يواصل مهرجان القلعة، الذي تنظمه جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن، تقديم فعالياته الفنية، في منطقة جبل القلعة الأثرية وسط عمّان. وغنّى نجم «Arab Idol» محمد عساف أمام ما يزيد على ثلاثة آلاف مشاهد من أعمار وشرائح اجتماعية مختلفة، تواصلوا مع أغانيه التي أدّاها بصوت قوي كشف عن براعةٍ وثقة في النفس، خصوصاً خلال فقرات الارتجال مع الجمهور. حملت أغاني عساف رسائل سياسية، بدءاً ب «يا ليل ما لنت للمعتدي.. ويا شعوب الوجع توحّدي»، ومروراً ب «لوّح بالكوفية»، وانتهاء ب «علّينا الراية في رام الله» التي تدعو إلى الوحدة الوطنية، والتضامن مع الأسرى والاحتفاء بالشهداء. وقدم عساف أغنية جديدة له ضمن هذا السياق، هي «يا هَالعرب»، من ألحان رواد رعد، وكلمات نزار فرنسيس، وتوزيع باسم رزق، وإنتاج شركة «بلاتينيوم ريكورد». وكان للأغنية العاطفية نصيب في حفلة عساف، إذ شدا لراغب علامة ب «يا ريت فِيّي خَبّيها وما خَلّي حدا يحاكيها». ومن الموروث الشعبي اختار «يا طير يا طاير». ومن روائع جوزيف صقر غنّى «أنا للّي عليكِ مشتاق». ومن تراث محمد عبده قدّم «بعاد أنتم ولا قريّبين»، قبل أن يستعيد «زَيّ الهوى» للعندليب الأسمر. وخُصّص ريع الحفلة التي منحَ خلالها رئيس مجلس الوحدة الإعلامية العربية هيثم يوسف، عضوية الشرف لعساف، إلى جمعية الأيدي الواعدة التي قدمته بدورها إلى الطلبة الأردنيين المتفوقين،مع العلم أن هذه العضوية مُنحت قبل عام لسفيرة النجوم فيروز. وكانت السورية فرح يوسف التي وصلت الى نهائيات برنامج «ذي فويس»، أطربت الجمهور قبل حفلة عساف، مستهلةً وقوفها على المسرح بقولها: «السلام أمانة... أنقل لكم تحيات الشعب السوري». ثم قدمت أغاني متنوعة، منها «بكتب اسمك يا بلادي»، والأغنية الشهيرة محلياً للأردني عمر العبد اللات «يا سعد»، و «لَشْحَدْ حبك شحاده» لنجوى كرم، و «بَتْوَنِّس فيك» و «مالي طب وأنا مالي» لوردة الجزائرية. ومثّلت «ليالي الأنس في فّينا» لأسمهان ذروةَ تواصل الجمهور مع صاحبة الصوت الأوبرالي، نظراً لقدرتها في استحضار فضاءات تلك الأغنية صوتاً وأداءً. وضمن الاحتفال بالذكرى المئوية لبنجامين بريتن أحد أبرز الملحنين الإنكليز في القرن الماضي، قدم المركز الثقافي البريطاني في عمّان، ضمن فعاليات المهرجان، العرض الأوبرالي «طوبى سيسيليا» الذي أدّته جوقة لندن، ويتناول قرار الحجْر على القديسة سيسيليا في زنزانة انفرادية، ورفضها الخضوع ودفاعها المستميت عن حقها وموقفها، حتى نالت براءتها في النهاية. تخلّل العرض لوحات انتظمت إيقاعاتها على أنغام ألحان «بريتن»، جسّدت عذابات القديسة التي أدت شخصيتها السوبرانو ديما بوّاب، وشارك في العرض إلى جانبها التينور الإنكليزي ألِن كلايتون، ومغني الباريتون جورج هامفريز. ونجح فريق العمل في إنشاء فضاء تراجيدي تأسس على جماليات الغناء أساساً، حيث أُشبع الفعل العاطفي لشخصية القديسة بجلال المأساة، بينما ظهر أداء الآخرين بمثابة «الجوقة»، متناغمين مع موسيقى بدت جملها اللحنية أقرب إلى التراتيل الكنَسيّة. ورغم حاجز اللغة وأصوات العيارات النارية التي توالى إطلاقها احتفالاً بفوز مرشحي الانتخابات البلدية في تلك الليلة، إلا أن الأداء الراقي للمجموعة، وجمالية الصوت المتأسس على النبرات الخاصة بتقنيات السوبرانو والتنور والباريتون، وبراعة الأداء، نجحت في شد الجمهور حتى انتهاء العرض. أما الأمسية التي أحياها كلٌّ من هاني متواسي وليندا حجازي خلال للمهرجان، فجاءت موفّقة ونالت إعجاب الجمهور، خصوصاً أداء متواسي لأغان من الموروث الشعبي، مثل «فوق النخل»، و «جودي» لصباح فخري. وقدمت حجازي من تراث وردة الجزائرية: «بَتونّس بيك»، و «لولا الملامة» و «يا عيون عطشانة»، ومن الموروث الشعبي اختارت «عَ الندّا الندا»، و «رَفّ الحمام»، و «عَ العين موليِّتين». مدير جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن، عصام السلفيتي، قال ل «الحياة» رداً على ما تناقله إعلاميون من أن هذا المهرجان مخصص للنخبة: «نحن نهدف من مثل هذه الفعاليات إلى رفع مستوى الثقافة والفنون محلياً، باستضافة مثقفين وفنانين مشهورين عالمياً». وبيّن أن نقل فعاليات المهرجان إلى المحافظات، «مرهون بنجاح المهرجان وحضوره القوي في عمّان أولاً». وأكد سلفيتي أن التوأمة بين هذا المهرجان ومهرجان بيت الدين، التي أُعلنت في بيروت أواسط نيسان (أبريل) 2010، لا تزال فعّالة. وقال: «على رغم أن العام السابق لم يشهد أي اتصال بين المهرجانين، إلا أن التوأمة تتبلور في الاستشارات المتبادلة حيال بعض الفعاليات»، موضحاً أن من فوائد التوأمة «إتاحة المناقَلة في عروض عدد من الفرق المشاركة بين المهرجانين». وسيكون الجمهور الأردني على موعدين مميزين في ختام المهرجان، الأول في العاشر من أيلول (سبتمبر) الجاري مع الموسيقي مارسيل خلفية، والثاني في 11 و12 و13 مع مسرحية «The sound of music».