ألغت محكمة التمييز التركية الأربعاء حكما مثيرا للجدل بالسجن مدى الحياة صدر في 2013 على عالمة الاجتماع التركية بينار سيليتش لمشاركتها في هجوم في 1998 في اسطنبول نفت باستمرار تورطها فيه وقررت محاكمتها من جديد في اسطنبول في موعد سيحدد لاحقاً. إلاّ أن سيليتش طالبت اليوم بتبرئتها "نهائياً". وقالت في اتصال هاتفي مع "فرانس برس" من ستراسبورغ (شرق فرنسا) ان "النضال مستمر لأنهم الغوا الحكم فقط. وسيرفع القرار الآن الى محكمة الجنايات في اسطنبول. سأنتظر تبرئتي نهائياً". وقالت "هذا ليس انتصاراً بعد كل ما عانيت منه خلال سنوات التعذيب ال16. اني بحاجة الى ان يتوقف هذا التعذيب". واضافت "هذا القرار شيء بسيط يعطي فرصة واملا بالمستقبل لكل الذين يناضلون حاليا في تركيا. كان من البديهي ان يتم تبرئتي. لقد ادانوني بصورة غير مشروعة". وتابعت "هذا يدل على أن التضامن في العالم وفي تركيا قادر على تحقيق امور كبيرة" مشيرة الى انه "لا يمكن ابدا ان نثق في الاجهزة القضائية التركية يجب دائما التيقظ". وكانت سيليتش أوقفت في 1998 على اثر انفجار في سوق التوابل في اسطنبول اسفر عن سقوط سبعة قتلى ونحو مئة جريح. وقد اتهمها القضاء بالانتماء الى حزب العمال الكردستاني المتمرد وبأعداد قنبلة وزرعها إلاّ انها نفت كل تلك الاتهامات. وأفرج عنها في 2003 بعد تقرير لخبراء نسب الانفجار الى تسرب للغاز. وبناء على هذا التقرير وتراجع شاهد الادعاء الرئيسي، برأت المحاكم التركية سيليتش ثلاث مرات في 2006 و2008 و2011. لكن في كل مرة كانت محكمة التمييز تلغي هذه الأحكام. لكن في 2012، قررت محكمة في اسطنبول اعادة محاكمة عالمة الاجتماع مستفيدة من تغيير قاض واصدرت عليها حكما في 2013 بالسجن مدى الحياة. وخلال الجلسة التي عقدت في محكمة التمييز في 30 نيسان (ابريل)، طالب محامو سيليتش بالغاء هذا الحكم. وقال المحامي ايهان اردوغان "لم يكن هناك اعتداء، ليس هناك اي دليل يثبت ذلك. كل العناصر تدل على انه تسرب للغاز". وغادرت بينار سيليتش تركيا في 2009 وتقيم حالياً في ستراسبورغ. وقد منحت العام الماضي اللجوء السياسي الى فرنسا. وكان احد محاميها بحري بيلين دان الطابع "السياسي" لمحاكمة موكلته الناشطة في مجالي حقوق الانسان والدفاع عن الاقلية الكردية. وقال إن "هذه المحاكمة تشبه محاكمة الزوجين روزنبرغ (الاميركيان اليهوديان الشيوعيان اللذان اعدما بتهمة التجسس في الولاياتالمتحدة) ومحاكمة دريفوس (الضابط الفرنسي اليهودي الذي اتهم بالخيانة في فرنسا)". وقال مصدر قريب من الملف ان الشرطة الدولية (الانتربول) رفعت مذكرة التوقيف التي صدرت ضدها بطلب من السلطات التركية بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى تركيا. وتتمتع عالمة الاجتماع بتأييد كثيرين في فرنسا وخصوصا في الاوساط الجامعية ولدى منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الانسان التي تعتبر محاكمتها رمزا لتجاوزات القضاء التركي. وعبر الاتحاد الدولي لحقوق الانسان الاربعاء على حسابه على موقع تويتر للرسائل القصيرة عن ارتياحه، وكتب "النصر لبينار والامل للمدافعين عن حقوق الانسان". وأعربت عن الامل في ان "تسمح هذه المحاكمة باعطاء دفع للامور في تركيا في المجال القضائي". وقالت: "آمل في ان اتمكن من العودة الى منزلي (في تركيا) لمواصلة هذه المعركة ليس فقط من أجلي لأن هناك الكثير من الاشخاص القابعين في السجن واخرين مضطهدين. لكن لا يمكني العودة الى تركيا لانه لم تتم تبرئتي نهائيا". وتواجه تركيا باستمرار انتقادات من المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان لانتهاكها حقوق المتهمين وخصوصا في القضايا التي تطال افرادا في الاقلية الكردية.