ما سيضر بالانتعاش الاقتصادي العالمي». وأمل في أن «تتخذ الولاياتالمتحدة تدابير فاعلة لمعالجة قضايا ديونها في الشكل المناسب». وكانت وكالة «داغونغ» للتصنيف الائتماني الصينية، خفضت أمس علامة الدين السيادية للولايات المتحدة من «إيه +» إلى «إيه»، وأرفقته بتوقعات سلبية. ورأت أن قرار رفع سقف الدين «لن يغيّر حقيقة أن نمو الدين الوطني الأميركي تجاوز نمو الاقتصاد بالكامل وعائداتها المالية، ما سيقود إلى تراجع قدرة الولاياتالمتحدة على تسديد ديونها». واعتبرت أن «مصالح دائني الولاياتالمتحدة تفتقر إلى الحماية المنهجية من الناحيتين السياسية والاقتصادية». وأعلنت الصين موقفاً صارماً حيال إعلان الاتفاق، إذ اعتبرت أن الولاياتالمتحدة «فشلت في نزع فتيل «قنبلة ديونها»، وحذّرت وكالة أنباء الصين الجديدة أمس، من أن «يؤثر فشل واشنطن في ضبط ديونها في رفاه مئات ملايين العائلات في الولاياتالمتحدة وخارجها».