بروكسيل، لندن - أ ف ب، رويترز – أنهت منطقة اليورو هذا الأسبوع الذي حمل أخطاراً كثيرة، على بعض التفاؤل، مع إعلان نتائج اختبارات ناجحة لمقاومة المصارف الذي كان مقرراً منذ فترة طويلة، والدعوة إلى قمة استثنائية في 21 الجاري، خلص إليها القادة الأوروبيون بعد أيام من المشاورات، بهدف وقف عدوى الأزمة المالية. وحسم رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي المسألة بإعلان عقد القمة، لمناقشة ازمة الديون ومساعدة اليونان، موضحاً أن «جدول الأعمال سيتضمن الاستقرار المالي في منطقة اليورو ومستقبل تمويل برنامج مساعدة اليونان». ويوحي قرار رئيس الاتحاد الاوروبي بتحديد موعد القمة، بأن دول المنطقة باتت قريبة من التوصل إلى اتفاق لتجاوز خلافاتها لتجنيب اليونان الإفلاس، خصوصاً طريقة إشراك المصارف والمؤسسات الخاصة في خطة منحها قروضاً، كما تريد ألمانيا. واعتبر وزير المال البلجيكي ديدييه رينديرز في تصريح إلى «وكالة فرانس برس»، أن «الصعوبة لا تكمن في إيجاد الأموال، إذ لا مشكلة لدول منطقة اليورو أياً كانت عشرات البلايين من اليورو الواجب ضمانها». ولفت إلى أن «المشكلة تتمثل في الجدل حول مشاركة القطاع الخاص»، مؤكداً «وضع الخطوط العريضة لخطة المساعدة الجديدة المقدرة قيمتها بحوالى 110 بلايين يورو». وينقسم الأوروبيون منذ أسابيع حول هذه المسألة التي تبدو تقنية لكن طابعها سياسي. وتريد ألمانيا أن تقدم المصارف الدائنة لليونان المساعدة حتى لا تثير غضب الرأي العام الذي تعب من دفع أموال لجيرانه الأوروبيين. وينطوي هذا الموقف فعلياً على خطر عجز أثينا عن تسديد دفعاتها، وهو احتمال يثير قلق البنك المركزي الأوروبي وباريس ومدريد. وكشف مصدر قريب من المفاوضات، عن «تحقيق تقدم كبير»، حول النقاط التي تثير جدلاً، «لكن بقي لدينا عمل يجب إنجازه». وكانت برلين مصرّة على التقدم في شكل واضح حول هذه النقطة الخلافية قبل التفكير في اجتماع على أعلى مستوى. وكانت الهيئة المصرفية الأوروبية، اعلنت أن «ثمانية مصارف فقط من أصل 91 خضعت لاختبارات المقاومة للتحقق من متانتها في حال حصول صدمة اقتصادية، فشلت في الاختبارات». وتُعتبر هذه الأرقام أفضل بقليل مما كانت تنتظره الأسواق التي كانت تتوقع فشل ما بين 10 الى 15 مصرفاً في الاختبار. ورأى رينديرز أن هذه النتائج «ستؤدي الى انفراج، لأن المحللين رحبوا بها». والمصارف التي فشلت في الاختبار هي خمسة إسبانية واثنان في اليونان، وآخر نمسوي، بينما اجتازت مصارف ايطاليا وفرنسا وإرلندا والبرتغال والدول الاسكندينافية وبريطانيا الاختبار بنجاح. وتجاوز الاختبار في ألمانيا 12 مصرفاً من 13، وسُحب المصرف الاخير وهو «بنك هيلابا»، من القائمة بعد اعتراضه على منهجية الاختبار. وتمثل المصارف التي خضعت للاختبار في 21 بلداً 65 في المئة من المصارف الأوروبية. وتهدف الاختبارات إلى معرفة مدى قدرتها على اجتياز مرحلة انكماش تمتد سنتين. وشارك من اسبانيا 25 مصرفاً، ومن المانيا 13 ومن اليونان ستة مصارف. وأُجريت الاختبارات تحت رقابة شديدة بعد اختبار أول العام الماضي كان أثار استياء، لأنه لم يكشف الثغرات في النظام المالي الإرلندي الذي انهار بعيد ذلك. وكان يجب على المصارف للنجاح في الاختبار، أن تبرهن أن السيولة التي تملكها تزيد فعلياً على 5 في المئة في كل الظروف المفترضة. وأكدت السلطة المصرفية الأوروبية، أن هذه الاختبارات «جرت في شكل صارم ومتجانس»، ولو أن الشروط المرتبطة بالأزمة «تغيرت الى حد كبير» في الأسابيع الأخيرة. لكن المحلل لدى «جيه بي مورغان» كيان أبو حسين، رأى أن «اختبار سلامة أشد صرامة كان سيكشف عن عجز في رؤوس أموال المصارف قيمته 80 بليون يورو (113 بليون دولار) أي أكثر من 30 ضعف الحجم المطلوب في اختبار رسمي». وأوضح في مذكرة، أن «20 مصرفاً كبيراً كانت ستفشل في اجتياز اختبار أكثر صرامة بناء على البيانات التي قدمتها في الاختبار الرسمي، ولم يكن أي من المصارف البريطانية والفرنسية والألمانية سيستوفي المعايير المطلوبة». وتعرضت الاختبارات الرسمية لانتقادات، لأنها لم تتضمن خفض قيمة حيازات سندات سيادية في دفاتر المصارف، ولانخفاض درجة النجاح المقررة. واعتبر أبو حسين، أن «اختبار التحمل الثاني هو فرصة جديدة ضائعة على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتشجيع المصارف على زيادة رأس المال، لأن نسب «بازل - 3» تظل منخفضة». وأفادت حسابات «رويترز»، بأن المصارف الأوروبية ستحتاج إلى 41 بليون يورو لإبقاء نسبة رأس المال الأساس فوق 7 في المئة، بدلاً من 5 في المئة الكافية لاجتياز الاختبار الرسمي. ولفت «جيه بي مورغان» إلى أن «أوجه القصور تلك تجعل النتائج محدودة الفائدة ولو كان الاختبار أتاح قدراً أكبر من البيانات والشفافية عما كان متاحاً في السابق، ما يسمح للمحللين باختبار 27 مصرفاً باستخدام معايير أشد صرامة تتضمن خفض قيمة التعرض السيادي في دفاتر المصارف، ودرجة نجاح عند 7 في المئة لنسبة رأس المال الأساس». وأوضح أبو حسين، أن المصارف المختبرة «كانت ستظهر عجزاً قيمته 80 بليون يورو في رأس المال، منه 25 بليوناً للمصارف البريطانية و20 بليوناً للفرنسية و14 بليوناً للبنوك للألمانية و9 بلايين للايطالية و4 بلايين للإسبانية ومثلها للبرتغالية و 4.5 بليون للمصارف النمسوية».