تصاعدت حدة الخلاف بين أكثرية الأعضاء في المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وبين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني على خلفية الدعوة التي وجهها الأخير، للمرة الثانية، للهيئة الناخبة لانتخاب أعضاء جدد في المجلس في 14 نيسان (ابريل) المقبل والتي رد عليها معارضوه بالتقدم بطعن من مجلس شورى الدولة يطلبون فيه وقف تنفيذ الدعوة. وكانت دعوة المفتي قباني لإجراء الانتخابات، بعدما أوقف شورى الدولة تنفيذ دعوته الأولى، حاضرة في المشاورات التي جرت بين رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل أن يلتقي مساء أول من أمس 14 عضواً من المجلس الشرعي من الذين أيدوا الطعن بموافقة ثلاثة أعضاء آخرين تعذر عليهم حضور الاجتماع لأسباب خاصة. وعلمت «الحياة» ان الأعضاء جددوا أمام ميقاتي طلبهم عقد جلسة طارئة للمجلس الشرعي في حضور رؤساء الحكومة السابقين إضافة الى ميقاتي الذي كان أبلغهم في السابق استعداده للمشاركة في الاجتماع في دار الفتوى، و «من يقفل الأبواب في وجه المدعوين عليه أن يتحمل تبعات موقفه». وأكد مصدر مقرب من الأكثرية في المجلس الشرعي أن دعوة المفتي قباني لإجراء الانتخابات يجب أن تدرج كبند للتشاور بغية تحديد موقف واضح منها في اجتماع موسع يقتصر على أعضاء الهيئة الناخبة التي تعود اليها صلاحية انتخاب مفتي الجمهورية اللبنانية. ولفت الى ان الحضور يشمل رئيس الحكومة ورؤساء الحكومات السابقين ووزراء ونواب الطائفة السنية وأعضاء المجلس الشرعي ومجلس المفتين وقضاة الشرع الحاليين والسابقين وأميني دار الفتوى في بيروت وطرابلس. وقال إن البحث يفترض أن يتناول كل القضايا العالقة بما فيها الأزمة المترتبة على التأزم القائم بين قباني وأعضاء في المجلس الشرعي. وأوضح ان هناك ضرورة ملحة لعقد هذا الاجتماع «ليس بسبب تفاقم الخلاف بين المفتي وأعضاء المجلس الشرعي الممدد لهم فحسب وانما لتراكم المشكلات التي أخذت تهدد وحدة المسلمين من أهل السنّة في ظل الانقسام الحاد على المستوى السياسي». وقال ان نشر دعوة قباني لإجراء الانتخابات في الجريدة الرسمية «ما هو إلا تدبير إداري ليست له أي مفاعيل سياسية». واعتبر المصدر نفسه ان المفتي قباني وجه الدعوة لانتخاب أعضاء المجلس الشرعي مستنداً الى نصوص قانونية يعتبر انها تجيز له الإقدام على خطوة كهذه «مع انه يدرك جيداً ان المجلس الشرعي مجتمعاً هو صاحب الدعوة باعتباره الجهة الصالحة التي يعود لها التقدير ما إذا كانت الأسباب التي استدعت التمديد للمجلس الحالي ما زالت قائمة أو انها انتفت». وسأل المصدر المفتي قباني عن الأسباب التي أملت عليه عدم التجاوب مع المبادرة التي أطلقها الرئيس ميقاتي بالنيابة عن رؤساء الحكومات السابقين وتنص على استمرار المجلس الحالي في مهامه الى ان يصار الى اجراء الانتخابات في خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر، وعن رفضه عقد أي اجتماع حتى برئاسته للمجلس الشرعي وطلب اغلاق أبواب دار الفتوى أمام أكثرية أعضاء المجلس لعقد جلسة طارئة برئاسة نائب الرئيس الوزير السابق عمر مسقاوي. وحول موقف ميقاتي من دعوة الهيئة الناخبة المولجة انتخاب مفتي الجمهورية لعقد اجتماع طارئ، قال المصدر ان رئيس الحكومة أخذ على عاتقه التشاور مع رؤساء الحكومة السابقين وان لديه نية للاجتماع بهم في الساعات المقبلة. وأكد أن ميقاتي لا يزال على موقفه الساعي لوقف دعوة المفتي قباني لإجراء الانتخابات وبالتالي سيصار الى وقف تنفيذ القرار في هذا الشأن. وكشف المصدر عينه أنه لم يحصل منذ حوالى أسبوعين أي تواصل بين ميقاتي وقباني، وقال إن آخر اتصال بينهما كان منذ حوالى ثلاثة أسابيع. وأضاف: «الاتصال بينهما تمحور حول موقف قباني من المبادرة التي أطلقها ميقاتي ورؤساء الحكومة السابقون وتخلله استيضاح رئيس الحكومة لموقفه من هذه المبادرة». وتابع: «قباني، كما قيل لأعضاء في المجلس الشرعي، أبلغ ميقاتي تأييده المبادرة، ونتمنى عليه أن يوقع على النص الذي أرسله اليه، لكن المفاجأة كانت في إدخال تعديلات عليه». وكان وفد يمثل أكثرية الأعضاء في المجلس الشرعي برئاسة نائب الرئيس مسقاوي، جال أمس على رئيسي الحكومة السابقين سليم الحص وعمر كرامي وشرح لهما الهدف من المطالبة بدعوة مجلس انتخاب مفتي الجمهورية للانعقاد في أقرب فرصة ممكنة بذريعة ان هناك حاجة لتدخله لإيجاد حلول لجميع المشكلات العالقة ووضع حد لاستفحال الخلاف مع المفتي قباني بدءاً بإصلاح الوضع السائد في دار الفتوى.