بذهول، تابع 20 طفلاً يابانياً، غمر الرز والدجاج في التراب، داخل حفرة عميقة. وبترقب دام 75 دقيقة، تابع الأطفال، إعداد وجبة المندي المشهورة في إحدى مدن الأحساء. وسجل الطبق الشعبي حضوره في نفوس اليابانيين، مسارعين إلى تسجيل الوصفة وطريقة إعدادها. وبدا هذا الطبق منافساً للوجبتين الأشهر في اليابان «السوشي»، و»الساشيمي»، ومختلفاً تماماً عن طريقة إعداد الرز الياباني، الذي يفتقر إلى أي إضافات، عدى سلقه في الماء. إلا أن المندي لفت الأنظار، لكمية البهارات المستخدمة، والإضافات التي أعطته طعماً خاصاً، وجعلته، بحسب المنظمين للرحلة، «محط اهتمام الوفد». وسجل الوفد إعجابه بطريقة المندي وطعمه «الغريب» بحسب تعبير بعضهم. وجاء ذلك خلال الجولة السياحية للمدرسة اليابانية في الرياض إلى محافظة الأحساء. وقال المنسق العام للمدرسة هيدينوري كاتوه: «إن الطلاب انبهروا بطريقة إعداد هذا الطبق، وكأنه سحر. فبمجرد غمره داخل الأرض؛ يخرج وجبة متكاملة، وبطعم مميز. ولم أكن أعلم من قبل بأن الرز يطبخ بهذه الطريقة». وتجاوزت شهرة «المندي الحساوي»، المحيط المحلي، لتصل إلى مدن مجاورة. ولا يكاد تخلو مزرعة في الأحساء من تنور، يُغمر في داخلها المندي، الذي أصبح الطبق الرئيس في الأعراس، بما فيها المهرجانات الجماعية. بعد أن أصبح جاذباً للضيوف، وذلك لطعمه «المميز». وعلى رغم التحذيرات الطبية من إمكانية تأثيره على الصحة العامة، نتيجة الدخان المتشبع الصادر من الجمر، وهو سر طعمه، إلا أن هذه التحذيرات إلى جانب أخرى، تؤكد خطورته على الشرايين، لم تجد آذانا مصغية. فلا يزال «المندي» يتربع على قائمة الأطباق الشعبية، إلى جانب «الهريس»، و»الرز الحساوي الأسمر»، و»المفلق». وقال منسق رحلة الأطفال اليابانيين كاتوه: «إن الطلاب قرؤوا كثيراً عن الأحساء. ومن هنا كان التنسيق لزيارتها والتعرف على معالمها السياحية والأثرية، للتعرف على تاريخها»، مضيفاً «أعددنا برنامجا يغطي معظم المواقع في الأحساء. وشارك في الرحلة 20 طالباً، وستة معلمين، وقفوا على روعة هذا المكان الطبيعي البسيط». ولم تكن المفاجأة بأقل من سابقتها، حين دخل الوفد الياباني إلى مغارات جبل القارة، الذي عاكس الجو الحار في الخارج، وحوله إلى تيارات باردة، وصل تأثيرها بسرعة إلى نفوس الطلاب، ليبدأ التصفيق، «تأكيداً على جمال الموقف» بحسب مترجم اللغة اليابانية المرافق للوفد صادق العلوي، الذي قال: «إن الأحساء غنية بالموارد السياحية المهمة، وأبرزها جبل القارة. وعلمت من الطلاب أنهم قرؤوا عن الجبل في شبكة الانترنت. لكن الوقوف أمامه شيء مختلف». واستمع الوفد باهتمام كبير إلى شرح مفصل عن تاريخ الجبل، وسبب اختلاف أجوائه عن الطقس في الخارج. ودارت حوارات حول إمكانية الاستفادة منه سياحياً. وأوضح العلوي، أن «الأطفال كانوا مبهورين جداً بتقاسيم الجبل الكبير، وسؤالهم المتكرر: لماذا الجبل بارد؟. وأما المشهد الآخر الذي استوقفهم، فعدد أشجار النخيل الكبير المحيطة في الجبل، والممتدة إلى أقصى مدى الرؤية. والكلمة التي عبروا عنها إنها «مشهد خلاب وغريب». وتضمنت الزيارة التي قدم لها المرشد السياحي عبد المحسن السبيعي، زيارة إلى قصر إبراهيم الأثري، والمدرسة الأميرية (المدرسة الأولى في الهفوف)، وسوق القيصرية. وعبر المنسق كاتوه، عن إعجابه ب «الهدوء والسكينة التي تتمتع بها المنطقة، بعيداً عن صخب المدينة»، مؤكداً على أن المنطقة «تملك مقومات سياحية جيدة، إذا ما تم الاعتناء فيها وتطويرها، لتكون جاذبة للسياح مستقبلاً. ولنا زيارة أخرى لها، فهي جاذبة جداً، وممتعة»، مضيفاً أن «هذه الزيارة كان المنظم الرسمي لها وكالة لمار للسياحة، والطاقم المرافق كان سبباً في إنجاحها».