حضر الوضع الأمني في ليبيا في نقاشات أجراها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في الجزائر أمس، في موازاة نفي جزائري قاطع لمضمون تقارير عن مشاركة قوات عسكرية جزائرية في مهمة لمكافحة الإرهاب داخل الأراضي الليبية إلى جانب قوات فرنسية وأميركية. ووصل فابيوس إلى الجزائر أمس، على رأس وفد مهم، ضم برلمانيين ومسؤولين بارزين في وزارة الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية، إضافة إلى حوالى 20 رجل أعمال. وأشارت الخارجية الجزائرية إلى أن المحادثات تشمل الاتفاق الثنائي المتعلق بتأسيس لجنة حكومية مشتركة رفيعة المستوى والذي أبرمه البلدان في كانون الأول (ديسمبر) 2013. وينص الاتفاق أيضاً على إقامة حوار سياسي منتظم على مستوى رئيسي وزراء البلدين ووزيري الخارجية. لكن غالبية المراقبين لاحظت مسائل أخرى قد تكون أبرز نقاط الحوار بين الجزائر وفرنسا حالياً، وفي مقدمها الملف الأمني، في ضوء تقارير عن تنسيق عميق بين الجانبين في شأن مالي وليبيا. وأحرجت الحكومة الجزائرية معلومات عن تواجد قواتها في مالي في مهمة لمكافحة الإرهاب إلى جانب قوات فرنسية وأميركية. ولم تكذب الجزائر هذه المعلومات ولم تؤكدها رسمياً، غير أن مصدراً مسؤولاً في الخارجية الجزائرية أكد ل»الحياة» أن «الجزائر لا ترسل أبداً قوات خارج حدودها، وهذه عقيدة راسخة تلتزم بها الدولة بشكل صارم لا يحتمل أي استثناءات». وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلاسل ردّ على أسئلة نواب على هامش مناقشة مخطط عمل حكومته أخيراً، متهماً أطرافاً أجنبية لم يسمها بأنها «تدفع بالجزائر إلى التدخل في الشؤون الخارجية للآخرين». وقال: «لن يحصل ذلك أبداً»، مؤكداً أن الجيش الجزائري «لن يشارك في أي عمل عسكري خارج حدود البلاد». وعلى غير عادة، يغيب خلال محادثات المسؤولين الفرنسيين في الجزائر، ملف الماضي الاستعماري، في ما يشكل تحولاً في تعاطي الدولتين مع مطالب الاعتراف والاعتذار عن ممارسات الماضي. ويعتقد أن تفاهمات غير معلنة تمت في هذا السياق وأدت إلى اختفاء المطلب الجزائري بالاعتذار، منذ أن اعترف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمام نواب البرلمان الجزائري ب»المعاناة التي تسبب بها الاستعمار الفرنسي للجزائريين»، واصفاً إياه ب»المدمر والعنيف». وذكر هولاند في حينه أنه لم «يأت إلى الجزائر لتقديم اعتذار بل للبحث في المستقبل المشترك». وقال في زيارته الفريدة للجزائر إنه يعترف ب»المعاناة» التي تسبب فيها الاستعمار الفرنسي للشعب الجزائري، وأضاف في خطاب أمام نواب البرلمان الذين اجتمعوا في جلسة استثنائية في نادي الصنوبر غربي العاصمة، إن أحداث «سطيف وقالمة وخراطة ستبقى راسخة في ذاكرة الجزائريين وضميرهم»، لكنه لم يصل إلى حد تقديم اعتذار، مذكراً بأن الهدف من زيارته هو تعزيز العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية. وعلى رغم أن خطاب هولاند حينها جانب اعترافاً كاملاً ب»جرائم الاستعمار»، فانه قوبل بتصفيق حار من نواب البرلمان الذي تتشكل غالبيته المطلقة من أعضاء في «جبهة التحرير» التي قادت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.