مع بقاء العقيد معمر القذافي في السلطة ومع اقتراب شهر رمضان، طُرح سؤال عن امكان متابعة حلف شمال الأطلسي «الناتو» عملياته في شهر آب (أغسطس) والحال ان الحلف مفوض من الأممالمتحدة بحماية المدنيين ونحن عازمون على التنفيذ الكامل لهذا التفويض. ونأمل بأن يوقف نظام القذافي هجماته اثناء رمضان. لكن في حال استمرت، سنواصل عملياتنا. وانا متفائل. لقد دمرنا جزءاً مهماً من آلة القذافي الحربية. ومنعنا مجزرة ضد الشعب الليبي. وتتقدم قوات المعارضة. وتتدهور موارد النظام الاقتصادية. وينشق عنه وزراء وقادة عسكريون. وتتفاقم عزلة النظام وسيؤدي كل ذلك الى انهياره. والسؤال ليس معرفة ما إذا كان القذافي سيتنحى عن السلطة بل موعد التنحي. وفي المرحلة التي ستلي انتهاء الصراع، لا اتوقع أن يؤدي التحالف دوراً رئيساً. ونتمنى ان تتحمل الاممالمتحدة المسؤولية تلك. لكن على المدى الطويل أستطيع التكهن بأن الحلف سيساعد حكومة منتخبة ديموقراطياً لتعزيز دفاعها وأمنها، سواء في ليبيا او في غيرها من دول شمال افريقيا او الشرق الأوسط. ويملك «الناتو» خبرة كبيرة ومن الضروري اثناء تعميم الديموقراطية في بلد ما ان تكون قوات الامن منظمة في ظل سيطرة وقيادة ديموقراطيتين. من جهة ثانية، قيل ان حلف «الناتو» واجه مشكلات جدية في التضامن بين دوله الاعضاء ما تجسد في قلة عدد الدول المشاركة في الضربات الجوية في ليبيا. لكن وعلى رغم ذلك، تشكل التجربة الليبية قصة ايجابية للمشاركة الاوروبية في عمل «الناتو». وللمرة الاولى يتعلق الأمر بعملية قادها الاوروبيون بالشراكة مع كندا. وهذه شهادة على التضامن في الحلف. وبطبيعة الحال، لم يكن ممكناً من دون الوسائل التي تملكها الولاياتالمتحدة انجاز شيء. هذا واقع. واوروبا وحدها لا تستطيع تنفيذ عملية كهذه. بيد ان هذا سبب من أسباب وجود الحلف الاطلسي. لقد فهمنا منذ ستين عاماً اننا نحتاج الى بعضنا البعض. في الوقت ذاته، لم نصل الى اتفاق كامل مع الروس في شأن ليبيا. لكن بفضل امتناعهم عن التصويت في مجلس الأمن، جرى تبني القرار حول ليبيا. وساند الرئيس (الروسي ديمتري) مدفيديف الدعوة الدولية الى رحيل القذافي. ونتشارك في الاسس. لكنني ارفض الاتهامات الروسية التي تقول اننا تجاوزنا تفويضنا. وعلى صعيد أوسع، اسفر تعاوننا عن تقدم كبير أخير: اتفاق على طريق امدادات للقوات في افغانستان وانشاء صندوق خاص لتأهيل ملاحي المروحيات بمدربين روس، مثلاً. واتفاق في شأن مكافحة الارهاب. اما في ما يتعلق بالمشروع الجديد للدفاع المضاد للصواريخ، فنرغب في التوصل الى اتفاق بحلول ايار (مايو) 2012 اثناء القمة المقبلة «للناتو». وأدركت روسيا ان من مصلحتها الحصول على ضمانات ان نظامنا لا يهدد نظامها تهديداً مباشراً. وان السبيل الأفضل هو ان تكون جزءاً من العملية. ونرمي الى انشاء مركزين مشتركين يكونان اطار تبادل المعلومات واداء التدريبات المشتركة. في ما يتعلق بالانسحاب من افغانستان عام 2014، نقول اننا هناك لا نساهم فقط في التوسع السريع للقوات الافغانية بل ايضاً في تحسن كبير في نوعيتها. ويشن مقاتلو «طالبان» هجمات استعراضية ويمنون كذلك بحالات فشل كبيرة. وسينظم انسحاب قوات «الناتو» تنظيماً جيداً وسيكون متدرجاً. وعام 2012 ستكون لدينا هناك قوات تزيد عما كان لدينا قبل «الاندفاعة» التي حصلت نهاية عام 2009. وفي الفترة ذاتها سيكون لدينا 350 الف جندي وشرطي افغاني مقابل 200 الف قبل «الاندفاعة». وتسعى «طالبان» الى اختبار هذا التحول لأنها تعتبر مشكلة لهم: فهي تعلن انهم سيضطرون في المستقبل الى القتال ضد ابناء وطنهم. ويتعين قبل قمة «الناتو» المقررة في شيكاغو العام المقبل، القول ان صدقية الحلف سليمة. وهو يقود ست عمليات في عدة قارات: في افغانستان وليبيا وكوسوفو والعراق والصراع ضد القراصنة امام الشواطئ الصومالية ومكافحة الارهاب في البحر المتوسط. في حين ان كل وزارات الدفاع تتحمل اقتطاعات في موازناتها. وعلينا ان نتكيف من خلال الانفاق انفاقاً أكثر فاعلية وهو ما سميته الدفاع الذكي. وينبغي الاستثمار في القدرات الحيوية مثل الدفاع المضاد للصواريخ او النقل وتعزيز التعاون والقبول بصيغة من التخصص بين الدول الاعضاء. * الأمين العام لحلف شمال الاطلسي، عن «لوموند» الفرنسية، 20/7/2011، إعداد حسام عيتاني