ينقل مسؤولون في محطة «أي بي سي» الأميركية أن قرار إنتاج موسم جديد من المسلسل الكوميدي الأميركي المعروف «روزان»، تم في اجتماع للمحطة بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة، إذ كانت القناة الأميركية- مثل غيرها من وسائل الإعلام العملاقة في البلد- قد بدأت في مراجعات ذاتية عن أدائها، بعدما كشف فوز ترامب، الفجوة الشاسعة بين الإعلام التقليدي الليبرالي وجمع غفير من الأميركيين الذين يعتبرون أنفسهم مهمشين في بلدهم وعلى وسائل إعلامهم، والذين انتقموا من المؤسسات القائمة باختيار ترامب. ما حدث بعد عرض الحلقات الأولى من مسلسل «روزان»، بيَّن وإلى حد كبير أن هناك طبقة اجتماعية أميركية لا تجد نفسها في السواد الأعظم من الأعمال التلفزيونية التي تعرض على القنوات العملاقة، فالحلقة الأولى من المسلسل جذبت 29.4 مليون مشاهد (المجموع الكلي لمشاهدي المسلسل سواء عبر عرضه المباشر، وبعدها عبر خدمات المشاهدة وفق الطلب)، جلَّهم من مدن وسط أميركا، من التي لا تختلف في ظروفها عن ظروف عائلة «كونير» في المسلسل. صحيح أن الحلقة الثالثة شهدت تراجعاً في عدد المشاهدين (15.2 مليون مشاهد في عرضه المباشر)، لكن المسلسل ما زال يحافظ على مكانة مرتفعة كثيراً في زمن التشظي الإعلامي الذي تعيشه الولاياتالمتحدة، إذ من النادر أن يتعدى عدد مشاهدي أي برنامج شعبي عشرة ملايين مشاهد. لم يحاول الجزء الجديد من المسلسل أن يفسر أن العائلة التي يقدم يومياتها ما زالت على حالها، خصوصاً أن الموسم التاسع الأخير منه (عرض المسلسل بين عامي 1988-1997)، اختتم بوفاة زوج «روزان» «دان». هذا التفصيل لم يعد مهماً كثيراً عند المشرفين على الأجزاء الجديدة من المسلسلات القديمة التي تعود اليوم بكثافة إلى الشاشات التلفزيونية، إذ يبدو أن المعجبين بهذه المسلسلات لا يمانعون كثيراً، طالما تعود إليهم الشخصيات نفسها التي أحبوها وتعلقوا فيها عندما عرضت المسلسلات للمرة الأولى. تغيرت بعض التفاصيل في حياة عائلة «كونير» في الجزء الجديد من «روزان»، بيد أنها ما زالت تصارع الظروف الاقتصادية الصعبة، فالأمّ «روزان» تعمل في وظيفة متطلبة، وكذا «دان» الأب، فيما الابنة الكبرى للعائلة تفكر أن تؤجر رحمها لعائلة غنية من أجل المال، والابنة الصغرى عادت إلى بيت العائلة بعد انفصالها عن زوجها مع ابنة وصبي في العاشرة، والأخير مثير للجدل بسبب هويته الجنسية المتغيرة، والتي ستتحول إلى إحدى ثيمات الجزء الجديد من المسلسل. يضع المسلسل، الذي أثار كثيراً من الجدل في سنوات عرضه، يده في نار الأوضاع السياسية القائمة، إذ تكشف «روزان» في الدقائق الأول من الحلقة الأولى لأختها أنها انتخبت ترامب، وهو الأمر الذي سيثير غضب الأخت، التي اختارت المرشح الآخر. بيد أن المسلسل لا ينشغل كثيراً في السياسة، وكما يفعل نظيره «ويل وغريس» الذي عاد هو الآخر هذه السنة على قناة «أن بي سي»، وبعد عشر سنوات من عرض موسمه الأخير. أما الاحتقان العائلي، فما زال أحد مصادر الكوميديا في مسلسل «روزان»، إذ لا يجامل أفراد العائلة بعضهم، ويفصحون عن آرائهم بكل قسوة أحياناً، بيد أنه تحت طبقة القسوة تلك، هناك حب وحرص يجمعان شمل العائلة ويحفظانها من التشتت، بوجه الظروف الصعبة. يرتكز نجاح المسلسل على مجموعة من الممثلين والممثلات البارعين فيه، والذي وجد بعضهم شهرة سينمائية وتلفزيونية كبيرة بسبب المسلسل. في حين تشكل الممثلة ومؤلفة المسلسل روزان بار، التي تلعب دور «روزان»، الأساس المهم للعمل. اختارت بار بعد عرض المسلسل الأول، طريقاً مثيراً للجدل لحياتها، فرشحت نفسها لمنصب رئيس الولاياتالمتحدة وفشلت فشلاً ذريعاً، ثم بدأت مع عصر مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية نشاطاً إشكالياً تحريضياً ضد الفلسطينيين والعرب، ودعمت ترامب في حملته الانتخابية، لتكون واحدة من المشاهير القلة، الذين جاهروا بمساندتهم للرئيس الأميركي الحالي.