واصل النظام السوري حملته العسكرية لتعزيز انتصاراته في جنوب العاصمة دمشق، حيث كثف القصف على مناطق سيطرة تنظيم «داعش» في مخيم اليرموك والحجر الأسود، بالتزامن مع البدء في تنفيذ اتفاق لإجلاء فصائل المعارضة من جبال القلمون، وإعلانه منطقة الضمير «خالية من الإرهاب». وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن «قصفاً مكثفاً نفذه سلاح الجو والمدفعية استهدف تحصينات وأوكار ومراكز قيادة وغرف اتصالات التنظيمات الإرهابية في الحجر الأسود، ما أدى إلى تدمير عدد من مواقعها وتكبيد الإرهابيين خسائر في الأفراد والعتاد»، قبل أن تعود لتعلن «وجود معلومات عن اتفاق على وقف إطلاق النار، بعد استسلام الإرهابيين نتيجة خسائرهم الكبيرة». وأشارت الوكالة إلى أن «الاتفاق سيدخل حيز النفاذ حين التأكد من التزام المجموعات الإرهابية بكل تفاصيله التي تشمل خروج مجموعة منهم إلى مدينة إدلب وأخرى إلى البادية الشرقية، بعدما تم تخييرهم بين المغادرة النهائية أو البقاء في يلدا وببيلا وبيت سحم وتسوية أوضاعهم». وأكدت سانا «استمرار العملية العسكرية حتى الانتهاء من تفاصيل الاتفاق». وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تلك المعلومات، مشيراً إلى أن «داعش» أعلن عبر وسطاء التفاوض، عن قبوله شروط الاتفاق حول خروجه من جنوبدمشق، والذي جرى التوصل إليه بين ممثلين عن الجانب الروسي والنظام. وعرض التلفزيون الرسمي السوري على الهواء مباشرة، لقطات أظهرت سحباً كثيفة من الدخان ترتفع من مبان سقطت قذائف مدفعية عليها مما أدى إلى انهيار أحدها. وصاحب ذلك دوي إطلاق أعيرة نارية من مدافع آلية وصوت انفجارات بعيدة. وذكرت وكالة «أعماق» الناطقة باسم «داعش»، أن أكثر من 100 غارة جوية للنظام والطائرات الروسية، قصفت في شكل مستمر منذ يوم أمس مخيم اليرموك وأحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم. وكان اليرموك أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سورية قبل الحرب. وعلى رغم فرار معظم سكانه، لا يزال هناك 12 ألفاً يعيشون هناك وفي المناطق المحيطة تحت سيطرة جماعات متشددة أو مسلحة وفق ما تشير تقديرات الأممالمتحدة. ويسرع رئيس النظام بشار الأسد حملته لاستعادة ما تبقي من جيوب يحاصرها الجيش في أنحاء سورية، ما سيجرد مقاتلي المعارضة من أي أراض إلا في معاقلهم الرئيسية في شمال غربي وجنوب غربي البلاد. وكان «المرصد» أكد «استمرار القصف الجوي والصاروخي المكثف على أماكن سيطرة تنظيم داعش في مخيم اليرموك وحي التضامن وأطراف حي الحجر الأسود، في جنوب العاصمة»، لافتاً إلى أن ذلك «ترافق مع اشتباكات عنيفة في محيط اليرموك، بين داعش وقوات النظام والمسلحين الموالين لها». إلى ذلك، دخلت الشرطة الروسية إلى مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي، ضمن الاتفاق الذي وقعته الفصائل المسلحة في المنطقة مع روسيا والنظام السوري، الذي يقضي بانتشارها في مدن المنطقة بعد تسليم السلاح الثقيل، والبدء بإجلاء مقاتلي الفصائل وعائلاتهم وتسوية أوضاع من يرغب في البقاء، مع ضمان عدم دخول قوات النظام والاكتفاء بتمركزها خارج المدن فقط. وأكدت مصادر قريبة من المعارضة إن فصائل القلمون بما فيها «جيش تحرير الشام»، «وافقت على الخروج». وكشف «المرصد السوري» عن تحضيرات تجرى في بلدات القلمون الشرقي وجبالها، لتنفيذ الاتفاق الذي جرى التوصل إلى شكله النهائي بعد اجتماع جرى الخميس. في غضون ذلك، أعلن النظام أمس بلدة الضمير «خالية من الإرهاب» بعد إخراج الدفعة الأخيرة من مسلحي «جيش الإسلام» وعائلاتهم ونقلهم إلى جرابلس. وأفادت «سانا» بدخول وحدات من الأمن الداخلي مساء الخميس إلى بلدة الضمير ورفع العلم السوري فيها، ولفتت إلى أن من المقرر أن تدخل خلال ساعات وحدات من الجيش إلى البلدة لتمشيطها وتطهيرها من الألغام والعبوات الناسفة، تمهيداً لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، فيما أكد «المرصد» أن قافلة المهجرين من الضمير والتي تحمل على متنها 2500 من المقاتلين وعائلاتهم، وصلت إلى شمال سورية. وبعد استعادة الجيش للغوطة الشرقية هذا الشهر في معركة ضارية بدأت في شباط (فبراير) واستسلام الضمير والقلمون الشرقي، لم يتبق سوى جيب يقع جنوبدمشق خارج سيطرة الحكومة في المنطقة المحيطة بالعاصمة.