في الجمعة الثانية ل «مسيرة العودة الكبرى»، شهد قطاع غزة يوماً دموياً استشهد فيه 7 فلسطينيين وجرح ألفٌ آخرون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، أحرق خلالها متظاهرون آلاف الإطارات التالفة، فأعادوا إلى الأذهان مشاهد من الانتفاضة الشعبية الأولى قبل 30 عاماً. بموازاة ذلك، غازل رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار «جماهير» حركة «فتح» بتأكيد مواصلة طريق الرئيس الشهيد ياسر عرفات. ومِثل الجمعة الماضية، تجمع آلاف الفلسطينيين عند المناطق الحدودية الخمس المخصصة لمسيرة وخيام العودة على طول السياج الحدودي شرق القطاع، وهتفوا «ع القدس رايحين، شهداء بالملايين»، وأشعلوا النار في آلاف إطارات السيارات التالفة، التي يُطلق عليها «كاوتشوك»، فتصاعدت سحبٌ كثيفة من الدخان الأسود، التي ستتلف، بحسب خبراء في البيئة، النباتات والمزروعات الخاصة بالمستوطنين، علاوة على المخاطر الصحية على اليهود أنفسهم. كما استخدموا المرايا لعكس أشعة الشمس والتشويش على الجنود. ولكن برغم أن المرايا وسحب الدخان الأسود الكثيفة حجبت رؤية جنود الاحتلال وقناصته، وشلّت قدرتهم على «قنص» الشبان وقتلهم، إلا أن ذلك لم يمنع ارتفاع عدد الشهداء أمس إلى 7 بينهم طفل، ونحو ألف جريح، علماً أن 20 استشهدوا الأسبوع الماضي وأصيب نحو 1400، بينهم 40 في حال الخطر. وقرر شبان متحمسون إضرام النار في الآلاف من إطارات السيارات التالفة في «جمعة الكاوتشوك»، تعبيراً عن غضبهم وسخطهم لقتل قوات الاحتلال الجمعة الماضي الشاب عبدالفتاح عبد النبي (19 عاماً) عمداً أثناء محاولته مساعدة رفيق له أرهقه الركض بعيداً من الحدود، وهو يحمل إطاراً غير مشتعل. واتسعت الفكرة وتدحرجت مثل كرة ثلج طوال الأسبوع الماضي، إذ عمد آلاف الشبان إلى جمع آلاف الإطارات من الورش الصغيرة، ونقلوها عصر الخميس في قوافل إلى المناطق الحدودية. وأبدى عشرات آلاف الشبان تصميماً على مواصلة «انتفاضة العودة»، التي انطلقت قبل أسبوع في الذكرى 42 ل «يوم الأرض»، وستصل ذروتها في الذكرى السبعين لنكبة فلسطين في 15 أيار (مايو) المقبل. وحافظ الشبان على الطابع الشعبي الجماهيري السلمي للاحتجاجات، وعلى الوحدة الوطنية من خلال رفع علم فلسطين فقط. ولم يسمحوا برفع أي علم إلى جانب علم فلسطين سوى علم الجزائر. وقال السنوار الذي شارك آلاف المحتجين أمس في «مخيم العودة» شرق مسقط رأسه مدينة خان يونس جنوب القطاع، إن مسيرات العودة «تعتبر حالة وطنية من المستوى الأول، ويجب الحفاظ عليها بأعلى درجة ممكنة». وغازل أنصار «فتح» وعرفات، قائلاً: «نسير على نهج الشهيد ياسر عرفات بموازنة الكفة ومقاومة العدو»، في رسالة ضمنية للرئيس محمود عباس الذي تؤكد «حماس» أنه يرفض إنهاء الانقسام والمصالحة معها. وشدد على أن «غزة لن تجوع، ولن تتخلى عن المشروع الوطني»، موجهاً تحذيراً شديداً لإسرائيل: «إذا انفجرنا سننفجر في وجه الاحتلال». ووجه رسالة إلى المجتمع الدولي قائلاً: «نحن على عهد المقاومة والتحرير، ونخرج اليوم لنقول للعالم أجمع إن غزة حرة، وسنخرج على مدار الأيام المقبلة، وسنفاجئ شعبنا، ولينتظروا زحفنا القريب». على صلة، اتهمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إسرائيل بقتل الفلسطينيين «عمداً» عبر «استخدام الأسلحة النارية» في «انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة».