تجددت المواجهة السياسية بين رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ورئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة من جهة، وبين مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من جهة ثانية، على خلفية المخالفات التي ارتكبها المجلس الإسلامي الشرعي المؤيد له والمطعون بشرعيته أمام مجلس شورى الدولة، وأولها لجوؤه إلى ضم عدد كبير من الأعضاء إليه، وهو الهيئة المولجة بانتخاب مفتي الجمهورية، من خلال إعادة إحيائه للمادة 8 من النظام الداخلي لدار الفتوى التي أوقف العمل بها رئيس الحكومة السابق الراحل رفيق الحريري بغية تقليص عدد أعضاء الهيئة الناخبة. وتأتي المواجهة المتجددة قبل ثلاثة أشهر وأيام عدة على انتهاء ولايته في 15 أيلول (سبتمبر) 2014، لبلوغه 72 عاماً وهو السن القانونية المحددة لإحالته على التقاعد. باعتبار أن ضم هذا العدد الهائل من الأعضاء إلى مجلس انتخاب مفتي الجمهورية يتيح له التأثير في مجريات التحضير لانتخاب خلف له بدعوة من رئيس الحكومة، وصولاً إلى اختيار من يسير على خطاه ويدخل في مواجهة كما تقول مصادر مقربة من المجتمعين مع الغالبية العظمى في الطائفة السنّية. ولفت البيان الصادر أمس عن اجتماع رؤساء الحكومات بدعوة من سلام، وفي غياب زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي فوّض السنيورة بالإنابة عنه في الاجتماع، والرئيس عمر كرامي الذي فوض سلام في اتصال هاتفي جرى بينهما قبل الاجتماع، اتخاذ ما يلزم بهذا الشأن، فيما اعتذر الرئيس سليم الحص عن المشاركة، إلى أن «أصحاب الدولة باشروا باتخاذ التدابير والإجراءات التي من شأنها أن تنأى بدار الفتوى عن الأهواء الشخصية وعن المصالح السياسية غير المتفقة مع المصلحة الإسلامية العليا». وشدّد المجتمعون على أن هذه «الخطوات المريبة الصادرة أصلاً عن غير ذي صفة وصلاحية وفقاً للقرارات القضائية الصادرة عن مجلس شورى الدولة، تتعارض مع المسيرة التاريخية والوطنية لدار الفتوى، وتعبر عن إمعان من ارتكبها في التمرد على مفهوم الدولة والمؤسسات، وعدم احترام القانون ومبدأ الشرعية. والأخطر أنها تشكل منعطفاً خطيراً وغير مسؤول، يرمي بإصرار إلى ضرب وحدة الطائفة السنّية والانخراط في مخطط سياسي غير مسبوق يعمل على تفكيكها من طريق زرع بذور الفتنة في ما بين مكوناتها الدينية والمدنية، وتسعى، عبثاً، إلى نسف المساعي الحميدة التي يقوم بها أصحاب الدولة للمحافظة على المقام السامي لدار الفتوى وعلى وحدة المسلمين». ودعوا «إلى التنبه والحذر مما يحاك من مؤامرات تنفذ عبر مجموعات لا تعبر عن وحدة الصف الإسلامي والوطني». ويترأس اليوم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الممدد له عمر مسقاوي اجتماعاً طارئاً للمجلس يعقد في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت. وعلمت «الحياة» من مصادر بارزة في المجلس الشرعي أن الاجتماع سينظر في المخالفات المترتبة على ضم قباني بتأييد من المجلس الشرعي المطعون في شرعيته، المئات من الناخبين الجدد إلى عضوية مجلس الانتخاب المولج بانتخاب المفتي الجديد، وسيدرس كل التدابير والإجراءات القانونية لوقف المخالفات بدءاً بلوائح الشطب التي أعدها قباني بالتعاون مع ما يسمى أعضاء في مجلس الانتخاب «لا صفة شرعية ولا قانونية لهم»، خصوصاً أن قرارات مجلس شورى الدولة، لا سيما القرار الأخير، شدّد على شرعية المجلس برئاسة مسقاوي، وأي قرار يصدر عن مجلس منعدم الوجود يعتبر لاغياً، ويمكن الطعن فيه أمام شورى الدولة. وأكدت المصادر أن القرارات التي ستصدر اليوم عن المجلس الشرعي «ستكون قاسية» لوضع النقاط على الحروف من أجل وقف مسلسل المخالفات. وقالت إن لوائح الشطب التي أعدها المفتي قباني ومن معه تعتبر ساقطة بحكم القانون، إضافة إلى أنه لا يحق لقباني أو من ينتدبه توجيه الدعوة إلى الهيئة الناخبة لانتخاب المفتي الجديد، لأن الدعوة هي من صلاحية رئيس الحكومة.