أعرب حزب «الاتحاد الاشتراكي» المغربي عن «قلقه البالغ» إزاء ما وصفه ب «عودة سيناريوات الماضي» التي توجت حزباً سياسياً جديداً بغالبية ساحقة، في إشارة إلى «حزب الأصالة والمعاصرة» الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة القريب من الملك محمد السادس، وحاز المرتبة الأولى في الانتخابات البلدية الجمعة الماضي. وأصدرت قيادة «الاتحاد الاشتراكي» الذي يتزعمه وزير العدل عبدالواحد الراضي أمس بياناً سجلت فيه «خيبة أمل» إزاء هذه السيناريوهات التي وصفتها بأنها «ممارسة تعيد المغرب إلى الوراء وتعيق البناء الديموقراطي وتحكم على الحقل السياسي بتكرار تجارب نعرف جميعاً ما أضاعته على البلاد من فرص الإصلاح والتقدم». وعبّر الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي عن «رفضه الكامل للعودة إلى أساليب الماضي»، في إشارة إلى ضلوع السلطة في الماضي في تشكيل أحزاب سياسية كانت فصائل المعارضة تصفها ب «أحزاب الإدارة» التي تولد وفي فمها ملاعق من ذهب. ودعا قواعده إلى ممارسة النقد والنقد الذاتي لتقويم التجربة واستخلاص المواقف السياسية. ورجحت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن يدعو الحزب إلى اجتماع مجلسه الوطني لاتخاذ قرارات إزاء هذه التطورات، لكنها لن تصل حد الانسحاب من الحكومة والعودة إلى صفوف المعارضة، خصوصاً ان انتخابات البلديات لا تؤثر في التحالفات السياسية داخل الغالبية النيابية. وكان الحزب شهد نقاشاً سياسياً ساخناً بعد الانتخابات التشريعية في العام 2007، إثر تراجعه الى الصفوف الخلفية، فيما اعتبر الراضي نتائج البلديات «مشجعة وتبعث على الارتياح». ودعت تيارات راديكالية داخل الحزب إلى العودة إلى المعارضة، غير أن القيادة أصرت على استمرار تحالفاتها مع فصائل الحركة الديموقراطية داخل الحكومة. إلى ذلك، اعتبر الأمين العام ل «الأصالة والمعاصرة» محمد الشيخ بيدالله موقف «الاتحاد الاشتراكي» بمثابة «تهجمات لا تتطلب رداً». وقال في مؤتمر صحافي في الرباط أمس، إن «هذه التهجمات» تعرض لها حزبه منذ إعلان وجوده، «لكننا نرد عليها بالعمل من دون الدخول في معارك». واستبعد إقامة تحالفات بين حزبه وحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، «من منطلق خلافات جوهرية»، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام بعض منتسبيه لإقامة تحالفات تقتضيها الظروف والمعطيات في بعض المدن. وأعلن بيدالله طرد مترشحين فائزين «لم ينضبطوا بقرار الحزب في اختيار حلفائه» لانتخاب رؤساء مجالس وعُمد المدن. ولفت إلى أن حزبه سيرشح السيدة فاطمة الزهراء المنصوري لمنصب عمدة في مراكش «كي تكون أول امرأة مغربية تحتل هذه المسؤولية». وقال إن الحزب قدم أكثر من 30 شكوى إلى وزارة الداخلية «تعرض إلى تجاوزات شابت اقتراع الجمعة الماضي». ولاحظ مراقبون أنه بخلاف «الاتحاد الاشتراكي» الذي انتقد أجواء الانتخابات، خلص حليفه في الحكومة حزب «الاستقلال» إلى التعبير عن ارتياحه لحفاظه على موقعه في صدارة المشهد السياسي. ولم تحل خلافات زعيم «الاستقلال» رئيس الوزراء عباس الفاسي مع «الأصالة والمعاصرة» دون إقامة تحالفات في بعض المدن. غير أن الصراعات ما زالت محتدمة في الدارالبيضاءوالرباطومراكش وطنجة وسلا على حيازة عماداتها التي تؤشر إلى مراكز النفوذ السياسي. ويتوق «العدالة والتنمية» الذي خسر عمادة مكناس بعد إطاحة عبدالكريم بلكورة بقرار من وزارة الداخلية «نتيجة تجاوزات» إلى الفوز بعمادة الرباط. إذ أن تحالفه و «الاتحاد الاشتراكي» أصبح يؤهله لذلك، ما لم تحدث مفاجآت في اللحظة الأخيرة.