على الذين يقفون وراء صناعة مسلسلات اليوم الناجحة أن يفكروا مليّاً في الطرق التي ينهون بها المواسم الختامية من أعمالهم، وأن لا يغلقوا الأبواب تماماً بوجه احتمال إنتاج أجزاء جديدة من هذه الأعمال، والتي ربما تصل الى الشاشات بعد عقد وربما أكثر من نهاية عرضها. هذا ما يحدث اليوم مع العديد من المسلسلات التلفزيونية الغربية الناجحة، إذ بعدما انتهت تلك الأعمال بنهايات سعيدة غالباً، ومرَّت سنوات على عرضها الختامي، يعود بعضها اليوم، بأبطال الأعمال أنفسهم، ولتستكمل القصص ذاتها التي تناولتها في عرضها الأصلي. وبعدما شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة عرض أجزاء جديدة من مسلسلات أميركية ناجحة من عقد الثمانينات على خدمة «نتفليكس» التي اشترت حقوق العرض من القنوات الأميركية المالكة، يُعيد بعض القنوات الأميركية مسلسلاته الناجحة، فيعرض اليوم على قناة «أن بي سي» جزءاً جديداً من مسلسل «ويل وغريس» الذي انتهى عرضه قبل 11 عاماً، بالممثلين والممثلات أنفسهم، وليستكمل القصص ذاتها، على رغم أن المسلسل وفي حلقته الختامية وصل مع أبطاله الى خواتيم سعيدة. وفي اتجاه تقديم مسلسلات من الفترة الزمنية التي عرض فيها مسلسل «ويل وغريس»، أعلنت قناة «أي بي سي» الأميركية أنها ستقدم مسلسلاً من 8 حلقات يستكمل مسلسلها الناجح «روزان» (عرض بين عامي 1988 -1997)، من بطولة نجوم العمل الأصلي أنفسهم. في حين لم تكشف القناة عن أحداث الجزء الجديد، بخاصة أن المسلسل الأصلي انتهى بالعائلة الأميركية الفقيرة تفوز بجائزة يانصيب، لتنقلب حياتها بعد ذلك رأساً على عقب. تطول قائمة الأجزاء الجديدة من مسلسلات سابقة، والتي انتهى بعض القنوات الأميركية من تجهيزها، إذ إن هناك أجزاء جديدة من مسلسل «داينستي» الشهير، ومن مسلسل الخيال العلمي «ستارتيك»، مع جزء واحد على الأقل من مسلسل الأسطورة «شينا: الأميرة المحاربة». وهناك فيلمان تلفزيونيان يستكملان مسلسل قناة «أتش بي أو» الأميركية «ديدوود». كما ستشهد السنوات المقبلة عودة مجموعة كبيرة من برامج المسابقات التلفزيونية التي حصلت على شهرتها في عقد السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، وهناك أخبار مؤكدة عن تحويل بعض الأفلام السينمائية الشهيرة الى مسلسلات، أبرزها فيلم «مدرسة الروك»، و «روكي هورور بيكتيور شو» الذي وصل الى العرض على الشاشات الصغيرة، إذ حصلت قناة «فوكس» الأميركية على حقوق تحويل فيلم السبعينات الموسيقي الى مسلسل بدأ عرضه هذا الخريف. يُمكن تفسير هذه الظاهرة التلفزيونية بأنها رغبة من القنوات في الاستفادة من شعبية برامج ومسلسلات سابقة على أمل بأن تلاقي الأجزاء الجديدة من هذه الأعمال النجاح الذي حظيت به عندما عرضت في وقتها، بخاصة مع التنافس غير المسبوق اليوم بين القنوات التلفزيونية الغربية وشركات تجهيز الترفيه عبر الإنترنت للظفر باهتمام المشاهد. كما أن القنوات التلفزيونية تراهن على حنين الجمهور الأصلي الى مسلسلاته المفضلة بنجومها الأصليين، وهذا ما تفعله هذه القنوات، إذ إنها تحاول جاهدة أن تقنع أبطال الأعمال الأصلية بالعودة للعب الشخصيات نفسها، وبعد سنوات طويلة من توديعهم لتلك الأدوار. والحال أن نجاح أجزاء جديدة لمسلسلات سابقة في العامين الأخيرين (خصوصاً تلك التي عرضت على خدمة «نتفليكس») يشجع قنوات تلفزيونية على البحث في أرشيفها عن أعمال تملك العناصر الكافية التي تجعلها تخاطب جمهور اليوم، ولتحدد منذ البداية إذا كانت الأجزاء الجديدة من هذه الأعمال ستقدم أبطال الأعمال الأصلية، أم أنها تختار طريقاً آخر بتقديم المسلسلات تلك بنجوم جدد - بخاصة تلك التي تقدم مسلسلات الجريمة - كما يحدث اليوم مع بعض الأجزاء الجديدة من مسلسلات قديمة، حيث استبدل فريق التمثيل الأصلي بواحد جديد.