شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، انسحاباً تكتيكياً من جانب «الجيوش الإلكترونية» التابعة للتنظيمات الإرهابية التي تلقت أوامر بذلك من قياداتها، بعد تكبدها «خسائر فادحة»، نتيجة عدم تحقيق تلك «الجيوش الافتراضية» أهداف التنظيمات في التوسع والاستقطاب والتحريض والحشد. فيما تتجه التنظيمات إلى تغيير سياسيتها في حربها الإعلامية عبر شبكات التواصل، هذا ما كشفه تقرير أخير أصدره المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، الذي أكد انحسار وجود التنظيمات الإرهابية والمحتوى المتطرف عبر موقع التواصل الأشهر «تويتر» خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة . وأشار المركز إلى أن هذا الانحسار جاء بعد سنوات من تحويل مواقع التواصل إلى «ساحة حرب إلكترونية»، تقودها جيوش افتراضية من داخل التنظيمات الإرهابية، بهدف التوسع والاستقطاب، ونشر «الانتصارات الوهمية» غير الموجودة على أرض الواقع، إضافة إلى محاولات التوسع على شبكات التواصل الاجتماعي. ووفق تقرير أخير صدر ضمن سلسلة التطرف في شبكات التواصل الذي أطلقه «اعتدال» الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع عدد من قادة العالم، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أيار (مايو) من العام 2017، أكد المركز انخفاض معدل المحتوى المتطرف على مواقع التواصل، إضافة إلى تغيير التنظيمات المتطرفة استراتيجيتها في استغلال هذه المواقع . وأظهر التقرير تغير أسلوب التنظيمات المتطرفة على مواقع التواصل، مشيراً إلى أن ذلك تم الكشف عنه بعد مراقبة ورصد الحسابات التابعة لتلك التنظيمات، واصفاً ذلك ب «التغير اللافت». وكشف المركز عن أهم التغيرات التي برزت على أسلوب وطريقة العناصر الإرهابية في المشاركة، ونشر المحتوى على «تويتر»، مشيراً إلى رصد أربعة تغيرات لافتة، أبرزها: «تناقص مقاطع العمليات الإرهابية في مناطق الصراع، وذلك بعد سنوات من محاولة تكثيف نشر تلك المقاطع، بهدف نشر الانتصارات الوهمية». ورصد المركز تركيز التنظيمات المتطرفة على نشر بيانات قديمة، من دون تحديثها. وكشف «اعتدال» عن اتجاه التنظيمات إلى استخدام الأسماء المستعارة غير الدينية، على غير ما اعتادت عليه التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى وضع صور نمطية للحسابات الشخصية، مع غيابٍ ملحوظٍ لأيِّ محتوى يشرح أوضاعهم الحالية. التنظيمات الإرهابية التي حولت كل من «تويتر» و «تيليغرام» و «يوتيوب» وباقي المنصات إلى ساحة حرب إلكترونية، بهدف كسب الأضواء، تكبدت خسائر فادحة في صفوف جيوشها الإلكترونية، نتيجة الوعي الأمني بحقيقة تلك التنظيمات، ما أدى إلى انسحاب تلك الجيوش بعدما تبنته تنظيمات إرهابية، أبرزها «داعش». وكشفت دراسة أخيرة للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، عن ممارسة التنظيم الأكثر وحشية «داعش»، والذي أعلن خلافته المزعومة في 29 حزيران (يونيو) 2014، نشاطاً متزايداً على شبكات التواصل مقارنة في تنظيمي «حزب الله» و «القاعدة» المنافسين في نشر المحتوى المتطرف. 23 عاماً من الإرهاب الإلكتروني من «قاعدة الجهاد» إلى «داعش» ورث «داعش» استراتيجيته في الحشد عبر شبكات التواصل من التنظيم الإرهابي الأم «قاعدة الجهاد»، فيما دخلت الجماعات الإرهابية عالم الإنترنت في شكل فردي، من خلال استخدام خدمة البريد الإلكتروني العام 1995، استناداً إلى ما ذكرته حملة «السكينة»، وفي العام 1997 تم إنشاء أول جماعة «جهادية». وفي 1999 انطلق «الجهاد الإلكتروني» وفق ما أسموه، من خلال الطلاب المتعاطفين، وأنشأ «القاعدة» أول موقع له في العام 2000. أما في 2003 فحدث تحول لدى «القاعدة»، إثر إطلاق المواقع الإلكترونية من داخل المملكة. والتحول الكبير لعملها كان في العام 2004 مع انطلاقة «فايسبوك»، وتطور مع «الطائر الأزرق» موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر»، وذلك في العام 2006، حتى استطاع استقطاب 30 ألف إرهابي من 100 دولة، للانضمام إلى مناطق الصراع في سورية والعراق، وتشجع المتعاطفين على ارتكاب أنشطة إرهابية في بلدانهم، وفق تقرير صادر من الأممالمتحدة. وفي العام 2015 تم استخدام برانامج «تليغرام».