خُيِّل لمتابع العرض الأوبرالي الذي قدمته الأردنية ديما بواب في عمّان أنه الأول لها، هي التي اعتادت تقديم عروض مشابهة في دول أوروبية. كان القلق بادياً عليها، وبررت ذلك برهبة المكان وخصوصية الحضور، لتظهر كأنها حديثة العهد في الغناء الأوبرالي الذي احترفته قبل 15 سنة. عندما وجدت نفسها وجهاً لوجه مع الجمهور الذي جاء ليسمع مقطوعة «المسيح» التي تحكي قصته كاملة بقالب مغنّى، أمسكت بزمام الأمور فاصلة حواسها عن مشاعر الخوف والتوتر التي سيطرت عليها قبل أن تقف على الخشبة. صدح صوتها «سوبرانو» في غناء منفرد ألهب الجمهور، فانسابت النغمات من حنجرتها من دون أي جهد ظاهر، كأنها تنبعث من خارج جسمها. هذا العمل الأوبرالي قدم بالتعاون مع فرقة «دوزان و أوتار» و أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى، إضافة إلى أربعة مؤدّي غناء منفرد. عمل جماعي متقن يأخذك إلى عالم جديد تمتزج فيه الموسيقى الغربية بالعربية بشكل فريد هو الأول من نوعه في الأردن. ففي عرض غربي بحت تفاجئك أنغام شرقية بأوتار آلة العود وكلمات عربية لتتقرب بعواطفك الشرقية إلى هذا الاستعراض. مزج جميل يهدف إلى جذب عدد كبير من العرب إلى الفن الأوبرا. أتاح العمل لمغنين من أعمار متفاوتة وتجارب مختلفة ومن بلدان متباعدة تقديم عمل مشترك تلاشت فيه الاختلافات، حين أطلق كل منهم العنان لصوته وآلته بروح الجسد الواحد. جوقة «دوزان وأوتار» التي تضم 40 فرداً، بدت حماستها واضحة لتقديم مقطوعة «المسيح» لهاندل التي تعتبر واحدة من أهم الأعمال الكورالية في الموسيقى الغربية وأكثرها انتشاراً وشهرة. وعبّرت الجوقة عن فخرها بتقديم أطول عرض في تاريخ الأردن، في أداء سعت من خلاله إلى الدمج بين عناصر الموسيقى الغربية والعربية بما يجعلها أقرب إلى الجمهور الأردني. وتتحضر الجوقة للمنافسة بالمقطوعة ضمن مسابقة الجوقات العالمية المقررة في تموز (يوليو) المقبل، لتمثيل الأردن خلال هذا العمل العالمي. وقالت البواب حول مزج الغربي بالشرقي في المقطوعة الأوبرالية: «كان الأمر في غاية الصعوبة خصوصاً أنك تنزع المقطوعة من لغتها الأصلية»، لكنها عبرت عن سعادتها بتحقيق حلمها بأداء المقطوعة وسعادتها بتجاوب الجمهور معها.