في أول رد فعل للمعارضة في لبنان على إعلان رئيس الجمهورية ميشال سليمان انه سيباشر مشاورات لبلورة وتطوير «أطر حوار» مناسبة لحماية لبنان وتحصينه من المخاطر الداخلية والخارجية من دون التوقف عن المسعى الأساسي الهادف للتوافق على استراتيجية وطنية للدفاع عن الوطن، سأل مصدر قيادي في قوى 14آذار عن جدول أعمال الحوار ومصير القرارات السابقة التي اتخذها في انطلاقته الأولى في آذار (مارس) 2006 برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ وقال المصدر ل «الحياة»: «نحن كنا، وما زلنا، من دعاة الحوار لكننا لا نتحمل مسؤولية حيال توقفه واسألوا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن الدوافع الكامنة وراء قوله في إحدى خطبه المتلفزة ان لا ضرورة للعودة اليه؟». وأضاف: «نقدر دعوة الرئيس سليمان الى استئناف الحوار، خصوصاً أنها أتت في اللقاء الجامع الذي دعا اليه على شرف البطريرك الماروني بشارة الراعي، لكن من حقنا أن نسأل عن الأسباب التي حالت دون تطبيق ما اتفق عليه في جلسات الحوار الأولى، لا سيما في شأن ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وجمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها ودعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لجلاء الحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، إضافة الى التلكؤ في البحث في الاستراتيجية الدفاعية التي نوقشت في جلسات عدة عقدها مؤتمر الحوار برئاسة رئيس الجمهورية فيما لم يتقدم حزب الله من المشاركين بورقة عمل تتضمن رؤيته لهذه الاستراتيجية؟». ورأى المصدر أن لا جدوى من الحوار إذا كان يُراد منه تمرير الوقت أو العودة الى الوراء بالتراجع عن قراراته السابقة وخصوصاً المحكمة الدولية، وأيضاً في غياب أي وضوح يتعلق بالموقف من سلاح «حزب الله» في الداخل. لذلك فإن دعوة الرئيس سليمان الى استئناف الحوار الذي لم تُعرف تركيبته، في ضوء تحول الأكثرية في البرلمان الى أقلية، ستكون مدار تجاذب بين القوى السياسية التي ستتبادل الشروط للعودة الى طاولة الحوار. وفي هذه الأثناء يستعد مجلس الوزراء، في جلسته الثانية بعد نيل الحكومة الثقة، لإصدار دفعة جديدة من التعيينات في جلسة يعقدها عصر اليوم برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي الحكومية تشمل تعيين المساعد الأول لمدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد عباس إبراهيم مديراً للأمن العام خلفاً لسلفه الراحل اللواء وفيق جزيني، والمدير العام للأمن العام بالإنابة العميد ريمون خطار مديراً عاماً للدفاع المدني خلفاً للعميد درويش حبيقة. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن تعيين إبراهيم مديراً للأمن العام بعد ترقيته إلى رتبة لواء لم يعد يلقى أي اعتراض، خصوصاً من المسيحيين، وتحديداً من الموارنة الذين كانوا طالبوا في السابق باستعادة هذا المنصب لهم. وكشفت عن أن رئيسي الجمهورية والحكومة سيصدران اليوم، وربما قبل عقد جلسة مجلس الوزراء، مرسومين الأول يقضي بقبول استقالة وزير الدولة طلال أرسلان والثاني بتعيين شقيق زوجة الأخير مروان خير الدين بديلاً له. وجاء تعيين خير الدين نتيجة اتصالات تُوجت ليل أول من أمس بلقاء أرسلان مع رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط في المختارة في حضور وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي. واتى اللقاء ليدحض ما تردد أخيراًَ من أن رئيس «التقدمي» يعترض على تعيين خير الدين إضافة الى ان الرئيس بري يشترط لقاء الموافقة على تعيينه أن يتعهد عدم خوض الانتخابات النيابية في دورتها المقبلة عن المقعد الدرزي في مرجعيون – حاصبيا إرضاء للنائب الحالي في كتلة رئيس المجلس أنور الخليل. واستبعدت المصادر قيام الرئيس ميقاتي بجولة وشيكة على الدول العربية يبدأها بالمملكة العربية السعودية وسورية، وقالت إنه يجري التحضير لها، لكن توقيتها مرتبط بإنهاء رئيس الحكومة إعادة ترتيب البيت الداخلي ورسم السياسة المالية والاقتصادية للحكومة من خلال العناوين الرئيسة التي سيتضمنها مشروع الموازنة للعام المقبل إضافة الى الوقوف على آخر ما توصلت اليه اللجان اللبنانية – السورية المشتركة وأبرزها تلك المختصة بترسيم الحدود بين البلدين، وهذا ما سيطلع عليه رئيس الحكومة في اجتماع يعقده قريباً مع رئيس اللجنة عن الجانب اللبناني آنذاك الوزير السابق النائب جان أوغاسبيان. وأوضحت المصادر أن الإلمام بكل هذه الملفات من شأنه أن يؤدي الى تسليط الأضواء على القضايا المشتركة التي سيناقشها ميقاتي في جولته العربية المرتقبة. وعلى صعيد آخر قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن الدعوة التي أطلقها ميقاتي في جولته أول من أمس على منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و «يونيفيل» في جنوب الليطاني، للانتقال من مرحلة وقف العمليات العدائية الى وقف لإطلاق النار لم تأت من فراغ، وانه كان ناقشها مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز. وأكدت أن وليامز سيغادر غداً الثلثاء الى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الأمن الخميس المقبل المخصص للوقوف على المسار الذي بلغه تنفيذ القرار الدولي 1701، مشيرة إلى أن الأخير سيبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في إمكان الانتقال من وقف العمليات العدائية الى وقف إطلاق النار لتوفير الدفع السياسي والميداني لاستكمال تطبيق هذا القرار الذي يستدعي أيضاً رفع مستوى تجهيز الجيش اللبناني ليكون قادراً الى جانب «يونيفيل» على حماية الاستقرار شرط امتناع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها على لبنان.