لن ينشغل اهل الصحافة الفنية خلال هذا الموسم الرمضاني أسوة بالسنوات الماضية ب «زحمة المسلسلات في شهر واحد»، فالإنتاج تضاءل في شكل ملحوظ بفعل الثورات والاحتجاجات العربية. ولن يسعوا وراء خبر عن «أجر فلكي» لنجم التهم الموازنة المرصودة للمسلسل ككل، بما ان معظم النجوم خفضوا اجورهم «تضامناً مع الثورة». ولن يشغل بالهم الحديث عن دراما نُفذت على مقاس «النجم الأوحد»، فمعظم نجوم رمضان - تحديداً في مصر - باتوا خارج حلبة المنافسة. ولن تستفزهم عبارة «حصرياً على هذه الشاشة»، فالأزمات المادية أكبر من قدرة كثير من القنوات على التباهي. لم يمرّ «الربيع العربي» من دون ان يرخي بظلاله على الموسم الرمضاني. أسقط عناوين جاهزة طالما شكّلت مادة دسمة لأقلام صحافيين موسماً رمضانياً بعد موسم. ووضع أهل الدراما امام تحد لم يعهدوه... حتى في احلك الظروف الاقتصادية والمناخية. ففي ذروة الازمة المالية العالمية، ضحك المنتجون في سرّهم لعدم تأثّر موسمهم الدرامي الذي ينتظرونه من رمضان الى رمضان. وحين أتى الشهر الفضيل، في عز الصيف، الفصل الذي يعتبر في حسابات أهل التلفزيون، أقل فصول السنة إقبالاً من حيث نسبة المشاهدة، لم يبدُ ان هناك خطراً يتعقب الموسم الدرامي الذي يترافق في بلادنا وشهر الصيام. أقلقت الثورة المنتجين وأصحاب المحطات. المنتجون شكوا انخفاض الأسعار. وأصحاب المحطات شكوا قلة الإعلانات. وكلاهما من شأنه ان يصيب الموسم الدرامي بمقتل. ولكن ماذا عن الخطر الآخر الذي يتربص بأهل الدراما، ويتلخص بتغير اهتمامات الجمهور في الظروف السياسية الحرجة، وابتعادهم عن المنوعات وبرامج الترفيه واتجاههم الى كل ما يمتّ الى السياسة بصلة؟ واضح ان بعض المنتجين لم يغب عن باله هذا الأمر، فعمد الى اقتناص اللحظة وتحويل مسلسلاته لتتناسب والحراك السياسي... ولكن، هل سينجذب الجمهور في هذا التوقيت الى أعمال يعرف انها من وحي خيال كاتب سيناريو ما، ويبتعد عن أحداث حقيقية يراها في نشرات الأخبار بأم العين لأبطال من لحم ودم... وإن ظلوا مجهولي الهوية والأسماء والوجوه؟ الاكيد ان أزمة مشاهدة ستلوح في سماء الفضائيات. فبعد عبور مأزق التسويق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم درامي حرج، يبقى الأمل في الرهان على جمهور وفيّ اعتاد ان يتحلق حول شاشات المسلسلات في رمضان مستقبلاً ما يعرض امامه، إما عن اقتناع وحب لأعمال كهذه، وإما مجاراة لحديث الصالونات. فهل ستنتصر العادة أم قوة اللحظة؟