تكاثرت في الفترة الأخيرة الخلافات والمشاجرات على الهواء مباشرة بين مقدمي برامج «التوك شو» في مصر والضيوف، ما أثار جدالاً واسعاً وتساؤلات بين المشاهدين... لماذا تحدث هذه المشاجرات؟ وما سبب تزايدها في فترة ما بعد الثورة؟ وكيف يمكن تفاديها؟ يقول وكيل كلية الإعلام لشؤون الطلاب، القائم بأعمال عميد كلية الإعلام في القاهرة حسن عماد: «لا بد أن يكون فريق العمل في أي برنامج ذا حرفية عالية، ولا بد أن يكون فريق الإعداد في أي برنامج يعرف أسس المهنة جيداً، ويعدّ ملفه من دون أخطاء. فمثلاً الخلاف الذي حدث أخيراً بين الإعلامي عمرو أديب وبين الشاعر عبد الرحمن القرضاوي، نتج من خطأ من فريق الإعداد وقابله خطأ أكبر من الشاعر عبد الرحمن القرضاوي، عندما تحدث في شكل غير لائق عن فريق الإعداد وقرر الانسحاب من البرنامج من دون أي مراعاة لوجوده على الهواء. وكان من المفترض أن يصحح تلك المعلومات الخاطئة في شكل مهذب ولائق، وهذا يعكس بصفة عامة عدم قدرتنا على الحوار والتحكم بانفعالاتنا من جانب من يقدمون البرامج أو من جانب من يستضافون فيها. ولكي نتفادى تلك المشكلة لا بد أولاً من أن يكون العاملون في أي برنامج أصحاب خبرة كافية لكي يقدموا عملاً محترماً، ولا بد أيضاً من اختيار الضيوف بعناية، فعلى كل ضيف أن يشعر بالمسؤولية من أنه يواجه ملايين الأشخاص وعلى الهواء، فلا يصح أن يدلي بأي ألفاظ خارجة عن الآداب أو غير لائقة أو ينسحب من البرنامج. أيضاً لا بد أن يتحكم كل إعلامي في انفعالاته، ويحتوي الضيف حتى لو كان مخطئاً؛ فالموضوع ككل تحكمه ضوابط لا بد أن يتسم بها مقدمو البرامج والمعدون والضيوف». ويرى أستاذ الصحافة والإعلام في كلية الإعلام في القاهرة محمود خليل أن «حالاً من التوتر العام أصبحت تسود المجتمع، وترتبط بما يطلق عليه «ثقافة الصراع» ما بين أطراف في المجتمع المصري، أبرزها بين من قاموا بالثورة في 25 يناير وفلول النظام أو بعض الأشخاص الذين لهم علاقة بالنظام السابق من ناحية أخرى. هذا على المستوى العام، أما على المستوى الخاص فهناك جانب متعلق بوسائل الإعلام. والملاحظ الجنوح في استخدام الصوت العالي خلال المرحلة السابقة سواء من جانب السياسيين والمثقفين أو من جانب مقدمي البرامج، فالجميع اليوم يراهنون على الصوت الأعلى، وأصبحت معادلة «علِّي وأنا أعلِّي» الأكثر سيطرة على المشهد الإعلامي؛ فالخطاب الإعلامي أصبح خاضعاً لمتطلبات الشكل أكثر مما هو خاضع لمتطلبات المضمون، وفي مثل هذا الزخم عادة ما تضيع الحقيقة». ويضيف: «الأفضل أن تترك معادلة الحديث بعيدة من الأهواء الشخصية لكي ننجح في تقديم خطاب إعلامي قادر على مناقشة الهموم الحقيقية للمجتمع وتوعية الرأي العام بالكثير من القضايا والأفكار التي يجب أن يكون للمصريين وعي بها بعد الثورة». وترى الإعلامية منى الحسيني أن «لا بد لأي إعلامي متمرس أن يكون معه كل أسلحته عندما يظهر على الهواء مباشرة». وتضيف: «الخلافات التي تحدث على الهواء واردة وحدثت معي أكثر من مرة، ولكن لا بد على كل إعلامي أن يكون هادئاً وأن يحتوي الموقف. فضيف البرنامج لا بد من احترامه وإكرامه، حتى لو كان الإعلامي لا يتفق معه في وجهة نظره، لأن من حق كل ضيف أن يعبر عن رأيه، وإلا تحول البرنامج الى مباراة لكرة القدم، فلو تطاول الضيف بأي لفظ، عليَّ كمقدمة أن أحتوي الموقف بكل لباقة، ولكن إذا تطاول على بلدي بأي شكل من الأشكال فمن حقي أن أرد، وهذا هو واجب كل إعلامي أن يتحكم في انفعالاته». ويقول المستشار الإعلامي لقنوات «الحياة» معتز صلاح الدين: «ما يحدث الآن في مجال الإعلام هو مهزلة بكل المقاييس؛ لأن الإعلام المصري يلعب دوراً سلبياً في الفترة الأخيرة، بخاصة في فترة ما بعد الثورة، ما يؤثر على صورتنا أمام العالم، فالشجارات التي تحدث على الهواء لم تكن تحدث من قبل. وإن حدثت فليست بالصورة التي نشاهدها الآن، إذ نرى ضيوفاً يتشاجرون بالضرب بالكراسي على الهواء، ويتلفظون بأقذر الشتائم. مقدم البرامج هو إعلامي وليس زعيماً سياسياً، فلا بد من أن يتفهم دوره جيداً، فللإعلامي دور، وللمعدّ دور، وللمخرج دور، وللضيف دور، وجميعهم تجمعهم منظومة متكاملة لا بد أن تحترم وهي منظومة الإعلام».