في ظل أجواء توتر تسود البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة عشية تظاهرة ينظمها الفلسطينيون في القطاع اليوم، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن جيش الاحتلال سيلجأ إلى الأسلوب ذاته الذي اتبعه الجمعة الماضي لمنع الفلسطينيين من الاقتراب من السياج الحدودي «من أجل ضمان أجواء مريحة لمواطني إسرائيل في ختام عيد (الفصح العبري)». في غضون ذلك، سُجّل استنفار قوات كبيرة من الجيش والشرطة و «حرس الحدود» و «وحدات خاصة» لمواجهة التظاهرة التي تحمل عنوان: «جمعة الكاوتشوك» (إطارات السيارات)، ما أقلق مبعوث الأممالمتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف ودفعه إلى حضّ قوات الاحتلال على «ضبط النفس»، بالتزامن مع دعوته الفلسطينيين إلى «تجنب الاحتكاك» عند السياج الحدودي. وقال ليبرمان أمس، في مقابلة مع الإذاعة العبرية سبقت عقده جلسة لتقويم الأوضاع مع رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي ايزنكوت، إن «الجيش مستعد لمختلف السيناريوات المحتملة». وزاد: «نعرف ماذا نريد، نريد أن يحتفل الشعب في إسرائيل بالفصح بهدوء وأمن وتفاؤل». وأضاف: «سنمنع أي محاولة للمساس بالجنود، وفي الوقت ذاته بالمواطنين الأبرياء في الطرف الثاني من الحدود، لكن إذا حاول أي كان أن يختبرنا مرة أخرى، أو في حال حصلت استفزازات ومحاولات للمساس بالسيادة الإسرائيلية أو بجنودنا، سيكون ردّنا شديداً للغاية، بالضبط مثلما فعلنا الأسبوع الماضي». وتابع: «لا نية لدينا بالتراجع أو تغيير تعليمات إطلاق النار... لن نغير شيئاً... سنرد على أي استفزاز بقوة هائلة وبصرامة». وأشار إلى أن الجيش يتابع ما يحضّر الفلسطينيون للقيام به اليوم، و «جاهز لمواجهة أي استفزاز... لكنني أكرر دعوتي أهالي غزة جميعاً إلى عدم الوصول إلى السياج أو المواجهة مع الجيش أو المساس بالسيادة الإسرائيلية... وأعتقد أن الذين سيصلون هم أفراد الأذرع العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي». وقال إن التظاهرة ليست شعبية «إنما مسيرة إرهاب... لا نرى هناك عامة الشعب... بل فقط الذين يتلقون الرواتب من الحركتين وعائلاتهم المرغمة على المشاركة». وعزا ليبرمان تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع إلى «استثمار حماس مبلغ 260 مليون دولار» لإنتاج قذائف صاروخية بدلاً من صرفها على الصحة، إضافة إلى صرف مبلغ 15 مليون دولار على إحضار الناس إلى السياج الأمني. ورأى أن العامل الثاني لتدهور الوضع هو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) شخصياً «الذي قرر وقف تحويل المبالغ إلى القطاع وللموظفين هناك». وهاجم ليبرمان بعنف منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية بسبب دعوتها الجنود إلى رفض أوامر إطلاق النار على المتظاهرين الغزيين لانطوائها على مخالفة جنائية، ووصف المنظمة اليسارية ب «الطابور الخامس». وأضاف: «نتحدث عن مجموعة مرتزقة تعتاش على الأموال الأجنبية باعت الجنود وحق إسرائيل في العيش بسلام». وطالب وزيرة القضاء والمستشار القضائي للحكومة والنيابة العامة بمحاكمة قادة المنظمة، متوعداً بأن وزارة الدفاع تعدّ ملفاً يدين المنظمة بانتهاك القانون الإسرائيلي. وأفادت الإذاعة بأن الجيش يرصد منذ أيام قيام شبان فلسطينيين بجمع آلاف إطارات السيارات المطاطية بهدف إحراقها خلال التظاهرة للتشويش من خلال الدخان الكثيف على رؤية القناصة المكلفين إطلاق النار، علماً أنهم أطلقوا يوم الجمعة الماضي 650 رصاصة، وفق تحقيق داخلي للجيش، فضلاً عن مئات الطلقات المطاطية. ورصد الجيش مواصلة الشبان جمع المرايا لتعكس أشعة الشمس في عيون القناصة، كما رصد قيامهم برفع سواتر ترابية قرب السياج لحجب الرؤية الواضحة عن الجنود. وأعلنت الإذاعة أن منسق أعمال الحكومة في جيش الاحتلال، بعث برسالة إلى رئيس منظمة الصحة العالمية يحذره فيها من «حادث بيئي خطير» قد ينجم عن إحراق آلاف الإطارات المطاط. إلى ذلك (أ ف ب)، أعلنت وزارة الصحة في القطاع استشهاد فلسطيني في غارة جوية شنّتها طائرة استطلاع إسرائيلية فجر أمس، على الحدود الشرقية لمدينة غزة، في حين أعلن جيش الاحتلال أن إحدى طائراته استهدفت «إرهابياً مسلحاً على السياج الأمني». كما أعلنت الوزارة «استشهاد شادي حمدان الكاشف (34 سنة) من مدينة رفح متأثراً بجروح أصيب بها الجمعة الماضي»، ليرتفع بذلك عدد الشهداء إلى 20 منذ بدء «مسيرات العودة الكبرى»، إضافة إلى أكثر من 1500 جريح. في السياق، قدمت حركة «حماس» مبالغ مالية تتراوح بين 200 و3000 دولار أميركي إلى أهالي الشهداء والجرحى الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الاحتجاجات. وأوضح الناطق باسم «حماس» حازم قاسم في بيان، أن الحركة «ساندت عائلة كل شهيد بمبلغ 3000 دولار أميركي، وكل مصاب بجروح بليغة بمبلغ 500 دولار، وكل مصاب بجروح متوسطة بمبلغ 200 دولار، وذلك اعتماداً على تصنيف وزارة الصحة للجرحى». وقال إن الخطوة أتت «في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها شعبنا في قطاع غزة نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي». وأشار إلى أن «ما قدمته حماس يأتي في إطار مسؤولياتها المجتمعية والوطنية في تعزيز صمود شعبنا في نضاله للعودة والحرية وكسر الحصار». وتصدّرت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين خلال تظاهرهم إحياءً لذكرى «يوم الأرض» الجمعة الماضي، فاعليات مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي السابع والعشرين الذي عقد في مقر مجلس النواب المصري في القاهرة أمس، إذ دان المجتمعون الاعتداءات وطالبوا بفتح تحقيق دولي نزيه وعادل فيها، وسط تأكيدات على ضرورة العمل لإيجاد حل شامل للقضية عبر إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية.