دشّن ليبيراليون روس حملة لدعم ترشيح الرئيس ديمتري مدفيديف لولاية ثانية، محذرين من أن عودة رجل روسيا القوي فلاديمير بوتين إلى الكرملين في الانتخابات المقبلة قد تسفر عن «كارثة» للبلاد. ودخل مؤيدو ترشيح مدفيديف في الانتخابات التي حدد الرابع من آذار (مارس) المقبل موعداً لها، على خط الحملات القوية التي شهدتها روسيا أخيراً، وشنها أنصار بوتين لتمهيد الطريق أمام عودته لشغل مقعد الرئاسة. وانتقل أمس، السجال بين الفريقين إلى صفحات الجرائد الكبرى، إذ نشرت صحيفة «فيدوموستي» الموجهة الى رجال المال والأعمال مقالاً بتوقيع خبيرين بارزين أثار جدلاً واسعاً وعكس مخاوف عند فريق الليبراليين القريبين إلى الغرب من تراجع مدفيديف عن ترشيح نفسه، خشية مواجهة بوتين في انتخابات تشير تقديرات أولية إلى أن فرص الثاني في الفوز فيها تبدو أكبر. واعتبر الكاتبان ايغور يورجنس ويفغيني غونتماخر الذي يرأس معهد التنمية المعاصرة، إن استخدام عبارات مثل «سنجلس ونتفق على هوية المرشح» التي رددها مدفيديف وبوتين أخيراً، يعكس «بعد روسيا عن آليات الديموقراطية» ويهدد ب «كارثة وأزمة شاملة في حال لم يقدم مدفيديف على اتخاذ قرار حاسم بالترشح». ويمثل الكاتبان مركز بحوث ودراسات يقدم نصائح إلى الكرملين عادة، وشددا في مقالهما على أن «على الرئيس ألا يستمع الى نصائح مستشاريه» بل أن «يتحمل مسؤولياته ويجازف وألا يأخذ بآراء المحيطين به». وحذرا من أن عودة بوتين إلى سدة الرئاسة ستسفر عن «هروب رؤوس الاموال وزيادة معدلات الهجرة من روسيا وتراجع الاسواق المالية الروسية وتفاقم التطرف القومي وتشدد النظام السياسي». في المقابل، أشارا إلى أن مدفيديف «يحاول توجيه الأمور نحو إنجاح برنامجه للتحديث والتقدم في محاربة الفساد»، معتبرين أن ذلك هو «الطريق الوحيد أمامنا لأن البديل هو تسليم البلاد إلى الفاسدين والمتشددين والمحافظين». ورأى يورجنس وغونتماخر أن أمام روسيا طريقين فقط هما «الاستقرار على طريقة بوتين أو التقدم على طريقة مدفيديف». وشددا على أن المطلوب هو ترشح الأخير لأن الإفساح في المجال أمام ترشيح شخص ثالث لن يكون كافياً لضمان المضي في برامج الإصلاح»، خصوصاً إذا كان المرشح «من المقربين إلى رئيس الوزراء». وعلى رغم اعترافهما بأن مدفيديف وطموحه للتحديث «لا يمكن ان يصنعا معجزة» وبأن «التحديث مشروع محفوف بالأخطار» فانهما شددا على ضرورة تشكيل ائتلاف شعبي عريض لدعم برامج التحديث واعتبرا أن فرص نجاح الائتلاف في التأثير الجدي «ليست ضئيلة كما نظن للوهلة الأولى». وأشارا إلى أن «نسبة من المواطنين تراوح بين 15 و20 في المئة تدعم عمليا برامج التحديث». اللافت أن هذه الدعوة لتأسيس ائتلاف شعبي عريض تعد الأولى من نوعها لمواجهة ائتلاف شعبي واسع، أسسه أنصار بوتين أخيراً واسمه «الجبهة الشعبية». ويعد المقال، الأقوى من نوعه منذ بدء السجالات حول هوية الرئيس المقبل للبلاد، ويشير توقيت نشره كما قال خبراء روس، إلى تبلور فريق من الشخصيات الليبيرالية المعروفة بميلها الى تعزيز التعاون الروسي مع الغرب والتي تدعو إلى تفويت الفرصة أمام احتمال عودة بوتين إلى الكرملين. ولم يعلن بوتين أو مدفيديف رسمياً، نيتهما الترشح لانتخابات الرئاسة، علماً أن روسيا تشهد انتخابات برلمانية نهاية السنة سيكون لنتائجها أثر حاسم في تحديد هوية الرئيس المقبل. وتشير معطيات مركز دراسات الرأي العام الذي نشر نتائج دراسة أعدها الأسبوع الماضي، إلى أن حزب «روسيا الموحدة» الذي يتزعمه بوتين ما زال قادراً على اكتساح نحو ثلثي مقاعد البرلمان (مجلس الدوما) وهي النسبة ذاتها تقريباً التي يحتلها في الهيئة الاشتراعية الآن.