بات انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يومياً، مظهراً معتاداً في حياة اليمنيين، على رغم ما يشكّله من معاناة خصوصاً في المناطق الحارة صيفاً. وتُقطع الكهرباء في شكل مبرمج لفترة تتراوح بين أربع وخمس ساعات، لتعود بعدها لثلاث أو أربع ساعات في برنامج تقنين مستمر للشهر الثالث على التوالي. ويزداد الوضع سوءاً عندما يتعرّض خط النقل مأرب - صنعاء إلى اعتداءات تخريبية، لتخرج محطة مأرب التي تولّد 340.5 ميغاواط عن الخدمة كلياً، فتغرق صنعاء والعديد من المدن الرئيسة في ظلام لأكثر من 20 ساعة يومياً. وتتفاقم صعوبة المعيشة بسبب تزامن أزمة الكهرباء مع أزمة خانقة في المشتقات النفطية ونقص حاد في إمدادات المياه، ما يزيد غضب اليمنيين ضد الحكومة التي تترأّسها أحزاب اللقاء المشترك. وعزا مصدر في وزارة الكهرباء والطاقة اليمنية القطع المتكرّر في كثير من المحافظات ومنها العاصمة، إلى عدم توافر الوقود الكافي من الديزل لمحطات توليد الكهرباء ما أدى إلى انخفاض قدرة التوليد إلى 900 ميغاواط، وخروج أكثر من 400 ميغاواط عن الخدمة، لافتاً إلى أن الاحتياج الفعلي الحالي لليمن من الطاقة يصل إلى 1500 ميغاواط. وحذّر المصدر من توقّف محطات توليد الكهرباء نتيجة عدم توافر الوقود الكافي، فضلاً عن الانقطاع الذي يحصل بسبب الاعتداءات المتكرّرة على خطوط نقل الكهرباء بين حين وآخر. ويخشى اليمنيون من أن تستمر معاناتهم اليومية بسبب انقطاع الكهرباء في رمضان المبارك، على رغم توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي للحكومة خصوصاً وزارة المال بتوفير المشتقات النفطية وما يلزم من التغطية المالية الخاصة بالدعم لمدة أربعة أشهر. وأوضح المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في وزارة الكهرباء طه الزبيري أن إيقاف وزارة النفط والمعادن مخصّصات وزارة الكهرباء من الديزل تسبب في ارتفاع وتيرة الانطفاءات خلال الشهور الماضية. وقال: «ترفض وزارة النفط توفير الكميات المطلوبة من الديزل، نظراً إلى الديون المتراكمة على وزارتنا، والتي تقدر بمئة بليون ريال (465 مليون دولار)، فيما مديونيتنا لدى مؤسسات الدولة والمواطنين تصل إلى نحو 80 بليون ريال، ولم نستطع استعادتها حتى الآن». وأضاف «حالياً لا نستطيع إيجاد أي حلول للكهرباء سوى أن تقوم وزارة النفط بتوفير الديزل، لتخفيف حدة التقنين، ولكن بمجرّد دخول محطة مأرب الغازية الثانية إلى الخدمة نهاية هذه السنة فستساهم بشكل كبير في وقف التقنين». واعتبر أن الجانب الأمني يمثّل حجر الزاوية لحماية خطوط نقل الطاقة الكهربائية، والتي تتعرض بين الحين والآخر إلى اعتداءات من قبل مخرّبين، وتتسبب في توقف المحطة الغازية عن الخدمة، وترتب خسائر مادية بالملايين. ولفت الزبيري الى أن وزارة الكهرباء تعمل حالياً على استكمال التخطيط الاستراتيجي لتوليد خمسة آلاف ميغاواط من الطاقة مع خطوط نقلها وتقنية تصريفها حتى العام 2025. وحمّل مجلس النوّاب في تقرير له الحكومة مسؤولية «الفشل في توفير الطاقة الكهربائية سواء للاستهلاك المنزلي أو التجاري أو الصناعي أو الخدمي، والفشل في توفير البدائل الفاعلة لمعالجة هذه المشكلة، وما يترتب على ذلك من خسائر مادية وبشرية مستمرة حتى وصلت الأمور إلى حد توقف وحدات تقديم الرعاية الخاصة للمرضى في المستشفيات كوحدات غسيل الكلى». واتّهم مجلس النواب الحكومة بالعجز عن التصدّي لعمليات تخريب أبراج الكهرباء وخطوط النفط على رغم معرفتها بهوية منفّذيها. وقلّصت الحكومة في موازنة 2014 الاعتمادات المخصّصة لقطاع الكهرباء بنسبة 8.2 في المئة إلى 308.9 بليون ريال يمني «1.4 بليون دولار» من 336.5 بليون في عام 2013. وعزت الحكومة انخفاض اعتمادات الكهرباء إلى «انخفاض نفقات مؤسسة الكهرباء الناتج من انخفاض تقديرات التمويل الخارجي». ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية لمحطات الكهرباء في اليمن 1261 ميغاواط والقدرة الفعلية 765 ميغاوط وبفاقد 496 ميغاواط، بخلاف عقود شراء الطاقة من القطاع الخاص والتي تقارب 600 ميغاواط..