يواجه جنوب السودان الذي احتفل باستقلاله، تحديات لبناء اقتصادٍ قوي ومستقر كسند للأمن الغذائي وموارد الرزق لسكانه. وتتأهب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، الناشطة في الجنوب السوداني فعلياً لمساعدة أحدث بلدٍ يعلن استقلاله في العالم، لبناء قطاعٍ زراعي متين ومستدام. ورصدت المنظمة في إطار خطة للمساعدة الموقتة مبلغ 50 مليون دولار، لبناء القدرات في مكاتب الإرشاد الزراعي سواء الوزارية أو الخاضعة لسلطات الولايات، والتوسُّط لحسم النزاعات على موارد المياه، وتطوير قطاعٍ لإنتاج الماشية. وستساهم خطّة المساعدة الانتقالية في دعم برنامج التنمية الحكومية الجديد العام في الجنوب السوداني. وتتضمّن الخطّة الانتقالية ل «فاو» إنشاء قطاعٍ لإنتاج البذور، ودعم نشاطات إنتاج الغذاء في المناطق الحضرية وشبه الحضرية مع عودة أعدادٍ كبيرة من النازحين إلى العاصمة جوبا وغيرها من بلدات الجنوب السوداني، الذي يجب عليه الآن إنتاج أكبر كمياتٍ ممكنة من المواد الغذائية ذاتياً. وأكد رئيس مكتب المنظمة «فاو» في جنوب السودان جورج أوكيتش في بيان رسمي، أن «جنوب السودان غني جداً بمقياس الموارد الطبيعية، ومع اعتماد 95 في المئة من السكان على هذه الموارد للبقاء، ثمة إمكانات ضخمة ماثلةٌ للنمو المستدام من خلال الزراعة». وتدير «فاو» حالياً برنامج طوارئ لإعادة التأهيل بقيمة 61 مليون دولار في جنوب السودان، وساعد فعلياً 250 ألف شخص من العائدين والمشرَّدين داخلياً، مِمن فرّوا من مزارعهم خلال الصراع السابق، على استئناف العمل في الزراعة، ومُساندة الأسر الضعيفة التي تستضيف العائدين. ويتضمّن البرنامج تدريب الشباب في مدارس المُزارعين الحقلية وبناء القدرات الإدارية والمؤسسية. وفي موازاة ذلك، أجرت المنظمة، كجهدٍ إضافي لدعم هذه الدولة، عملية مسحٍ كثيف للغطاء الأرضي باستخدام تابع فضائيّ صناعيّ، كَشَف أن ما لا يتجاوز 4.5 في المئة من مجموع الرقعة الكليّة المتوافرة حالياً تُستخدَم في الزراعة. وتأكّدت هذه المعطيات لاحقاً من جانب الخبراء المحليّين باستخدام نظام تحديد المواقع العالم «جي بي أس»، ونُفِّذ هذا المسح بدعمٍ قيمته 20.6 مليون يورو في إطار برنامج الاتحاد الأوروبي باسم «القدرات المؤسسية للسودان: معلومات الأمن الغذائي للعمل». ويتمثّل الهدف الأساس من مسح الغطاء الأرضي، في الوقوف على توزيع معظم الأراضي الزراعية، إضافة إلى الموارد الطبيعية الأخرى بما في ذلك الغابات والمراعي والأنهار. وأوضح مسؤول مكتب المنظمة في جنوب السودان، أن «انطلاق قاعدة بيانات الغطاء الأرضي لم يكن ليأتي في وقتٍ أفضل لأمّة جنوب السودان الجديدة». ويُرسي المسح الذي يشكل أسلوباً جديداً في تطوير نظام لجمع البيانات الزراعية المحسّنة حجر الزاوية أيضاً لنظام جديد من مراقبة الموارد الطبيعية ويُعَدّ أداة مفيدة لرصد أمن الغذاء. وتعتزم «فاو» مناقشة خطتها الموقتة لمساعدة جنوب السودان، التي رُصِد لها حتى الآن 50 مليون دولار، مع الجهات المانحة مُجدداً في آب (أغسطس) المقبل، على أمل ضمان تمويل آخر لهذا الالتزام المهم. وتضمّ قائمة المانحين الاتحاد الأوروبي بما في ذلك جهاز المعونة الإنسانية والمدنية في المفوّضية الأوروبية، والصندوق الإنساني المشترك، وصندوق الأممالمتحدة المركزي لاستجابات الطوارئ، وفرنسا وسويسرا وكندا وإسبانيا.