تكريت - أ ف ب - قبل خمسة اشهر من انسحابهم المقرر من العراق، يستعد الجنود الاميركيون لتغيير سلم اولوياتهم، وباتت مهمة تنظيم عملية الانسحاب من البلاد التي اجتاحوها عام 2003، تتقدم مهمة تدريب الجيش العراقي. وبدءاً من اول آب (اغسطس)، ستركز القوات الاميركية في شمال العراق جهودها على هذه المهمة اللوجستية التي تشمل تسليم عشرات القواعد العسكرية، ونقل آلاف الآليات العسكرية والمولدات الكهربائية ومكيفات الهواء، وكل اشكال المعدات. وقال الجنرال جيم باسكواريتي، المسؤول الاول عن اتمام عملية الانسحاب من الشمال، ان «الاولوية لدى وصولنا كانت، وحتى وقت قريب، تتركز على تدريب القوات العراقية». والآن أصبح «الجهد الاساسي التركيز على عملية الانتقال، والجهد الثانوي على التدريب». واعتبر باسكواريتي ان قواته «تعبد الارض امام العراقيين (...) علماً اننا لم نقم يوماً بعملية بمثل هذا الحجم»، وقد وصفها مسؤول عسكري اميركي رفيع المستوى بانها لا سابق لها في تاريخ الجيش الاميركي. وتستعد القوات الاميركية الباقية في العراق وعددها حوالى 47 الفاً لمغادرة البلاد نهاية العام الجاري بموجب اتفاق موقع بين بغداد وواشنطن. وقال الكولونيل ستيف كوك، وهو اعلى مسؤول لوجستي اميركي في شمال العراق: «في كل مرة تحزم امتعتك، تتساءل من اين أتت كل هذه الأشياء». وأضاف خلال مقابلة في قاعدة «سبايكر» قرب تكريت: «يبدو ان الأشياء التي يترتب نقلها تفوق تصوراتنا». ورأى كوك، شأنه شأن مسؤولين عسكريين آخرين وصلوا الى القاعدة في أواخر العام 2010، ان الجزء الاكبر من مهمتهم التي تقضي بنقل الجنود والعتاد الى خارج البلاد، لم ينجز بعد. ومنذ نهاية العام الماضي، سلمت القوات الاميركية في شمال العراق السلطات المحلية معدات غير عسكرية تبلغ قيمتها حوالى 30 مليون دولار وتشمل مولدات ومكيفات هواء، وذلك من دون مقابل مادي وفي اطار برنامج وافق عليه الكونغرس. وفي الفترة ذاتها، تسلمت القوات العراقية 16 قاعدة عسكرية في شمال البلاد، فيما بقى هناك 23 قاعدة. وعلى رغم ان هناك خططاً لابقاء عدد محدد من الجنود الاميركيين في العراق في مهمات تدريب اضافية، كما سبق ولمح اليه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الا ان اي خطوات لضمان وجود اميركي طويل الامد لم تنفذ. وأعلنت مصادر برلمانية عراقية الاثنين تاجيل اجتماع للقادة السياسيين بسبب فشل المفاوضات التي تجري منذ اسبوعين لاتخاذ قرار في مسألة رحيل القوات الاميركية او بقاء جزء منها في البلاد بعد نهاية العام. وقال النائب حيدر الملا عن «القائمة العراقية» التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ان «الاجتماع سيؤجل والسبب بالتاكيد هو عدم التوصل الى نتائج». ورجح ان «يتم عقد الاجتماع خلال الايام القليلة المقبلة». وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اعلن في 9 تموز (يوليو) الاتفاق على مواصلت المفاوضات على مدى اسبوعين لحسم الموقف. وقال الكولونيل ماثيو تيديسكو، المسؤول عن اغلاق «سبايكر»، ان «بعض الاشياء الجميلة هنا تزول تدريجاً»، مشيراً تحديداً الى ان مطعم «برغر كينغ» للوجبات السريعة ومقهى «غرين بين» سيغلقان ابوابهما قريباً، فيما خدمة الانترنت المقدمة الى الجنود للاستخدام الشخصي ستتوقف كذلك. وتملأ جدران القاعدة منشورات معلقة على الواح خشبية تفيد الجنود بأن خدمات البريد ستتوقف قريباً، وان هؤلاء الذين يحتاجون الى ادوية من الخارج عليهم التقدم بطلبات للحصول عليها قبل الموعد المقرر لذلك. وتجري استعدادات لانسحاب مماثل في قواعد اميركية اخرى في الشمال وانحاء اخرى من البلاد، على ان ترسل المعدات التي تجمع الى الكويت قبل نقلها الى الولاياتالمتحدة او اماكن اخرى حول العالم. وقال باسكواريتي: «لا يمكن نقل كل شيء دفعة واحدة، لسنا الوحيدين الذين نستعد لمغادرة شمال العراق»، في اشارة الى المهمة المعقدة التي تقضي بتسليم عشرات القواعد العسكرية في الشمال والجنوب. ورأى كوك ان «البقاء هنا لثماني سنوات يجعلك تقتني اشياء كثيرة. تبدو مهمة شاقة، لكن المهام الضخمة تنجز خطوة خطوة».