عادت الابتسامة إلى وجوه الفلسطينيين في قطاع غزة أمس بعدما انسحبت قوات الشرطة التي كانت تحاصر البنوك كافة وتمنع التعامل معها منذ الأربعاء الماضي. وتوجه صباح أمس نحو 70 ألف موظف إلى البنوك وأجهزة الصراف الآلي للاستلام رواتبهم، فيما توجه آلاف آخرون لإجراء معاملات بنكية ومصرفية بعد أزمة كادت تؤدي إلى انهيار الاقتصاد «الغزي» والمجتمع برمته، فضلاً عن احتمال عودة الاقتتال الداخلي أو حتى اندلاع حرب أهلية. وجاء فتح البنوك بعد إعلان سلطة النقد الفلسطينية (بمثابة البنك المركزي) في بيان صحافي أن أزمة البنوك انتهت وعودة عمل أجهزة الصراف الآلي في القطاع. وقال محافظ سلطة النقد جهاد الوزير إن «جميع فروع المصارف العاملة في قطاع غزة تبدأ العمل اليوم الأربعاء (أمس) من خلال الصرافات الآلية وتقديم الخدمات المصرفية تدريجاً». وفي وقت لاحق، مددت سلطة النقد عدد ساعات الدوام أمس في فروع المصارف العاملة في غزة حتى ساعات المساء «تلبية لحاجات المواطنين ومساعدتهم على تجاوز آثار الأزمة». وأوضحت سلطة النقد أنها «عقدت جلسة مقاصة في غزة هي الأولى منذ بداية الأسبوع، وتم إجراء عمليات تقاص الشيكات المسحوبة على جميع الفروع». وكانت سلطة النقد أصدرت «تعاميم» عدة للبنوك تضمنت «تمديد حقوق إعادة الشيكات المسحوبة على المواطنين في قطاع غزة ووقف تصنيف العملاء (أفراداً وشركات) على نظام الشيكات المعادة في شكل موقت يكفل للعملاء الفترة اللازمة لتغطية شيكاتهم المسحوبة». من جهته، أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة إياد البزم أنه «تم سحب عناصر الشرطة الفلسطينية من أمام كل البنوك العاملة في قطاع غزة». وأوضح في تصريح نشره على حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» أمس أنه «بعد إعلان نقابة الموظفين إمهال حكومة التوافق مدة أسبوع لحل أزمة رواتب موظفي قطاع غزة، فإنه سيتم سحب جميع عناصر الشرطة من أمام البنوك تمهيداً لإعادة فتحها وعودة الأمور إلى طبيعتها». وكانت الشرطة منعت منذ الخميس الماضي المواطنين من الاقتراب من البنوك أو أجهزة الصراف الآلي، واعتدت بالضرب على عدد من المواطنين والصحافيين أثناء تغطيتهم الحدث. كما منعت البنوك من فتح أبوابها أيضاً. وخلافاً لما قاله البزم، قال مصدر قيادي في «حماس» إن إعادة فتح البنوك وإنهاء الأزمة «من دون أن تجد حلاً لها أو أي وعود من (حكومة رامي) الحمد لله بدفع رواتب موظفي غزة أو تحديد موعد دفعها، بل جاء تلبية لطلبات المواطنين ورغباتهم»، في إشارة إلى تجنب الحركة خوض مواجهة محتملة مع 1.8 مليون فلسطيني في القطاع تعطلت مصالحهم وأصبحوا غير قادرين على شراء طعامهم وشرابهم ودوائهم. وكانت وكالة «الرأي» الحكومية التي أسستها «حماس» إبان سيطرتها على القطاع خلال السنوات السبع الماضية، نشرت تصريحات لعضو المكتب السياسي في الحركة موسى أبو مرزوق مساء أول من أمس أعلن فيها انتهاء الأزمة وإعادة فتح البنوك اعتباراً من صباح أمس. لكن الوكالة نفسها سحبت التصريحات بعد قليل ونشرت بدلاً منه نفياً على لسان أبو مرزوق لمحتواه. ورأى «غزيون» ومراقبون في ذلك تخبطاً وخلافاً في صفوف قيادة الحركة إزاء الأزمة التي أفقدت «حماس» الكثير من التعاطف مع موظفيها الذين لم يتلقوا رواتبهم من الحكومة الجديدة. ولم يُعرف من الذي أصدر التعليمات للشرطة بإغلاق البنوك ومنع الموظفين والمواطنين من الاقتراب منها، خصوصاً أن الحمد لله يشغل أيضاً منصب وزير الداخلية، ولم يصدر مثل هذه التعليمات. من جهته، قال رئيس الغرفة في قطاع غزة وليد الحُصري إن «اتصالات أجريت مع الأخوة في رام الله وقطاع غزة لحل أزمة البنوك، وتمخضت هذه الجهود عن حل الأزمة». وطالب «بضرورة تحييد القطاع الخاص في مثل هذه الأحداث التي تنعكس سلباً على مصالحه». ودعا حكومة الوفاق الوطني إلى «العمل الدؤوب لإتمام المصالحة نصاً وواقعاً على الأرض». بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة كمال أبو شريعة خلال مؤتمر صحافي أمس إن «إغلاق البنوك خلال الفترة السابقة كبد التجار خسائر فادحة». وأشار إلى أنه «لا توجد أرقام دقيقة عن خسائر القطاع الخاص»، موضحاً أن «المعلومات الأولية لدينا تؤكد انخفاض عدد شاحنات المستوردة من 300 شاحنة يومياً إلى 163 شاحنة، بالإضافة إلى أن بعض البضائع المستوردة وصل إلى الموانئ الإسرائيلية»، مضيفاً أنه «بسبب عدم تحويل الأموال من غزة اضطر التجار إلى دفع (أثمان) أرضيات، وهذا يزيد العبء عليهم، وبالتالي على كاهل المواطنين».