عرض مركز "سبان" لابحاث الشرق الاوسط في واشنطن نتائج بحث حول احراز تسوية بين اسرائيل وحماس ، اشرف عليه مدير المركز دانيال بايمان وقيادي سابق في جهاز الاستخبارات الاسرائيلية. الباحثان يحسمان ان تجاهل ضرورة التوصل الى تسوية بين اسرائيل وحماس وتاجيلها تعرض مصالح اسرائيل والولاياتالمتحدة للخطر، في وقت شدد البحث انه لا يمكن التوصل الى اتفاق مع السلطة الفلسطينية من دون تسوية. البحث يستعرض ثمانية سيناريوهات للتعامل مع حماس ومخاطر كل سيناريو ويؤكد انه من الصعب القول ان احد هذه السيناريوهات مثالي لكنه بالامكان الدمج بين عدد منها. والسيناريوهات التي يعرضها البحث تبدا في تسوية ضرورية بين حماس واسرائيل وتنتهي باعادة احتلال غزة وتوجيه ضربة عسكرية قوية ضد حماس. في السيناريو الاول يقترح الباحثان هدنة بين حماس واسرائيل باشراف امريكي . في الهدنة تحظى حماس بالشرعية الدولية وابراز قدرتها على الحكم وبالتالي توقف اسرائيل ضغطها على حماس وتضمن الهدوء على طول حدودها ومن جهة ثانية تتخلص من الانتقادات الدولية الموجهة لها تجاه حصارها لغزة. البحث يوضح ان سيناريو كهذا ليس سهلا وتكمن فيه مخاطر امنية من حيث استغلال حماس للهدنة لتعزيز قدراتها العسكرية ومن جهة ثانية فان تسوية مع حماس قد تعرقل اقتراح الدولتين لشعبين لانها ستؤكد هوية غزة وتؤدي الى فصلها عن الضفة. وفي هذا السيناريو يرى معدا البحث انه سيعزز المعتدلين في غزة لكنه في الوقت نفسه سيضر بما اسماها الباحثان " شيفرة حماس الجينية وتضائل الاستثمارات الايرانية في المنظمة". لم يوضح الباحثان اذا كان ادراجهما التسوية بين اسرائيل وحماس في اولى السيناريوهات تعبيرا عن رغبتهما بهذا الحل انما يوضحان من خلال السيناريوهات الاخرى ان هذا الحل هو الاقل خسارة فيما البقية تكلف الطرفين ، خاصة اسرائيل، ثمنا باهظا. في السيناريوهات الاخرى يقترح الباحثان: - احتلال القطاع من جديد. بحيث يتم الاستيلاء على جزء من القطاع أو كله، ما يمكن الجيش الاسرائيلي من وقف القذائف الصاروخية قبل أن تطلق، ومن وقف وقتل نشطاء عسكريين وهدم البنية التحتية العسكرية لحماس والمنظمات الاخرى. في هذا السيناريو اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا من قتلى وجرحى ولن تنتهي المعارك في وقت قصير وخلالها ستعمل حماس على اسقاط محمود عباس . في نتيجة ذلك لن يكون للسلطة أي امكانية لاجراء مفاوضات فيما يلحق اسرائيل ضرر سياسي في صعيد علاقاتها مع الولاياتالمتحدة والجماعة الدولية. - توجيه ضربة عسكرية محدودة على غزة بهدف تدمير قدرة حماس الصاروخية واصابة القادة والنشطاء العسكريين، لكنه في زعم الباحثين لن يُسهم بشيء لان حماس قادرة على تحسين قدراتها تحت الهجمات الاسرائيلية ايضا. والى ذلك سيوجب الهجوم على حماس أن ترد باطلاق النار من اجل البقاء السياسي. وستتهم اسرائيل في المقابل باصابة مدنيين وتتضرر من جهة صورتها وضررا سياسيا. - عزل القطاع: ويشكل هذا السيناريو الوضع الراهن في القطاع لكن البحث يضيف توجيه ضربات عسكرية محدودة. وبحسب البحث فان الحصار الجزئي الذي تفرضه اسرائيل على القطاع في الجو والبحر والقيود على المعابر البرية تخفض قدرة حماس العسكرية ولا تُمكّن الاقتصاد في غزة من النمو وتضر بشعبية حماس في الشارع الغزي. ومن جهة ثانية، كما يرى الباحثان، توجد للحصار ايضا جوانب سلبية من جهة اسرائيل: فهو يعزز مكانة حماس إزاء خصومها في المجتمع الفلسطيني، ويزيد من تعلق المنظمة بايران ، ويتهمون بنيامين نتنياهو في القطاع لا اسماعيل هنية بوضعهم الاقتصادي البائس. والى ذلك يزيد الحصار النقد الدولي على اسرائيل في الشأن الانساني. في بقية السيناريوهات التي يقترحها الباحثان هناك افكاراً غير تقليدية كاقتراح ثلاث دول لشعبين بحيث تجري اسرائيل مفاوضات مع حماس ومع أبو مازن في انشاء فعلي لدولتين فلسطينيتين في حين أن مزايا هذا الحل ونقائصه تشبه الى حد ما هدنة طويلة. غير أن هذا الحل غير ممكن تقريبا في الظروف الحالية: فحماس وأبو مازن لن يبدآ تفاوضا خشية أن يتم اتهامهما باهمال فكرة فلسطين الموحدة. والتجربة الاخيرة لتوحيد الصفوف تكاد تقضي تماما على احتمال تنفيذ هذا النموذج. - الاستبدال بحماس. تستطيع اسرائيل بمساعدة اميركية أن تبذل جهدا وأن تفضي الى انهاء حكم حماس باجراء عسكري، لكنه لن يكون لقيادة فلسطينية تتولى الحكم "فوق حراب" اسرائيلية شرعية على الارض وسيعيد اجراء ديمقراطي بالانتخابات حماس الى السلطة. حتى ذلك الحين سيكون هذا النظام عسكريا مستبدا مخالفا للاجراءات التي تحدث في المحيط، وليس له أي احتمال أن يبقى. ستكون تلك دعوة الى الاضطراب وستزداد العمليات المضادة لاسرائيل حدة. - مسؤولية دولية. الفكرة هي أن تتولى الاممالمتحدة أو حلف شمال الاطلسي مسؤولية ادارية عن غزة، لكن الباحثين يقولان فورا إن حماس وجماعات اخرى ستعارض قوة من هذا القبيل، وتعمل في مواجهتها بنفس الوسائل التي عملت بها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. وستهاجم في المقابل اسرائيل لا من اجل أن تبرهن على الجهد الوطني المعادي للمحتل بل كي تورط اسرائيل مع الجهات الدولية. - الرزمة الاقتصادية. تغرق الجماعة الدولية غزة بمساعدة اقتصادية تجبر حماس على أن تدرك ماذا ستخسر اذا استمرت في العمل المضاد لاسرائيل. لكنه يصعب اليوم تجنيد كمية موارد كبيرة لغزة. يحجم القطاع الخاص عن الاستثمار هناك، والدول العربية لا تفي أصلا بالتزاماتها المالية للقطاع، والازمة الاقتصادية العالمية لا تساعد ايضاً.